طفرة السيارات الكهربائية في الصين تضعف المنافسات الأجنبية
من المتوقع أن ترسخ صناعة السيارات الكهربائية المزدهرة في الصين هيمنتها العالمية أكثر هذا العام، متجاهلة الجهود الأمريكية والأوروبية للحاق بها، مشكلة تهديدا للمجموعات الأجنبية المعتمدة على أكبر سوق للسيارات في العالم.
سيشتري المستهلكون الصينيون نحو ثمانية إلى عشرة ملايين سيارة كهربائية في 2023، ارتفاعا من المبيعات القياسية التي بلغت 6.5 مليون سيارة العام الماضي و3.5 مليون في 2021، وفقا لتوقعات الشركة والمحللين. يقارن هذا بنحو ثلاثة ملايين في أوروبا ومليونين في الولايات المتحدة.
قال نيل بيفريدج، محلل من "بيرنشتاين" في هونج كونج "من المتوقع أن يكون للصين أكبر إجمالي مبيعات مع نمو 35 في المائة على أساس سنوي في 2023، بعد عامين من النمو شديد السرعة (...) للتوضيح، تباع سبعة من كل عشر سيارات كهربائية الآن في الصين".
يقول المحللون "إن أكبر مستفيد من العصر الذي يصبح عصرا ذهبيا لصناعة السيارات في الصين هي مجموعة من الشركات المحلية سريعة النمو التي تتفوق على أداء شركات صناعة السيارات الأجنبية".
تتوقع شركة بي واي دي، منافسة شركة تسلا التي يدعمها وارن بافيت التي تعد ألمع نجم في مجال السيارات الكهربائية في الصين على نطاق واسع، أن تصل مبيعات السيارات الكهربائية القابلة للشحن الخارجي إلى ثلاثة ملايين وحدة هذا العام بعد بيع أكثر من 1.85 مليون العام الماضي، وفقا لنقاش إداري مع "سيتي بانك". قال محللو "سيتي"، "إن التقدير كان متحفظا". رفضت "بي واي دي" التعليق على توقعات المبيعات.
تبقى الصين إحدى أكبر المساهمين في الأرباح لعديد من شركات صناعة السيارات الدولية، معرضة إياها للخطر على وجه الخصوص إذا لم تستطع استعادة ما خسرته أمام العلامات التجارية المحلية مع تحول السوق السريع نحو السيارات الكهربائية.
لكن، أصبح المستهلكون الصينيون الآن يفضلون مجموعات مثل بي واي دي وإكس بينج ولي أوتو ونيو بشكل متزايد. ارتفعت حصة السوق للعلامات التجارية الصينية في قطاع السيارات الكهربائية المحلية من نسبة مذهلة بلغت 78 في المائة إلى 81 في المائة العام الماضي. يقارن ذلك بالمجموعات الأجنبية التي تتمتع بحصة سوق بنسبة 70 في المائة قبل ما يقارب عشرة أعوام، قبل الزيادة الهائلة في السيارات الكهربائية وبعد تجاوز مبيعات السيارات في الصين تلك التي في الولايات المتحدة.
تعني وتيرة النمو أن الصين على وشك بلوغ أن تكون 50 في المائة من مبيعات السيارات سيارات كهربائية بحلول نهاية 2025، لتصبح أول اقتصاد رئيس يفعل ذلك، وفقا لتوقعات "بيرنشتاين". أخبرت شركة بي واي دي سيتي بأن هذه الخطوة، التي تقارن بهدف بكين البالغ 40 في المائة بحلول 2030، يمكن تحقيقها هذا العام.
سيكون ذلك سابقا لأوروبا أيضا، السوق التالية الأكثر تقدما في السيارات الكهربائية، حيث ترتفع حصة السوق للسيارات الكهربائية بالبطارية ببطء. كان نحو ثلث المبيعات في المنطقة سيارات كهربائية بالكامل أو سيارات كهربائية هجينة قابلة للشحن الخارجي -التي تعدها الصين سيارات طاقة جديدة كهربائية- في الأشهر الأخيرة من 2022.
مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة متخلفة عن ذلك، تشكل السيارات الكهربائية 12 في المائة من المبيعات، لكن النمو يكتسب وتيرة بعد تقديم الإعانات الضخمة بموجب قانون إدارة بايدن لخفض التضخم.
كانت هناك توقعات لتباطؤ في مبيعات السيارات الكهربائية الصينية بعد انتهاء صلاحية دعم رئيس يصل إلى تخفيض 12600 رنمينبي "1870 دولارا" لكل سيارة في نهاية 2022.
بينما رفعت شركات صناعة السيارات الأسعار استجابة لذلك، قال ريموند تسانج، خبير صيني في السيارات في شركة بين للاستشارات، "إن الشركات الصينية لا تزال تنتج سيارات أفضل وبأسعار أكثر تنافسية، وتستفيد من قطاعي البطاريات والموارد في الصين". ذكرت جينج ديلي، التي تتتبع السوق الفاخرة الصينية، أنه حتى بعدما غيرت شركة إيلون ماسك تسلا الأسعار في الصين، بتخفيض سعر طراز 3 إلى 33515 دولارا تقريبا، لا تزال سيارة سيدان سيل من بي واي دي المنافسة أرخص بسعر 31 ألف دولار.
"تتحسن شركات السيارات الكهربائية المحلية في الصين حقا من ناحية أدائها ومحافظ منتجاتها (...) تستطيع أن ترى أن المنتجات الصينية ليست أرخص فقط، بل يعدها عديد من العملاء أفضل"، كما قال تسانج.
تقود "بي واي دي" التي تقع في شنجن موجة توسع خارجي من الشركات الصينية. "بي واي دي" أخبرت "سيتي" بأن الصادرات متوقع أن تنمو بما يصل إلى ستة أضعاف، إلى 300 ألف وحدة هذا العام، مع خطط لبناء مصانع جديدة في آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية.
قال تسانج، "من هذا المنطلق، تقلص بعض الشركات الأجنبية، بما فيها هيونداي من كوريا الجنوبية وهوندا من اليابان، وجودها في الصين بهدوء، حيث تنخفض المبيعات، أو تخرج من الدولة تماما".
تضاعف شركات أخرى، مثل فولكسفاجن وجينرال موترز، عقودا من الاستثمار بإنفاق مليارات الدولارات لتأمين شركاء محليين للتكنولوجيا الجديدة والمصادر التي يرون أنها مهمة للمنافسة.
في تشرين الأول (أكتوبر)، وقعت شركة صناعة السيارات الألمانية استثمارا بقيمة 2.4 مليار يورو في مشروع مشترك جديد مع هورايزون روبوتيكس، إحدى شركات تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي الرائدة في الصين.
جاء الاستثمار بعد أيام من كشف الولايات المتحدة عن قيود جديدة تمنع الشركات الأمريكية من بيع التكنولوجيا للصين. كما تبع تقديم الدعم الحكومي الشامل -بما يحاكي بشكل كبير سياسة بكين المركزة على السيارات الكهربائية على مدى العقد الماضي- في الولايات المتحدة وأوروبا لدعم الصناعة المحلية ومواجهة صعود الصين.
رغم وقوع شركات صناعة السيارات الأجنبية مباشرة في شباك الجيوسياسية، قال تو لي "من سينو أوتو إنسايتس"، شركة استشارية، "إن صفقة فولكسفاجن أظهرت أن حجم السوق الصينية وإمكانات نموها ما زالت منطقية من الناحية المالية بالنسبة إلى بعض أكبر شركات صناعة السيارات، خاصة مع توقع تباطؤ النمو الاقتصادي في مناطق أخرى كثيرة".
بالنسبة إلى الصين، كان الاستثمار في تكنولوجيا وموارد قطاع السيارات نقطة مشرقة مهمة في الاقتصاد.
وفقا لبيانات زودتها "ديلوجيك" لـ"فاينانشيال تايمز"، رغم إغلاقات العام الماضي، ظل نشاط الاندماج والاستحواذ المتعلق بقطاع السيارات الكهربائية ثابتا مقارنة بالعام السابق عند أعلى من عشرة مليارات دولار عبر ما يقارب 50 صفقة. كما ظل الاستثمار الخارجي من المجموعات الصينية ذات الصلة بالمركبات الكهربائية ثابتا.
في أعقاب إلغاء الإعانات والجهود لتوسيع الطاقة الإنتاجية، توقع شي جي، محلل في "سي إم بي آي"، أن تصبح المنافسة أكثر "دموية".