هوامش الربح الضيقة ستظل معنا بعض الوقت

هوامش الربح الضيقة ستظل معنا بعض الوقت

الفترة الماضية كانت صعبة بالنسبة إلى كثير من الشركات الاستهلاكية. الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية ونقص اليد العاملة والمشكلات المستمرة في سلاسل التوريد، أدت إلى زيادة التكاليف. والمستهلكون الذين قبلوا زيادات في الأسعار التعويضية في البداية، بدأوا الآن التحول إلى شراء المنتجات الأرخص أو التقليل من الاستهلاك.
في العام الماضي، تمت ترجمة ذلك إلى هوامش متناقصة، وأرباح أقل لمجموعة من الشركات تراوح بين مصنعي منتجات التنظيف وموردي الأدوات المنزلية باهظة الثمن. مثلا، انخفضت الهوامش الإجمالية لشركة كلوروكس إلى نحو 36 في المائة، مقارنة بـ45 في المائة قبل الجائحة. وتكبدت شركة ويرلبول لتصنيع الأجهزة المنزلية، خسارة في نتائجها الأخيرة مع انخفاض الهوامش إلى النصف.
الآن أصبح الاقتصاديون أقل تشاؤما فيما يتعلق بآفاق النمو العالمي. لم يعد كثير منهم يتوقعون حدوث ركود أوروبي، بينما أشار صندوق النقد الدولي إلى خطط لرفع توقعاته لتشمل "تحسنا" في النصف الثاني من 2023.
هناك أيضا أخبار إيجابية عن التضخم: في كانون الثاني (ديسمبر) تباطأت الزيادات في أسعار المنتجين في ألمانيا، وانخفضت الأسعار أكثر من المتوقع في الولايات المتحدة. هذا جعل أسواق السندات تراهن على أن التضخم سيتباطأ بشكل كبير، وأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة خلال الـ12 شهرا المقبلة.
ويأمل المستثمرون الآن أن تأتيهم أخبار سارة عندما تبلغ الشركات الاستهلاكية الكبرى عن نتائجها للربع الرابع وتقدم توقعاتها لعام 2023. لكن إحدى المجموعات، بروكتر آند جامبل، سارعت منذ البداية إلى تثبيط الحماس حول فكرة الانتعاش السهل.
تبيع "بروكتر آند جامبل" منتجات ضرورية مثل منظف تايد للغسل، وحفاضات بامبرز، لكن صافي مبيعاتها انخفض على أساس سنوي بعدما خفض المستهلكون مشترياتهم منها. "يبدو أن العالم يريد أن يكون كل شيء فيه أفضل، وأنا أيضا. لكن هذا ليس هو الواقع. فلا يزال هناك قدر لا يصدق من عدم اليقين"، هكذا كان تحذير جون مولر الرئيس التنفيذي، الأسبوع الماضي أثناء مكالمة مع المحللين بشأن ما قالت الشركة، "إنه واقع لا يزال يمثل تكلفة وبيئة تشغيل صعبتين للغاية".
وهو محق في التزام الحذر. فبقدر ما يرغب الجميع في وضع نهاية للاضطرابات الناجمة عن الجائحة والحرب الروسية – الأوكرانية، يظل من السابق لأوانه، الإعلان عن العودة إلى الوضع الطبيعي.
ففي جانب التكلفة أخذ نقص العمالة الأمريكية في التراجع وسط عمليات تسريح العاملين في مجالي التمويل والتكنولوجيا، لكن لا يزال هناك ضغط تصاعدي على الأجور. في الوقت نفسه انخفضت تكاليف الطاقة الأوروبية من أعلى مستوياتها في العام الماضي، لكن القيود الجديدة على مبيعات الديزل الروسي يمكن أن تزيد من زعزعة استقرار السوق. وعلى الشركات في جانبي المحيط الأطلسي، الاستمرار في الاستثمار في إزالة الكربون، وفي سلاسل التوريد الأكثر مرونة.
لكن الطلب ضعيف حاليا. ثقة المستهلك الأمريكي آخذة في الازدياد، لكنها لا تزال أقل كثيرا من مستويات ما قبل الجائحة، أرقام مبيعات التجزئة الأخيرة كانت مخيبة للآمال. ارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الطاقة، يعني أن عديدا من المستهلكين الغربيين يملكون أموالا أقل للإنفاق على الأشياء غير الأساسية. إعادة فتح الاقتصاد الصيني تبشر بالخير، لكن آثارها لم تتضح بعد، إذ انخفضت مبيعات التجزئة على أساس سنوي في تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر).
كل هذا أدى إلى انخفاض بنسبة 1.7 في المائة في هوامش تشغيل بروكتر آند جامبل، حتى بعد أن رفعت الشركة الأسعار بنسبة 10 في المائة. ومن المحتمل أن تواجه الشركات التي تبيع مزيدا من المنتجات غير الأساسية في الاستخدام اليومي، ضغوطا أكبر، كما تواجه السلع المعمرة، كالغسالات والأثاث، صعوبة أكبر، ذلك لأن بناء المنازل الجديدة قد انخفض بشكل حاد في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتتوقع الرابطة الوطنية الاتحادية للرهن العقاري "فاني ماي" أن تنخفض مبيعات المنازل الأمريكية بنسبة 21.3 في المائة على أساس سنوي في 2023، أدنى مستوى لها منذ عام 2010. وبدون بناء مساكن جديدة يحتاج المستهلكون إلى عدد أقل من الأجهزة المعمرة الجديدة، والذين قد يفكرون في تحسين أجهزتهم، ربما يثنيهم عن ذلك انخفاض أسعار المساكن، إضافة إلى ميزانياتهم المحدودة.
وكما أشار جاري فريدمان، الرئيس التنفيذي لشركة ريستوريشن هاردوير، مجموعة الأثاث المنزلية الراقية، للمحللين الشهر الماضي، "إذا تتبعت أداء تجارة التجزئة للمفروشات المنزلية عند مواجهة الانكماشات السابقة التي حصلت في قطاع الإسكان، فسيخبرك ذلك أن الأمور ستزداد سوءا قبل أن تتحسن".
الشركات ليست عاجزة. عديد منها وضع العام الماضي برامج لخفض التكاليف للتخلص من النفقات غير الضرورية، وإضافة الأتمتة، وتقليص نفقات التسويق. ومن المتوقع أن تبدأ التغييرات في تحسين بعض أرباح الشركات في وقت لاحق من العام الحالي. وعدت شركة كلوروكس المستثمرين في تشرين الثاني (نوفمبر) بتحسين الهوامش الإجمالية بواقع 200 نقطة أساس للعام المالي 2023، لأن "الفائدة المجمعة للتسعير ووفورات التكلفة، وتحسين سلسلة التوريد" تعوض تضخم التكلفة المستمر.
لكن هناك حدودا لما يمكن فعله. قال وارين تيشنر، من شركة ماكينزي، "ما نسمعه من عملائنا هو كيف يمكنني العودة إلى الهوامش التي حصلت عليها في عام 2019؟ إنهم يشقون طريقهم للعودة إلى ما كانوا عليه من قبل".

الأكثر قراءة