شركات الطاقة .. التحديات والحلول «3»
عودا على بدء، ذكرت في المقالين السابقين من هذه السلسلة أن استقرار أسواق الطاقة واستدامتها وسلامة شرايينها، هو عين التطور وأساس التنمية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال استقرار الدول والمجتمعات التي تواجه شحا للطاقة، أو عدم استقرار إمداداتها.
وضحت أن الشعارات الرنانة لن تمد العالم بالطاقة، وأن الأجندات السياسية الضيقة لن تحافظ على سلامة إمداداتها، وأن توحيد الجهود والرؤى، واستغلال الوقت والموارد في رفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة هو عين الحكمة والخيار الاستراتيجي الأجدى على جميع الأصعدة.
سلطت الضوء على السعودية وأهدافها الطموحة إلى تنويع مصادر الطاقة والمضي قدما بفاعلية في زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة وفق رؤية السعودية 2030، ودور الطاقة الشمسية التي تعد أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد حراكا متسارعا على مستوى العالم، وتطورت تقنياتها تطورا لافتا في العقد الأخير ما انعكس على تكلفة إنتاجها، وجدواها الاقتصادية بطبيعة الحال، ودورها في تحقيق أهداف رؤية السعودية فيما يخص ملف الطاقة.
ذكرت أن الشركات الوطنية الناشئة في قطاع الطاقة تواجه كثيرا من التحديات وقد سردت أهمها في رأيي التي تزامنت نشأتها مع ظروف قاسية وغير اعتيادية كجائحة كورونا التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد، وتبعتها الأزمة الروسية - الأوكرانية أو بمعنى أدق الحرب الروسية - الأوروبية، وعلى رأسها، تمويل رأس المال والشروط التعجيزية لذلك، إضافة إلى موثوقية بعض دراسات الجدوى المقدمة، والمنافسة الشرسة من قبل شركات المقاولات الأكبر حجما والأوفر موارد.
في اعتقادي أن هذا المشروع التنموي الكبير هو مسؤولية الجميع من مشرعين والجهات ذات العلاقة، إضافة إلى مقدمي الخدمات من الشركات، ولا يمكن استثناء العميل سواء كان منظومة أو فردا، فله دور مهم جدا في تطوير هذا القطاع والمحافظة على جودته وسلامته.
فيما يخص التحدي الذي تواجهه الشركات الناشئة لتمويل رأس المال، أتمنى أن تراجع الجهات التمويلية الشروط الموضوعة للحصول على تمويل، فلا يمكن وضع جميع الشركات من قطاعات مختلفة في قالب واحد، فلكل قطاع مخاطره وحيثياته الفنية والمهنية.
أرى أنه من الضروري أن تخصص هذه الجهات برامج تمويلية تناسب هذا القطاع الواعد عالميا ومحليا، الذي نجده حاضرا في صميم أهداف رؤية السعودية 2030 للوصول إلى مزيج من الطاقة تشكل الطاقة المتجددة وعلى رأسها الشمسية 50 في المائة منه.
تحتاج هذه الشركات الناشئة إلى جهات تمويلية أكثر جرأة، تستثنيها من بعض الشروط التعجيزية! وأتمنى من الجهات ذات العلاقة تحفيز الجهات التمويلية لإطلاق هكذا برامج تمويلية تصب بلا شك في تحقيق أهداف الرؤية وتمكين الشركات الوطنية.
همسة في أذن بعض الشركات الوطنية، تقديم دراسات جدوى دقيقة وإن كانت فترة استرداد رأس المال أطول هي مسؤولية وأمانة وأجدى اقتصاديا للجميع على المدى البعيد، التفاوت في الأرقام والتضليل يشوه القطاع وينحر موثوقيته من الوريد إلى الوريد.
فيما يخص المنافسة الشرسة التي تواجهها الشركات المختصة الناشئة من قبل شركات كبرى غير مختصة في قطاع الطاقة ذات موارد أكبر، فسيتم تسليط الضوء عليها في المقال المقبل بإذن الله ضمن هذه السلسلة أو في مقال منفرد.