انتعاش أسواق الأسهم يلبس المستثمرين المخضرمين ثوب الحذر
بغض النظر عما يخبرك به المؤمنون بنظرية المؤامرة، لا أحد يقوم بتوصيل رقاقة صغيرة إلى عقلك في مكتب التسجيل في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لضمان الانسجام التام في الأفكار.
من المحتمل أن الرقائق الدقيقة تم إدخالها هذا العام في - "جلوبال كولابوريشن فيليدج- ميتافيرس مدفوع بالغرض" - في أعلى الشارع الرئيس من مركز المؤتمرات، لكن مع الأسف، لم يسمح الجدول الزمني للمراسل هذا بالوقت لمعرفة ذلك.
مع ذلك، فإن توافق الآراء حول اتجاه الأسواق العالمية في الممرات المفروشة بالسجاد بشكل مريح في الاجتماع السنوي هذا الشهر كان مذهلا. باختصار، تفكير مديري الصناديق المتمرسين هو، لا تصدقوا الضجيج.
من المؤكد أن الأسواق بدأت 2023 على نحو مفعم بالحيوية، حيث حققت مكاسب نحو 6 في المائة في مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال العالمي قبل انتهاء كانون الثاني (يناير) الجاري. هذا يرفع المكاسب من أدنى نقطة لها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى نسبة مدهشة قدرها 20 في المائة.
هذه المرة ليست الأولى التي تغذيها الآمال في أن التضخم يبدو أنه قد توقف عن الغليان وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يفكر بالتالي في تقليص رفع أسعار الفائدة ثم التوقف، ثم حتى خفض أسعار الفائدة الذي عصف بكثير من عائدات مديري الصناديق في العام الماضي. تظهر أسواق العقود الآجلة أن المتداولين يتوقعون نسبة تقارب 20 في المائة من خفض أسعار الفائدة بحلول نهاية العام.
لمجرد أن هذه الرواية كانت خاطئة في عدة مناسبات منذ بداية 2022، فهي ليست خاطئة بالضرورة الآن. لكن كان من الصعب العثور على أي شخص يصدقها في جبال الألب السويسرية.
نيكولاي تانجين، رئيس صندوق النفط الضخم في النرويج البالغ 1.3 تريليون دولار، هو من بين المتشائمين. مع قليل من حديث الشمال الأوروربي الصريح، أخبرني أن ظروف السوق المتقلبة التي نشأت عن ضخ الأموال على مستوى العالم للتحفيز النقدي بعد أن ضربت جائحة كوفيد، قد جلبت كثيرا من "النتائج السيئة" إلى البورصات. قال إن أداء صندوق النفط في 2022 - انخفاض إجمالي يبلغ 14 في المائة - كان من أسوأ فتراته منذ إنشائه، لكنه كان سيصبح أسوأ لو لم يقرر تجنب بعض تلك الإدراجات الجديدة في الأسواق.
قال تانجين إن قدرا كبيرا من التشاؤم قد تلاشى الآن في الأسواق، لكن على المستثمرين أن يقبلوا أن الاحتياطي الفيدرالي قد يستأنف رفع أسعار الفائدة وأن هناك عوائد منخفضة حادة وطويلة وبطيئة في المستقبل.
مرة أخرى، مع أو دون الشريحة الدقيقة التي تتحكم في العقل، يتفق مديرو الصناديق الكبيرة على أن هذه نتيجة محتملة يتردد كثير من المستثمرين في قبولها. يعرف المستثمرون على نطاق واسع أن هذه المرة مختلفة، وأن 2022 علم الجميع أنهم لم يفهموا التضخم بعد كل ما حصل، وأن الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يظل متشددا لفترة أطول مما يمكنك الاستمرار في الاستمتاع بالملاءة المالية. مع ذلك، لا يزالون يكافحون للتخلص من العفوية التي تراكمت من الدورات السابقة.
قالت كارين كارنيول تامبور، كبيرة مسؤولي الاستثمار للاستدامة المشاركة في شركة بريدج ووتر أسوشييتس العملاقة لصناديق التحوط، "نحن نعتقد أننا نتحول من نوع بيئة كان موجودا منذ أكثر من 40 عاما. ونعتقد أننا ننتقل إلى بيئة يكون فيها التضخم أكثر تقلبا ورسوخا".
سيتطلب ذلك تشديد السياسة النقدية لفترة أطول، حتى على الرغم من الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد الحقيقي والوظائف.
قالت كارنيول تامبور، "مرت السوق بشهرين من الاعتقاد بأننا ربما نعود إلى طبيعتنا، لا تقلقوا بشأن ذلك. لكننا لا نعتقد أن هذا صحيح".
حقق صندوق بيور ألفا الرئيس لشركة بريدج ووتر مكاسب بلغت 9.5 في المائة العام الماضي، ما يتماشى تقريبا مع متوسط أدائه في المدى الطويل والأداء الذي لا يحلم فيه سوى مديري الأصول ذات المراكز الطويلة. كان من الممكن أن يكون الارتفاع أكبر لو اختارت "بريدج ووتر" القفز على متن صعود السوق في الربع الرابع. بدلا من ذلك، تمسكت برأيها بأن تأثير الزيادات الحادة بالفعل في أسعار الفائدة لم يظهر بعد وأن الأسواق تبدو وردية أكثر من اللازم.
جوناثان هاوسمان، كبير المديرين الإداريين في استراتيجية الاستثمار العالمي في خطة معاشات تقاعد المعلمين في أونتاريو البالغة قيمتها 250 مليار دولار، متفائل نسبيا. بالنسبة إلى خطة معاشات تقاعد المعلمين، تكمن الإجابة في محاولة النظر إلى ما وراء الإشارات المتضاربة قصيرة المدى والبحث عن رهانات أكثر ديمومة في أمثال البنية التحتية والعقارات. قد يبدو الأمر مملا وأساسيا، لكن السندات - سواء الخاصة بالشركات أو السيادية - هي أيضا احتمالات أكثر إغراء الآن جراء ارتفاع العوائد ومخاطر التخلف عن السداد التي ما زالت تبدو منخفضة.
لكنه اتفق مع الآخرين أيضا على أن المستثمرين يعملون بجد لإقناع أنفسهم بأن الأسواق في وضع التعافي. قال إن "الحالة المزاجية انفصامية. بين من هم أكثر معرفة، هناك شعور بأن المؤسسات - الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي - ستمر في هذا الوضع البغيض في المدى الطويل، ولن تسمح تلك المؤسسات للتضخم بالتمزق. قلبك يقول، "أعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام" لكن عقلك يقول "أعلم أن هؤلاء الرجال يلعبون من أجل البقاء".
مع اقتراب 2022 من نهايته، كان ينظر إلى فكرة أن محافظي البنوك المركزية يمكن أن يسحقوا انتعاش الأسواق هذا العام على أنها احتمالية ضئيلة ومخاطرة عالية التأثير. لكن من الواضح أن المستثمرين المتمرسين يأخذون هذا الاحتمال على محمل الجد. إذا كنت تندفع بتهور في هذا الاحتمال، فهذا سيكون كافيا لإيقافك مؤقتا.