صراع من أجل ديزني .. المملكة السحرية تستعد للمعركة
انتشرت موجة من الإثارة عبر هوليوود بعد عودة بوب إيجر إلى والت ديزني في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر)، على أمل أن يساعد الرئيس التنفيذي المخضرم شركته -وصناعة الترفيه المتعثرة عموما- على شق طريقها مرة أخرى.
لكن خلف هذا الصخب، بدأ يتلطخ مجد إيجر بعد تنحيه في 2020، وهي عيوب جعلها الناشط نيلسون بيلتز محورا رئيسا في واحدة من أكبر المعارك بالوكالة في أمريكا منذ أعوام.
الدليل الأول من وجهة نظر بيلتز هو استحواذ إيجر على شركة تونتيث سينتشوري فوكس من روبرت مردوخ مقابل 71 مليار دولار في 2019، التي صورها المستثمر على أنها صفقة متهورة خلال فترة الازدهار التي أثقلت كاهل ديزني بديون بلغت 42 مليار دولار، الأمر الذي حد من قدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية.
كما اغتنم بيلتز طريقة تعامل إيجر الفاشلة مع مسألة خلافته، التي أصبحت قضية ممتدة لدرجة أن بعض المرشحين الواعدين لمنصب الخلافة تركوا الشركة. كما اتسمت العلاقات بين إيجر وبوب تشابيك خليفته المختار، بالتوتر وانتهت بالإطاحة بتشابيك العام الماضي.
تعد هذه الأحداث في ماضي إيجر من بعض الحجج الأساسية التي مفادها أن بيلتز- المعروف بشن حملة ناشطة ودؤوبة بلغت تكلفتها مائة مليون دولار ضد شركة بروكتر آند جامبل- يخطط للتعبئة ضد أحد أكثر المديرين التنفيذيين قبولا في الشركات الأمريكية.
كتب بيلتز -الذي اشترت شركته تريان فند مانجمنت حصة بلغت قيمتها نحو 900 مليون دولار- إلى مجلس الإدارة هذا الأسبوع، "بينما تواجه ديزني بيئة إعلامية سريعة التطور (...) نعتقد أن المشكلات الحالية التي تعانيها الشركة هي إلى حد كبير من صنعها".
إن هذه الرسالة العدائية، إضافة إلى التعديل الاستباقي لمجلس الإدارة من قبل ديزني، هما ذروة شهور من التوتر الحاصل خلف الكواليس. إذ لن تكون استراتيجية المجموعة الإعلامية فقط على المحك عند نقطة محورية في انتقالها إلى البث عبر الإنترنت، بل إرث إيجر نفسه أيضا.
بعد صد محاولته الحصول على مقعد في مجلس إدارة ديزني، لم يذهب بيلتز إلى حد مطالبة إيجر بالاستقالة. لكن في حجته أمام المستثمرين، قام بتصوير ديزني على أنها شركة تمر "بأزمة"، حيث يقترب سعر سهمها من أدنى مستوياته في ثمانية أعوام. غير أن السهم ارتفع بنسبة 2.7 في المائة إلى 98.92 دولار في تداولات نيويورك الخميس الماضي بعد انتشار الأنباء عن الحملة.
إن تهمة بيلتز لإيجر هي أن توسع إمبراطورية ديزني الذي يتباهى به جاء على حساب أدائها والهوامش. في عرض تقديمي بعنوان "استعادة السحر"، أشار بيلتز إلى أن عائدات المساهمين على مدى العقد الماضي لم تبلغ حتى نصف عوائد المستثمرين في مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
في حين ساعد عقد الصفقات على إضافة ما يقارب 24 مليار دولار على شكل إيرادات لتصل إلى 83.7 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة الماضية، زعم بيلتز أن تكاليف الخدمات والمنتجات ارتفعت بمقدار الثلثين، كما انخفضت هوامش التشغيل إلى النصف تقريبا إضافة إلى انخفاض التدفق النقدي الحر بنسبة 90 في المائة. فيما تبخرت الأرباح التي كانت تدفع بصورة ثابتة لأكثر من نصف قرن خلال الجائحة.
وفقا لما ذكر في إحدى شرائح العرض، "نعتقد أن ديزني في مرحلة مصيرية، إذ يمكنها أن تقرر محاربة إضافة عضو واحد ومؤهل إلى مجلس الإدارة -وبالتحديد بيلتز- أو العمل مع تريان، لإيجاد قيمة مستدامة وطويلة الأجل في ديزني".
إن رد ديزني الصريح على بيلتز، الذي وصفها بأنها "من بين أسوأ" الأمثلة على مشاركة المساهمين التي شهدها على الإطلاق، لم يكن أكثر اختلافا عن معاملتها لمستثمر ناشط آخر العام الماضي، وهو دانيال لوب من "ثيرد بوينت".
وصف مسؤولو ديزني النقاشات مع لوب بأنها كانت ودية، وهو الذي نجح في النهاية في تعيين كارولين إيفرسون الإعلامية المخضرمة في مجلس الإدارة الخريف الماضي. كما وضع لوب بعض المطالب الأخرى، كدعوته شركة ديزني إلى فصل شبكة "إي إس بي إن" الرياضية.
لكن على النقيض من ذلك، تخطط ديزني بحزم لرفض مطالب بيلتز، الذي كشف عن حصته بعد أسابيع من ضمان لوب تعيين إيفرسون. وقال شخص مقرب من ديزني "لن نتراجع. سنقاتله إذا كان يريد القتال".
يشعر بيلتز بالامتعاض تجاه استراتيجية ديزني الحالية، مدعيا أن خططها للبث عبر الإنترنت معيبة، وأن التكاليف خارجة عن السيطرة، وأن عملاء المدينة الترفيهية تتم معاقبتهم من خلال رفع الأسعار بسبب قصر النظر للتعويض عن الأداء الضعيف الذي أصاب سائر أعمال ديزني.
لكن المطلعين في ديزني لا يهتمون له، مشيرين إلى افتقار بيلتز للخبرة في الإعلام والتكنولوجيا. حيث قال أحدهم "لا نعرف ماذا ستكون فائدته كعضو في المجلس".
كان بيلتز يعتزم شن هجومه، لكن ديزني خرجت قبله بيوم معلنة تعديلا في مجلس الإدارة ومعارضتها طلب بيلتز الحصول على مقعد فيه.
من شأن ذلك أن يترك الدفاع عن ديزني لمارك باركر المخضرم من شركة نايكي، الذي سيحل محل سوزان أرنولد كرئيس للمجلس.
قالت ديزني "إن أرنولد لم تكن مرشحة لإعادة الانتخاب بسبب فترة ولايتها المحددة بـ15 عاما. لكن من المحتمل أن رحيلها قد يحرم بيلتز من القيام بهجمة مهمة ضد ديزني ومجلس إدارتها".
قال باركر في بيان "إن أولويته القصوى كرئيس للمجلس ستكون تحديد وإعداد خلف ناجح لمنصب الرئيس التنفيذي، وإن العملية قد بدأت بالفعل".
من غير المتوقع أن يفصح إيجر عن كثير من التفاصيل حول استراتيجيته للشركة إلا بعد أن تعلن الشركة نتائجها في 8 شباط (فبراير)، لكنه أعلن بالفعل خططا لإعادة تنظيم هيكل الإدارة من عهد تشابيك التي أثارت حفيظة رؤساء استوديوهات ديزني. كما بدأت الشركة في تنفيذ خطة لخفض التكاليف.
فيما وجه العاملون في ديزني انتقادات لبيلتز لعدم تقديمه خطة مفصلة لتحسين الأداء، حيث قال الشخص المقرب من ديزني "من المدهش حقا وجود انتقادات هناك، فكثير منها غير دقيق أو منسوج، لكن لا يوجد حل واحد بالمعنى الحرفي. ليس لدى بيلتز خطة".
يشير بيلتز إلى المعارك الثلاث السابقة بالوكالة -في شركات هاينز في 2006، ودو بونت 2015 وبي آند جي 2017- كدليل على أنه يستطيع العمل مع الشركات لتعزيز نتائجها، كما قال العرض التقديمي لتريان، "لقد تغيرت آراء الإدارة بشأن تريان ونيلسون بليتز بشكل كبير بعد أن بدأنا العمل معهما لتعزيز قيمة المساهمين".
لكن المطلعين على ديزني يقولون "إن خبرته في تلك الشركات الاستهلاكية مثل بي آند جي غير مفيدة".
قال الشخص المقرب من ديزني "بيلتز مستثمر ذكي وناجح ولديه سجل جيد في العلامات التجارية الاستهلاكية للسلع الأساسية، لكن فكرة أن بيع الصابون والمنظفات مشابهة لما تفعله ديزني، وهو إنشاء ملكية فكرية عالمية، هي غير صحيحة".