هل هذه المواجهة الأخيرة للشارع التجاري؟
الجميع يعلم أن المستهلك البريطاني في حالة يرثى لها، وأن نشاط الشوارع التجارية خامل والبلد يعج بمساحات تسوق ميتة والسبب في ذلك يعود للعمالقة الرقميين الذين لا يمكن إيقافهم.
لكن لنتمهل. اصطف تجار التجزئة من محال السوبر ماركت إلى العلامات التجارية المعروفة مثل ماركس آند سبنسر للإعلان عن مبيعات الكريسماس التي كانت أفضل من المتوقع. لنكون منصفين، التضخم من أرقام زوجية يساعد على أن تبدو المبيعات في وضع صحي حتى لو كانت مشتريات العملاء تتقلص. لكن حتى متاجر التسوق الكبرى، والتي تذكرنا بحقبة مضت من سلوك المستهلك، حققت أداء جيدا في حين تعمل شركة أمازون، التي تعد ألد عدو للجميع على تقليص عدد المستودعات التي تديرها.
كما استطاعت شركة نيكست أن تذوق طعم الانتعاش كمتجر تقليدي. ارتفعت المبيعات في تلك المحال 12.5 في المائة في الأسابيع التسعة الأخيرة من العام في حين ظلت المبيعات عبر الإنترنت ثابتة. فيما أشار كين تان من شركة بي دبليو سي أن النتائج التي أبلغت عنها العلامات التجارية للأزياء مثل سي سالت ووايت ستاف كانت مشابهة.
حققت شركة ماركس آند سبنسر إنجازا في متاجرها التي حددت في الماضي مناطق التسوق الرئيسة في البلدات والمدن في جميع أنحاء البلد، ثم أصبح إغلاق متاجرها رمزا لانحدار هذه المناطق: ارتفعت مبيعات الملابس وأدوات المنزل عبر الإنترنت في ربع العام الذي يشهد الكريسماس بنسبة أقل من 1 في المائة، في حين ارتفعت المبيعات في المتاجر نحو 13 في المائة. بعد أعوام من عمليات إغلاق متاجرها، تخطط شركة ماركس لفتح ثمانية متاجر كاملة جديدة، إضافة إلى 12 قسما إضافيا للأطعمة، على الرغم من أنها ستستمر في تقليص عدد متاجرها ذات الطابع التقليدي في الشوارع التجارية. ستفتتح بعض هذه المتاجر الجديدة في المواقع القديمة التي كانت تشغلها محال دبنهامز، وتبث الحياة من جديد في أكثر المناطق صعوبة في عالم البيع بالتجزئة.
لكن الإشادة بانتصار محال التجزئة على المتاجر عبر الإنترنت مجرد أحلام واهية. في البداية، كانت نظرة معظم تجار التجزئة قاتمة كما كان الموسم الاحتفالي فريدا من نوعه، وذلك على أفضل تقدير. كان نمو المبيعات عبر الإنترنت في المملكة المتحدة سلبيا خلال الأشهر الـ 18 الماضية على خلفية الطلب المتزايد أثناء الإغلاقات، وفقا لـمؤسسة آي إم أر جي: خفضت مؤسسة التجارة الإلكترونية مكانة سوق المملكة المتحدة بشكل عام 12 في المائة في ديسمبر، مقارنة بالأرقام التي كان متحور أوميكرون قد تسبب في زيادتها العام الماضي. كما أدت المبيعات القوية خلال الجمعة السوداء إلى زيادة الإنفاق. أيضا كانت إضرابات عمال البريد مثبطا واضحا للتسوق عبر الإنترنت.
لكن هذا أيضا لا يمثل تحولا حقيقيا إلى سلوك ما قبل الجائحة. كانت حصة المشتريات عبر الإنترنت من مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة تبلغ 19 في المائة مع اكتشاف الحالات الأولى لكوفيد - 19 في الصين: تبلغ حاليا نحو 30 في المائة. وقد يكون معدل الإقبال على الشوارع التجارية، ومراكز التسوق ومتاجر البيع بالتجزئة قد ارتفع في ديسمبر عن العام الماضي، لكن هناك فجوة ثابتة تبلغ 10 في المائة، مقارنة بمستويات الإقبال قبل جائحة كوفيد، علاوة على التحول السنوي المتوقع إلى التسوق عبر الإنترنت، وفقا لديان ويرل من شركة سبرينج بورد.
لكن إذا كان شيء من السلوك، الذي فرضته الجائحة قائما، فإن وتيرة التغيير مستمرة. بدأ نمو المبيعات عبر الإنترنت في التباطؤ بالفعل في 2019. تبلغ معدلات النمو المتوقعة الآن تقريبا نصف ما كانت عليه قبل بضعة أعوام، بناء على مقارنة بالمعدلات التي ارتفعت بسبب كوفيد، وفقا لشركة كيه بي إم جي.
هذا يوفر نوعا من الشعور بالاستقرار بعد عدة أعوام اتسمت بالاضطراب لمالكي العقارات وتجار التجزئة التقليديين. كما أن تكاليف الإشغال بالنسبة إلى المبيعات، التي كانت ذات يوم مرتفعة بشدة، تتماشى مع البلدان الأوروبية الأخرى بعد التدهور الهائل الذي حدث في الأعوام الأخيرة، وفقا لشركة جرين ستريت أدفايزرز، التي تتوقع نموا خصوصا مع انخفاض الفوائد المفروضة على الشركات.
ينبغي على كثير من تجار التجزئة، الذين ما زالوا غير قادرين على توفير خدمة متكاملة بين المتاجر وعبر الإنترنت، أن يغتنموا الفرصة لمواكبة عالم ما بعد الهاتف الذكي، وبعد الجائحة. صحيح، المتاجر المنافسة عبر الإنترنت فقط تعاني نظرا لارتفاع التكاليف وعدم توافر المعروض الجاهز من الأموال الرخيصة. لكن بول مارتن من "كيه بي إم جي" يجادل بأن سلوك المستهلك في الصين، المتقدم دائما بعشرة أعوام، يشير إلى مزيد من تجزئة الإنفاق، مع نمو في مجالات مثل التجزئة الاجتماعية، وعروض البيع على البث المباشر أو حتى ميتافيرس.
لكن "القنوات التسويقية المتعددة" ستبقى المصطلح الرنان والمفضل في مجال البيع بالتجزئة، لكن سيكون من الصعب دائما الارتقاء إلى المستوى المتوقع.