هوس العملات المشفرة لا ينتهي .. سيواصل المفلسون الاحتيال

هوس العملات المشفرة لا ينتهي .. سيواصل المفلسون الاحتيال

سنعذرك إذا فكرت أن، مع محاكمة سام بانكمان-فرايد المنتظرة المتعلقة بالاحتيال الضخم المزعوم في بورصة "إف تي إكس" وانهيار مجموعة من منصات العملات المشفرة وقيام الهيئات التنظيمية الأمريكية بمقاضاة شركتين رئيسيتين للعملات المشفرة لبيعهما أوراق مالية غير مسجلة، حمقى عالم العملات المشفرة سيحاولون تجنب المخاطر لفترة من الوقت. لكن، مع الأسف، ستكون مخطئا.
جاءت أفراح وأحزان هذا الأسبوع نتيجة لمشروع جديد أطلق على نفسه "جي تي إكس"، ومؤسساه المشاركين، سو زو وكايل ديفيس، ليسا إلا المؤسسين المشاركين لصندوق تحوط العملات المشفرة المفلس "ثري أروز كابيتال". انهار الصندوق العام الماضي، وسحب معه كثير من شركات العملات المشفرة الأخرى. يحقق في أمره الآن في الولايات المتحدة عما إذا كان قد خرق القوانين بتضليل المستثمرين بشأن سلامة ميزانيته العمومية.
لكن هذا المشروع الجديد، الذي يحاول جمع 25 مليون دولار في أسرع وقت بحلول نهاية شباط (فبراير) وفقا لعرضه الترويجي، ليس كأي بورصة عملات مشفرة قديمة. يتشارك زو وديفيس مع المؤسسين المشاركين لبورصة كوينفلكس، التي قدمت طلبا لإعادة هيكلة الديون حيث سعت لتعويض الخسائر التي بلغت 84 مليون دولار. هدفهم هو إنشاء بورصة تسمح للعملاء بتداول مطالبات إفلاس العملات المشفرة الخاصة بهم.
هذا صحيح. هؤلاء الرجال – الذين، لنكون منصفين، يمكن اعتبارهم خبراء في الإفلاس – يقدمون لك فرصة التداول في مطالباتك لتستعيد أموالك من أمثال "إف تي إكس" و"سيلسيوس"، وهي منصة عملات مشفرة أخرى انهارت العام الماضي وتتم مقاضاة مؤسسها بتهمة الاحتيال. كل ما عليك فعله هو تسليم مطالباتك إلى هؤلاء الأشخاص وفي المقابل سيعطونك أموالهم المشفرة الجديدة اللامعة لتلعب بها، التي ستسمى "يو إس دي جي" على ما يبدو. قد يتبادر إلى ذهنك سبب تسمية المشروع "جي تي إكس"، تذكر إحدى منصاتها الإعلانية أن ذلك لأن حرف "جي" يأتي بعد "إف" في الأبجدية الإنجليزية.
بعد سخرية واسعة الانتشار عبر الإنترنت، قالت "كوينفلكس" الآن إن ذلك كان اسما مؤقتا فقط. لكن مهما كان اسم البورصة، ما يحاولون فعله هنا واضح: جني الأموال من الإخفاقات التي كانوا أنفسهم منخرطين فيها، والتي أدت إلى إفلاس كثيرين.
كما أخبر زو وول ستريت جورنال أن بعض دائني ثري أروز – الذين يدينون معا مبلغا مذهلا بلغ 3.5 مليار دولار من الشركة – سيكون "لهم خيار تحويل مطالباتهم إلى أسهم في شركة تداول المطالبات الجديدة".
علينا أن نظهر إعجابنا بالجرأة المطلقة لهؤلاء الأشخاص. لكن بالتأكيد لن يستطيعوا الإفلات بفعلتهم، أليس كذلك؟
المؤسف في الأمر هو أنه في الغرب المتوحش للعملات المشفرة، قد يكونون قادرين على ذلك. تظهر السوق علامات على الحياة والانتعاش، مع استعادة بيتكوين لبعض من خسائرها وتم تداولها بأكثر من الربع حتى الآن هذا العام. كما أنهم لن يكونوا أول مؤسسين لمشروع عملات مشفرة منهار ينشؤون آخرا ويحققون منه مكاسب كثيرة. كان دو كون، مؤسس مشروع تيرا/لونا "العملة المستقرة الخوارزمية" الذي تجاوزت قيمته يوما 41 مليار دولار، والذي يواجه الآن إجراءات قانونية في عدة دول، سابقا المؤسس المشارك لعملة مستقرة أخرى تسمى بيسيس كاش، التي انهارت في 2021.
"هناك جانبان للعملات المشفرة – المخادعون والمغفلون. المخادعون، عندما يخرجون من مشروع فاشل، سينشؤون آخرا (...) إن كنت تستطيع فعل الأمر كله مجددا فلم لا؟"، كما تخبرني فرانسيس كوبولا، المعلقة المالية والاقتصادية.
في العالم غير المتعلق بالعملات المشفرة توجد قوانين وأعراف وتقاليد تهدف إلى منع مثل هذه الأمور من الحدوث. لكن عالم العملات المشفرة ليس مكانا عاديا، فهو مكان غير منظم بشكل كبير ومتاح للجميع ومليء بالضجة والخداع والدجل، حيث إن ما يحافظ على القيمة فقط هو فكرة أنه دائما ما سيكون هناك مغفل أكثر منك في مكان ما. في عالم يكافئ الوقاحة ويزدهر بها، ما الذي يمنع أي شخص من التصرف بوقاحة قدر الإمكان؟ وإن كان سيء السمعة، فلم لا يزيدها سوءا؟
يخبرني جيكوب سيلفرمان، المؤلف المشارك للكتاب الذي سيصدر قريبا "المال السهل": "بطريقة ما، يبدو من غير المنطقي محاولتهم تحقيق الأرباح من إفلاس العملات المشفرة، لكنه يبدو منطقيا أيضا من ناحية المسار العام للعملات المشفرة. لا يوجد تكلفة لأي شيء (...) ويوجد عدد قليل جدا من آليات المساءلة".
مهما كانت الأمور الباهية التي أخبرت بها، العملات المشفرة لا تتعلق إلا بشيء واحد: تحقيق ربح سريع. من ذلك المنظور، ما تحاول "جي تي إكس" فعله يعد معقولا ومنطقيا بالنسبة إلى بقية عالم العملات المشفرة. المشكلة الوحيدة بالتأكيد هي أنها مفلسة أخلاقيا أيضا.

الأكثر قراءة