رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تحديات التوظيف عالميا في ظل ركود اقتصادي

التوظيف ومعالجة مشكلة البطالة من التحديات الاقتصادية عالميا، لكن المشهد اليوم أصبح أكثر تعقيدا، حيث إن مؤشر التوظيف قد تراه الشركات سلبيا في ظل المعالجات التي تتخذها البنوك المركزية عالميا، فمؤشر تحسن قطاع التوظيف أصبح نوعا ما سلبيا على الأسواق، حيث إن انخفاض معدل البطالة وقلة الطلب على الإعانة التي يطلبها العاطل عن العمل في الأغلب يدلان على أن هناك احتمالا أكبر لرفع سعر الفائدة، وبالتالي تتحرك الأسواق باتجاه سلبي، رغم أن انخفاض معدل البطالة وانخفاض الطلب على الإعانات يفترض أن يكونا إيجابيين للاقتصاد، لكن في ظل الظروف الحالية للتضخم، فإن الأسواق تتأثر سلبيا بتحسن مؤشر البطالة، وهذا بطبيعة الحال انعكاس مؤقت.
الحديث المتكرر عن مسألة تسريح الموظفين خصوصا في قطاع التقنية ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح ملحوظا بشكل كبير، فمعظم المنصات المعروفة عالميا أصبحت تسرح نسبا عالية من الموظفين، علما بأن التكلفة التشغيلية لهذه المنصات تعد منخفضة نسبيا، وعدد الموظفين فيها ليس كبيرا، ما يمثل تحولا في الفترة الذهبية التي كانت تعيشها تلك المنصات وهذا القطاع بصورة عامة، وبفتح الأسواق بصورة كبيرة بعد الجائحة أصبح الطلب كبيرا على القوى العاملة حول العالم وبشكل هائل، لتعويض الفترة الصعبة التي عاشها العالم خلال الجائحة، ما يعني أن حدة الطلب قد تخف واضطرار الكثير للاعتماد على الخيارات التي تعتمد على التقنية خلال الجائحة قد يكون أقل من السابق.
قطاعات أخرى غير القطاعات التقنية بدأ الحديث عنها في أنها بصدد العمل على خطط لتسريح مجموعة من الموظفين ومنها البنوك، في ظل الارتفاع في أسعار الفائدة وضعف في أداء بعضها الآخر، وبالتالي فإن اللجوء إلى تسريح مزيد من الموظفين هو الخيار الأسهل لكثير من الشركات لمعالجة مشكلاتها المالية.
من التحديات التي تواجه قطاع التوظيف هو أن هناك نشاطا كبيرا للاعتماد على الذكاء الاصطناعي ووسائل التقنية، للتخفيف بصورة أكبر من الاعتماد على الموظفين والتخفيف من تكاليف الرواتب واستئجار مقار للموظفين، ويشمل هذا التطور عدة قطاعات بما فيها القطاعات المهمة مثل العلاج والتعليم، بل قد يصل إلى النقل وبالتأكيد أن العالم تقدم كثيرا في هذا المجال في قطاعي الصناعة والغذاء وغيرهما.
وبما أننا في المملكة جزء من هذا العالم ونتطلع أن تكون المملكة واحدة من أهم الوجهات للصناعات المتقدمة بما في ذلك التقنية والذكاء الاصطناعي، الذي سيولد فرصا أفضل للكفاءات في المجتمع للعمل في أفضل الوظائف، والإسهام في استقطاب الاستثمارات في هذا المجال، فمن المهم قراءة التحولات في العالم بصورة أعمق وتشجيع الخيارات الأكثر طلبا في المرحلة المقبلة مع الاهتمام بطبيعة وشكل الاقتصاد في المملكة، ولعل من الخيارات المهمة التي ينبغي العمل على بناء المهارات فيها، هي العمل الحر والوظائف الموسمية والمشاريع الفردية والأسرية، وهذا المجال حصلت فيه فجوة في المملكة بعد طفرة في الاقتصاد وفي الوظائف الحكومية، إلا أنه مهم في هذه المرحلة، حيث يميل كثير من قطاعات التوظيف إلى عدم الالتزام بعقود مع الموظفين، وإنما تكون الأجرة مرتبطة بحجم العمل كما هو الحال في شركات التوصيل والأجرة والعمل الحر freelance work، بل في مهن رئيسة ممارسة بشكل كبير مثل العلاج والتعليم والتقنية والتصميم، وهذه المهن قد لا يعتمد عليها البعض ولا يجعلها مصدر دخله الأساس، ولذلك يمكن ملاحظة أن البعض لا يقضي فيها وقتا طويلا ولا يلتزم فيها بمدة ثابتة للعمل، ولهذا لا تجد أنه يطور مهاراته فيما تحتاج إليه هذه الأعمال للتوسع فيها وتحقيق عائد أفضل منها، إلا أنها في الفترة المقبلة قد يكون لها أهمية كبيرة وهناك حاجة إلى وجود برامج لتطوير المهارات في هذه المجالات، خصوصا مسألة الوظائف الموسمية في ظل الحاجة إلى التوظيف بشكل كبير خلال مواسم الحج والعمرة، إضافة إلى أن المملكة ومع المشاريع النوعية ستكون وجهة رائدة سياحيا، ما يتطلب العمل على بناء المهارات للقدرة على تنفيذ مهام أكثر في العمل بما في ذلك تعلم اللغات الأكثر انتشارا باعتبار أن هذه مهارات ستزيد من فرص حصول القوى العاملة على وظائف موسمية لفترة أطول، وفي مواقع متعددة حول المملكة، وهنا يمكن لشركات التوظيف أن تلعب دورا كبيرا في كفاءة التشغيل وأن تكون الوسيط بين قطاع التوظيف والقوى العاملة الوطنية بحسب الاحتياج.
الخلاصة، إن الإجراءات المتعلقة بالفائدة في العالم والتوقعات التي تميل إلى احتمال وجود ركود اقتصادي هذا العام، تزيد من حجم التحديات في قطاع التوظيف، ومن المحتمل ارتفاع معدلات البطالة في بعض الاقتصادات الكبرى، خصوصا مع حملات تسريح الموظفين والاعتماد بصورة أكبر على الذكاء الاصطناعي والتقنية في تأدية مجموعة من المهام التي كانت تعتمد على الموظفين، ولذا من الأهمية التكيف مع المتغيرات ببناء المهارات الخاصة بالعمل الحر والمشاريع الفردية والأسرية، والوظائف الموسمية، لتعزيز كفاءة إيجاد فرص العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي