على اليابان التخلص من شركات «الزومبي» عاجلا أم آجلا

على اليابان التخلص من شركات «الزومبي» عاجلا أم آجلا

عندما قدم هاروهيكو كورودا ما كان على الأرجح مؤتمره الصحافي الأخير، باعتباره محافظا لبنك اليابان الأربعاء، ادعى نجاح مؤسسة تمتلك الآن محفظة ضخمة بشكل مخيف من السندات الحكومية والأسهم المحلية والأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها.
المهم، بعد مغامراته التي استمرت عشرة أعوام في المناطق الحدودية للسياسة النقدية، ما زلنا لا نعرف إذا ما كان كورودا قد ساعد على تحصين اليابان من أجل العمل المروع المتمثل في القضاء على شركات الزومبي، أو ما تعرف بالشركات الحية الميتة.
كان القرار الكبير الذي توصل إليه بنك اليابان الأربعاء هو الحفاظ على سياسته بالتحكم في عوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشرة أعوام ضمن نطاق ضيق قدره 0.5 نقطة مئوية على أحد جانبي الصفر. قبل الاجتماع، أجبرت الأسواق بنك اليابان على إجراء جولة من عمليات شراء سندات يومية محطمة للأرقام القياسية للدفاع عن سياساته، ما زاد الضغط على كورودا لتوسيع النطاق أو التخلي عن هذه السياسة كلية.
حاول كورودا المقاومة، لكنه على الأرجح زاد حجم المشكلة لخليفة من المتوقع أن تتم تسميته الشهر المقبل. مع ذلك، فإن الشعور بأن كورودا ربما بدأ عن غير قصد تحولا تاريخيا لا يمكن إنكاره. عبر المتداولون والمستثمرون المؤسسيون ومحللو جانب البيع عن ذلك بطرق مختلفة، لكن الاستنتاج المشترك هو أن ضغوط التضخم والزيادات المحتملة في الأجور وعوامل أخرى تضع نهاية سياسة بنك اليابان الفضفاضة للغاية تحت المجهر.
قد يكون التوقيت أبطأ مما يتوقعه كثيرون وفقا لهذه النظرية، لكن على بنك اليابان في النهاية التراجع، أسعار الفائدة سترتفع. سيتعين على الشركات والمصارف اليابانية، التي كانت محمية لفترة طويلة من هذا الواقع، أن تقبل بأن هناك شيئا مثل ارتفاع تكلفة رأس المال وأن تصبح محسوبة أكثر بشأن توزيعه.
إذا حدث ذلك، فستنتشر آثاره بشكل واسع. لكن التركيز سيتحول بالتأكيد إلى المصير الذي ستواجهه حشود شركات الزومبي المتعثرة في اليابان، وهي الشركات التي يزيد عمرها على عشرة أعوام ولم تكن مربحة أبدا، لكنها بطريقة ما استمرت دون إفلاس وما زالت تعمل. كان أحدث البحوث التي أجراها بنك تيكوكو داتا للبيانات، قد سجل 188 ألفا من هذه الشركات في 2021، وهو رقم أعلى من 163 ألف شركة التي تم تسجيلها في 2014، أو أول عام كامل لكورودا باعتباره مسؤولا عن بنك اليابان. في حين إن هذا العدد، الذي يعادل نحو 13 في المائة من مجموع الشركات اليابانية، كان مدهشا، إلا أن أغلبية شركات الزومبي صغيرة جدا، لكن السؤال عن عدد الشركات التي ينبغي السماح لها بالفشل هو السؤال المهم والجوهري الموجه إلى اليابان.
يمكن القول إن استمرار شركات الزومبي هو مؤشر ذو أوجه متعددة للاقتصاد الياباني، من حيث مقاومته للتغيير، وتقدمه في الإصلاح، وأولوياته الاجتماعية، وشهيته للتدمير الخلاق. لن يكون لأي عامل بمفرده قرار تحديد عدد الشركات التي ستفشل في نهاية المطاف، لكن هذه العملية ستقدم فهما أيضا، ولا سيما بسبب النسبة الهائلة من العاملين في البلاد الذين توظفهم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم.
على الرغم من مظهر توفير بيئة مناسبة لشركات الزومبي، فإن كورودا وسياسته النقدية وجهوده لضمان تحقيق معدل تضخم 2 في المائة لم تكن أبدا تدعمها.
من القراءات للفترة التي قضاها كورودا باعتباره محافظا لبنك اليابان، أن الهدف كان توفير أكبر قدر ممكن من الغطاء حينما كانت البيئة مهيأة لدخول الاقتصاد مرحلة جديدة متميزة. كانت اليابان خلالها ستتمتع بالمرونة والزخم ومعايير الحوكمة للسماح للرأسمالية الأكثر تشددا بالسيطرة وأن تصبح أيضا أفضل في تخصيص رأس المال، وجعل مسألة استئصال شركات الزومبي أكثر قبولا، على الرغم من عدم ذكر ذلك علانية. قدم الراحل شينزو آبي نفسه على أنه رئيس الوزراء الذي سيتولى السياسات التي ستفضي إلى هذا التغيير، بينما لوحت جهات في عالم الاستثمار والأعمال بالمشاركة في المشروع على مضض.
بينما شرع كورودا في تنفيذ إجراءات أكثر تطرفا من ذي قبل لضبط التكلفة الحقيقية للمخاطر ورأس المال، تراكمت المبررات وكانت الإصلاحات مخيبة للآمال. حين كان من المفترض أن تمنع أسعار الفائدة المنخفضة الشركات من تخزين السيولة وأن تحملها على الاستثمار، كان الهدف من دعم الأسهم هو نقل ثروة الأسرة من الادخار إلى الاستثمار. بينما يتهيأ كورودا للتنحي، أصبحت الشركات اليابانية تمتلك أموالا أكثر مما كانت عليه عندما تولى المنصب، وكذلك الأسر أيضا.
يبدو الآن أن نهاية فترة كورودا في بنك اليابان قد تتزامن مع تصادم اليابان القسري مع أكثر أنواع الرأسمالية شرا، النوع الذي يفرض تكلفة أعلى للديون ورأس المال السهمي، الذي يتخذ موقفا أكثر تشددا بشأن من يجب أن يظل صامدا. هناك رأي إيجابي مفاده أنه في ظل حكمه، كانت هناك زيادة كبيرة في عمليات الاندماج والاستحواذ المحلية، وعمليات الشراء الشامل الإدارية، ونشر رأس المال المغامر، وانتشار الشركات الناشئة. أما الرأي الأقل تفاؤلا فهو أن القضاء على شركات الزومبي يوشك أن يبدأ، لكن كورودا لم يهيئ بلاده لذلك.

الأكثر قراءة