23.97 مليار ريال تداولات سوق أدوات الدخل الثابت السعودية في 2022 .. تراجعت 60 %
بلغت تداولات سوق أدوات الدخل الثابت السعودية خلال العام الماضي 23.97 مليار ريال، مسجلة انخفاضا بنحو 60 في المائة مقارنة بـ2021.
غير أن ما لفت أنظار المراقبين هو استحواذ الصفقات التي تم تنفيذها في ديسمبر وحده على نحو 67 في المائة من صفقات سوق الدين عن كامل عام 2022.
ويعود سبب ذلك إلى تداولات الأفراد على صكوك أحد المصارف السعودية المدرجة في سوق الأسهم.
وتعني تلك المؤشرات أن وجود هذه الصكوك في السوق السعودية سيكون من الأحداث التحولية، لكونها ستسهم في زيادة أعداد الصفقات المنفذة اليومية وترفع من أحجام التداولات.
وتم تداول 7882 صفقة في ديسمبر مقابل 11594 صفقة خلال بقية العام الماضي في سوق الدين المحلية الحاضنة لإصدارات السندات والصكوك.
يذكر أنه لأول مرة تمت تداولات لـ11 شركة وساطة دفعة واحدة خلال ديسمبر.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن عام 2022 شهد أدنى تداولات سنوية لسوق الدين منذ أربعة أعوام، غير أنه أعلى عام في تاريخ السوق من حيث اجمالي الصفقات المنفذة بين المتعاملين.
من جانب آخر، كشفت، بيانات القيمة الاسمية المتداولة للسندات والصكوك، أن الصفقات خلال عام 2022 قد تم تنفيذها بخصم يصل إلى 3.3 في المائة عن القيمة الاسمية.
وينتظر المتعاملون في سوق الدين مشاهدة الصفقات المزمع تنفيذها عبر خمسة متعاملين دوليين -بينها ثلاثة مصارف من وول ستريت- بعد أن تم تعيينهم في أوائل أكتوبر 2022 بصفة رسمية.
التداولات اليومية
سجلت سوق الدين السعودية انخفاضات ملحوظة في أحجام التداولات اليومية، بعد وصول المعدل المتوسط إلى 96 مليون ريال.
وهذا يعادل نسبة انخفاض في أحجام التداولات اليومية بنحو 61 في المائة مقارنة بإجمالي متوسط التداولات عن كامل عام 2021 الذي بلغ 246 مليون ريال، بعد استثناء الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية.
وشهدت السوق خلال 2022 دخول ثلاث شركات وساطة جديدة، لترتفع بذلك أعداد شركات الوساطة من 14 إلى 17 شركة نشطة في أسواق الدخل الثابت الثانوية.
وبذلك نمت أعداد شركات الوساطة التي انجذبت إلى تداولات أسواق الدخل الثابت 21 في المائة بعد دخول الشركات الجديدة التي تنشط في إدارة صناديق استثمارية خلال 2022.
سندات الخزانة والترقية
لا تستفيد سوق الدين كثيرا من ارتفاع أسعار النفط مقارنة بسوق الأسهم، بسبب حساسية تحركات العائد للسندات الأمريكية. وتقدم سوق الدين حاليا فرصة متميزة للاستثمار الآمن "طويل الأجل" في ظل تداول بعض الصكوك دون قيمتها الاسمية.
وأسهم الارتفاع القياسي لعوائد الخزانة الأمريكية في بعض فترات العام الماضي في مفاجأة المتداولين في السوق، وسط رؤية بعض الصكوك الحكومية المدرجة تتداول دون قيمتها الاسمية.
وتتأثر عوائد الإصدارات الحكومية للسعودية بما يجري مع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث إن هناك "علاقة عكسية" بين ارتفاع أسعار السندات وانخفاض العائد.
وأسهم انخفاض أسعار أدوات الدين المحلية في جعل معظم المستثمرين -خلال الفترة الماضية- يتمسكون بأوراقهم المالية بدلا من بيعها دون قيمتها الاسمية والاستفادة من التوزيعات الدورية الثابتة ريثما تتحسن ظروف السوق. غير أن بيانات السوق تفيد بأن المستثمرين الذين نفذوا صفقات بيع في 2022 قد أجروها دون القيمة الاسمية، لاحتياجهم إلى السيولة.
يذكر أن سوق الدين قد بلغت ذروتها من حيث إجمالي التداولات السنوية في 2020 حين وصلت إلى 75 مليار دولار. وأنهت السوق عام 2021 بتداولات على السندات والصكوك المدرجة بقيمة إجمالية بلغت 60.57 مليار ريال و23.97 مليار ريال عن عام 2022.
جهود زيادة أحجام التداول
يذكر أنه خلال منتصف أكتوبر 2021 طالب مجلس الشورى المركز الوطني لإدارة الدين العام بدراسة أسباب عزوف بعض البنوك المحلية عن الانضمام إلى قائمة المتعاملين الأوليين والعمل على معالجة هذه الأسباب، وزيادة عدد المتعاملين الأوليين في السوق المحلية.
وفي أوائل أكتوبر 2022، وقعت وزارة المالية والمركز الوطني لإدارة الدين اتفاقيات مع كل من "بي إن بي باريبا" ومجموعة سيتي المصرفية، و"جولدمان ساكس"، و"جي بي مورجان"، وبنك ستاندرد تشارترد، لتعيينها كمتعاملين أوليين دوليين بأدوات الدين الحكومية المحلية.
وقال المركز في بيان له حينها، "إن هذه المؤسسات ستنضم إلى المؤسسات المالية المحلية التي سبق انضمامها إلى برنامج المتعاملين الأوليين، وهي البنك الأهلي السعودي، والبنك السعودي البريطاني (ساب)، وبنك الجزيرة، ومصرف الإنماء، ومصرف الراجحي".
وأوضح أن هذه الاتفاقيات تأتي تأكيدا لدور المركز الوطني لإدارة الدين في تعزيز الوصول إلى أسواق الدين المحلية عن طريق تنويع قاعدة المستثمرين، لضمان استدامة الوصول إليها، ودعم تنمية السوق الثانوية.
وذكر أن طلبات الاكتتاب في السوق الأولية لأدوات الدين الحكومية المحلية تقدم إلى المركز الوطني لإدارة الدين من خلال المتعاملين الأوليين الذين جرى التعاقد معهم، بشكل شهري مجدول، ويتولى هؤلاء المتعاملون تلقي الطلبات المقدمة من المستثمرين.
استند رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، إلى منصة "سي بوندز" التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها، من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات التي يستثمرون فيها.
استحقاقات 2023
يحل في 2023 أجل استحقاق لديون "محلية" تقدر بأكثر من 30 مليار ريال، بحسب بيانات منصة "فاكتست". وأدوات الدين تلك يتفاوت أجل استحقاقها ما بين خمسة إلى سبعة أعوام، من ضمنها أداة دين دولارية بقيمة 2.36 مليار دولار "تم إصدارها في 2017"، التي يحين أجل استحقاقها أوائل مارس 2023.
وتتوزع آجال استحقاق الدين التي يحين أجل استحقاقها هذا العام ما بين يناير إلى يوليو.
استند رصد "الاقتصادية" الخاص بمواعيد آجال الاستحقاق، إلى البيانات التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" للخدمات المالية. يذكر أن "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
سيولة أجنبية
كان المزود العالمي للمؤشرات "آي إتش إس ماركيت" قد أعلن في أواخر ديسمبر 2021 انضمام معظم أدوات الدين المدرجة في سوق الدين إلى مؤشر ايبوكس للسندات الحكومية.
يشار إلى أن الانضمام سيتيح للسوق المالية السعودية أن تكون جزءا من مؤشرات أسواق الصكوك وأدوات الدين التي يتبعها المستثمرون العالميون، ويقيس مؤشر ايبوكس السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 30 دولة، وتم ضم 27 أداة دين حكومية مدرجة في السوق المالية السعودية إلى المؤشر، التي ستشكل ما نسبته 0.19 في المائة من وزنه، كما ستشكل ما نسبته 2.20 في المائة من مؤشر ايبوكس للسندات الحكومية للدول الناشئة التابعة له، وتم تفعيل الانضمام إلى المؤشر في 31 يناير 2022.
وكانت مجموعة "فوتسي راسل" قد ذكرت في أواخر سبتمبر 2021 أن أدوات الدين السعودية ستضاف إلى مؤشرها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية بدءا من نيسان (أبريل) 2022. وأضافت المجموعة أنه من المتوقع تضمين 42 سندا بقيمة 306.1 مليار ريال سعودي "81.6 مليار دولار" في المؤشر، وستشكل 2.75 في المائة منه على أساس القيمة السوقية المرجحة.
الجدير بالذكر أن انضمام المملكة إلى مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئةFTSE EMGBI يعد أول انضمام لأدوات الدخل الثابت المقومة بالريال السعودي في مؤشر عالمي، كما يمثل علامة فارقة في مساعي تطوير السوق المالية السعودية.
ويعرف مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة بأنه يقيس أداء السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 16 دولة، وذلك يتيح معيارا واسع النطاق، ما يساعد على تمكين مديري المحافظ العالمية من مقارنة أداء الاستثمارات في أسواق الدين السيادية.
ومنذ منتصف يونيو من 2021، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، في ربط السوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع"، المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية، المسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية. وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين إلى السوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال السعودي.
يمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة إلى تقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم".
ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.
علاقة الفائدة بأدوات الدين
معلوم أن القيمة السوقية للصكوك وغيرها من الأوراق المالية ذات العائد الثابت تتغير تبعا للتغيرات التي تطرأ على أسعار الفائدة وغيرها من العوامل الأخرى، حيث ترتفع أسعار أدوات الدين ذات العائد الثابت كلما هبطت أسعار الفائدة، وتنخفض أسعار تلك الأوراق المالية كلما ارتفعت الفائدة.
والورقة المالية الصادرة عن الحكومة السعودية مضمون فقط سداد الفائدة المعلن لها والقيمة الاسمية لها عند الاستحقاق، وكما هي الحال تماما بالنسبة إلى الأوراق المالية الأخرى ذات العائد الثابت، فإن الأوراق المالية المضمونة من الحكومة ستتعرض قيمتها للتقلب عندما تتغير أسعار الفائدة.
السيولة الثانوية
بعض الصكوك المدرجة في السوق السعودية، قد تصبح أقل سيولة من غيرها، ما يعني أنه لا يمكن بيعها بسرعة وسهولة، كما أن بعض الصكوك قد يصعب تسييلها إلى نقد، لعدم وجود سوق ثانوية بسبب قيود نظامية أو قيود مترتبة على طبيعة الاستثمار أو عدم وجود مشترين مهتمين بهذا النوع من الأصول، وقد يؤثر ذلك سلبا في أداء صناديق شركات الأصول وسعر الوحدة.
ومثلا قد تمر سوق الصكوك بفترات سيولة منخفضة بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على أسعار مستقرة و/أو عادلة في معاملات الشراء، والعكس في حال ارتفاع السيولة في حال الحاجة إلى البيع، وقد يؤدي ذلك إلى تسجيل خسائر معينة لصناديق شركات الأصول.
صناع السوق
أجرت السعودية عدة مبادرات إصلاحية للنهوض بالتداولات الثانوية الخاصة بأدوات الدخل الثابت من سندات وصكوك. وقبل قرار إعادة هيكلة المقابل المادي لجهات الإصدار والمتداولين وما رافقه من خفض لرسوم التداول خلال نيسان (أبريل) من عام 2019، قامت السعودية بإدراج إصداراتها السيادية وتداولها لأول مرة خلال تموز (يوليو) 2018.
وتبع ذلك القرار الاستعانة بصناع السوق الخمسة المفوضين بتنشيط التداولات الثانوية للإصدارات الحكومية في تموز (يوليو) 2018. إلا أنه بعد اندماجات البنوك السعودية الأخيرة، تم تحديث برنامج المتعاملين الأوليين في أغسطس 2021 بإضافة أحد البنوك الإسلامية الكبرى إلى قائمة صناع السوق الخمسة.
يذكر أن طلبات الاكتتاب في أدوات الدين الحكومية المحلية تقدم إلى المركز الوطني لإدارة الدين من خلال المتعاملين الأوليين الذين جرى التعاقد معهم، وذلك بشكل شهري ومجدول بحسب خطة الاقتراض الحكومي السنوية المعلنة، ويتولى المتعاملون الأوليون تلقي الطلبات المقدمة من المستثمرين. أما فيما يخص أدوات الدين الحكومية المحلية في السوق الثانوية في المملكة، فإن المتعاملين الأوليين يتولون دور صانعي السوق بالتعاون مع الأشخاص المرخصين التابعين لهم وفقا للأنظمة المتبعة.
رسوم التداول
في السابق، كانت رسوم التداول توصف من قبل المراقبين بأنها مبالغ فيها، حيث تصل إلى عشر نقاط أساس، منها ثماني نقاط أساس تذهب إلى الشركات المرخصة أي شركات الوساطة، ونقطتا أساس تقسمان مناصفة بين هيئة السوق المالية و"تداول".
وأحد أسباب حصول الشركات المرخصة على ثماني نقاط أساس يرجع إلى انعدام السيولة، ما يؤدي إلى صفقات محدودة شهريا، لكن مستوى التداولات الشهرية أخذ مسارا مرتفعا منذ إدراج الديون الحكومية، ما أدى إلى تعظيم أعداد وقيم الصفقات المنفذة.
وفي نيسان (أبريل) 2019، تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات التي طال انتظارها من قبل العاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، حيث تمت إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة إلى جهات الإصدار والمتداولين.
وإعادة هيكلة الرسوم تعد موجهة إلى شريحتين، الأولى هي جهات الإصدار، وهذه التعديلات ستسهم في تخفيض الرسوم ذات الصلة بالإدراج في البورصة، تلامس 25 في المائة، وهذا الرقم قد يزيد وينقص وفقا لعوامل متغيرة تتعلق بجهة الإصدار.
على الجانب الآخر، تم تخفيض رسوم التداول لمصلحة المستثمرين، حيث تصل حصة شركة تداول ما بين نقطة أساس إلى نصف نقطة، باستثناء الحالات التي يكون فيها البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا.
وينتظر لقرار رفع الضوابط الخاصة بعمولة شركات الوساطة، عبر إزالة الحدين الأدنى والأعلى الخاصين بتنفيذ صفقات الشراء والبيع، أن يقود إلى إيجاد المنافسة بين تلك الشركات عبر تقديم رسوم منخفضة لجذب العملاء.
وفي حال تنفيذ أي صفقة صكوك، تستقطع "تداول" حصتها من المقابل المادي، وكذلك شركة الوساطة التي تم أمر الشراء أو البيع من خلالها.
وكان مجلس هيئة السوق المالية قد أصدر قراره في تموز (يوليو) 2020 باستمرار إعفاء المصدرين الراغبين في طرح أدوات دين طرحا عاما، من سداد المقابل المالي المحصل للهيئة عند تقديم طلب تسجيل أدوات دين، حتى نهاية 2025.
وحدة التقارير الاقتصادية