كيف ينبغي شرح الاقتصاد للعامة؟

كيف ينبغي شرح الاقتصاد للعامة؟

الأسبوع الماضي، شعرت ببعض التعاطف تجاه جيريمي هانت، وزير الخزانة البريطاني، عندما سخر من محاولته شرح التضخم باستخدام فنجان قهوة وقلم أسود ذي حبر جاف ورأس مدبب. لقد نشرت بعض مقاطع الفيديو التوضيحية بنفسي على مر الأعوام، لذلك أعلم أنه من الصعب الحصول على النغمة الصحيحة.
تريد أن تبدو كما لو كنت تتحدث إلى صديق ذكي في المقهى، لكن في الحقيقة يبدو الأمر كما لو كنت تتحدث مع أطفال بدلا من ذلك. كما أعتقد أن جعل الاقتصاد أكثر قابلية للفهم هو جهد يستحق الثناء عليه، ولا سيما في الوقت الحالي. مع الأسف، كان مقطع فيديو هانت مثالا رائعا على ما لا يجب فعله.
لماذا يستحق الأمر محاولة شرح الاقتصاد بشكل أفضل؟ لأن المهنة تعاني ما يسميه أندي هالدين، كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في بنك إنجلترا، "عجزا مزدوجا"، في الفهم والثقة.
في دراسة استقصائية أجريت في المملكة المتحدة في 2019، قال 40 في المائة من المشاركين إنه أصبح من الصعب فهم الاقتصاد عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات مستنيرة للتصويت في الانتخابات والاستفتاءات. قال 14 في المائة فقط إن الأمر أصبح أسهل. كما وجدت دراسة متعمقة في 2020 أن كثيرا من أفراد الشعب البريطاني لا يعرفون مفاهيم مثل الناتج المحلي الإجمالي ولم يصدقوا الإحصاءات مثل معدل البطالة.
جزء من هذا مشكلة تتعلق بالترجمة. معظم المفاهيم الاقتصادية ليست معقدة، لكنها مصوغة بلغة غير منطقية لمن لا يتكلمها.
يستمر الخبراء الاقتصاديون في القول إن المملكة المتحدة لديها مشكلة مع ارتفاع "الخمول" الاقتصادي، مثلا، لكن كم من الناس يعرف أن هذه المجموعة تشمل الطلاب ومقدمي الرعاية؟ إذا قالت لي إحداهن إنني خاملة خلال إجازة أمومتي، كنت سأضربها. قد تكون عبارة "الأشخاص الذين لا يعملون أو يبحثون عن عمل" تسمية أسوأ لكنها أوضح بشكل هائل.
كان هناك مثال آخر الأسبوع الماضي، عندما أدت المجموعة نفسها من الإحصاءات إلى خبر بعنوان "ارتفاع الأجور في المملكة المتحدة بوتيرة شبه قياسية" من إحدى المؤسسات الإخبارية، و"تراجع الأجور بالقيمة الحقيقية في المملكة المتحدة بأسرع وتيرة خلال 20 عاما" من مؤسسة أخرى. كلاهما صحيح. لكن أحدهما ركز على الزيادة النقدية، والآخر على الأجور بعد أخذ التضخم في الحسبان. لكن يمكنك أن ترى سبب ارتباك الناس.
وجدت الدراسة التي أجريت في 2020 أن الناس لا يعرفون معنى المصطلحين "الاسمي" و"الحقيقي"، وبالتالي لا يثقون بهما. قال أحد المشاركين "سمعت عن مصطلح القيمة الحقيقية هذا. أسمعه باستمرار في الأخبار وما شابهها. لكنني أعتقد أنه مجرد تلاعب بالكلمات، إلى حد ما. لا أصدق هذه الأمور حقا".
إن سوء الفهم يولد عدم الثقة، وهو أمر يمكن للصحافيين مثلي أن يفعلوا كثيرا من الأمور لمعالجته. لكن السياسسين لا يساعدون عندما يحرفون الإحصائيات لتضليل المعلومات. رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، مثلا، تعرض إلى انتقادات من هيئة الإحصاء البريطانية العام الماضي لقوله إن عدد العاملين في الوظائف أكبر مما كان عليه عندما بدأت الجائحة. اختار الإشارة فقط إلى الموظفين بأجور مدفوعة "وهو رقم يتجاهل العاملين لحسابهم الخاص". إجمالا، كان عدد العاملين في الواقع أقل نحو 600 ألف شخص في ذلك الوقت.
الخبر السار هو أن هناك طرقا عملية لتحسين فهم العامة وثقتهم بالإحصاءات الاقتصادية. أجرت شركة بهيفيورال إنسايت تيم، المملوكة لمؤسسة نيستا للابتكار، تجربة حديثة مع مكتب الإحصاءات الوطنية أسفرت عنها نتائج واعدة.
قدم الباحثون إحصاءات سوق العمل بست طرق مختلفة لمشاركين مختلفين في الدراسة، ثم اختبروا استيعابهم. وجدت الدراسة أن اللغة الأبسط التي تربط الإحصائيات بأمثلة من العالم الحقيقي أدت إلى درجات فهم أفضل. هذا لا يعني "الاستخفاف"، في الواقع، يمكن أن تكون الزيادة في المعلومات مفيدة. النسخة التي تشرح كيف تم جمع الإحصائيات بالضبط دفعت الناس إلى الإبلاغ عن مستويات أعلى من الثقة.
كل هذا يعيدنا إلى هانت وأكواب قهوته. المشكلة الكبيرة لم تكن أنه كان متعاليا. كان السبب أنه ألقى باللوم على مجموعة من العوامل العالمية في ارتفاع التضخم، مثل الجائحة والأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ثم قال إن الحكومة ستخفض التضخم بمقدار النصف بحلول نهاية العام عبر سياسات مثل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية.
لكن هذه السياسات ستستغرق أعواما حتى يكون لها تأثير. في الحقيقة، من المقرر أن ينخفض التضخم إلى النصف بحلول نهاية العام على أي حال - يتوقع مكتب مسؤولية الميزانية أن يكون التضخم عند نحو 3.8 في المائة في الربع الرابع.
هذه دعاية تتنكر في صورة تفسيرية - من نوع الأشياء التي تجعل العامة أكثر انزعاجا وارتيابا. يمكن لأي شخص أن يرى الخلل في قصة لا تقبل أيا من اللوم على ارتفاع التضخم فحسب، بل تدعي كل الفضل في تراجعه. لست بحاجة إلى أن تكون خبيرا اقتصاديا لتعرف متى يتم استغفالك.

الأكثر قراءة