لماذا فشلت التكنولوجيا في إحداث ثورة في التأمين؟

لماذا فشلت التكنولوجيا في إحداث ثورة في التأمين؟

مليارات مستثمرة، ومئات من الشركات الناشئة، وضجة كبيرة. كانت فكرة أن صناعة التأمين -التي يعود تاريخها إلى قرون- جاهزة لأن تحدث التكنولوجيا الجديدة ثورة فيها، تجذب المستثمرين ورواد الأعمال لأعوام.
من السهل رؤية سبب توجيههم نظرات حاسدة تجاه التأمين، إنه مجال كبير ويمكنه تحقيق أرباح جيدة وكان يعمل بالطريقة نفسها على نطاق واسع لعقود. بإدخال قليل من الذكاء الاصطناعي وبيانات كبيرة وتطبيقات سهلة الاستخدام، وفقا لهذه الحجة، يجب أن يكون الفوز بشريحة لائقة من السوق ممكنا.
اقتنع كثير من الناس بالفكرة. وفقا لبيانات من شركة جالاجا ري للتأمين، استثمرت 40 مليار دولار فيما يسمى بشركات تكنولوجيا التأمين الناشئة عالميا على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
لا يزال تأمين المستهلك غير ابتكاري إلى حد كبير. مثلا، أكبر شركات تأمين السيارات في المملكة المتحدة هي نفسها التي كانت موجودة منذ عقد أو عقدين، أفيفا، وأدميرال، ودايركت لاين، وأخرى غيرها. الأمر سيان في الولايات المتحدة. كما لم يتغير تأمين السيارة والمنزل الفعلي الذي نشتريه كثيرا. نعم، قد نشتري من موقع يقارن الأسعار بدلا من وسيط معروف، لكن السياسة نفسها كما كانت عليه بشكل عام.
يتناقض ذلك مع الثورات التي حدثت في التجزئة والسفر وعدد لا يحصى من الصناعات الأخرى.
عانت موجة الشركات الناشئة حتى الآن لتحقق نجاحا كبيرا. لا تزال ليمونيد، إحدى أبرز شركات تكنولوجيا التأمين الناشئة، المدرجة في الولايات المتحدة، تخسر المال ومن المتوقع أن تستمر كذلك هذا العام والعام المقبل. انخفض سعر سهمها 59 في المائة على مدى العام الماضي. كان أداء بعض شركات تكنولوجيا التأمين الأخرى المدرجة في الولايات المتحدة مثل هيبو وروت أفضل بقليل.
في المملكة المتحدة، لدى الشركات مثل باي مايلز "تأمين للسيارة يدفع حسب الأميال" وكوفا "تأمين سيارة قصير المدى" أفكار جيدة كما أنها تنمو، لكن بالكاد تحرز أي تقدم حتى الآن في صناعة تأمين السيارات التي تبلغ قيمتها 16 مليار جنيه استرليني.
صعوبة الحصول على اهتمام الناس هي إحدى المشكلات التي تواجهها هذه الشركات الناشئة. يقول بول دياث من شركة أوكسبو بارتنرز للاستشارات، "لا يهتم العملاء بما يكفي بتأمينهم. هي سوق تنافسية للغاية حيث يركز معظم العملاء على السعر. ويبدون اهتماما أقل بالمزايا". تشويق الناس لأحدث ابتكارات "الآيفون" يختلف عن تشويقهم لأحدث ابتكارات التأمين الذي يعد تحديا أصعب.
كان على الشركات الناشئة التنافس على السعر مع المشغلين الكبار. أطلقت "ليمونيد" في المملكة المتحدة العام الماضي. يحكي موقعها الإلكتروني قصة، بعد إخبار الزوار "انسوا كل ما تعرفونه عن التأمين"، يقول السطر التالي "أبق أشياءك في أمان، ابتداء من أربعة جنيهات استرلينية في الشهر". تفسير كيفية عمل سياستها والأسباب الجيدة التي تهدف إلى دعمها تظهر آخر الصفحة.
كما أن عليهم العمل بجد للفوز بالأعمال التجارية. يعني ذلك القيام بكثير من حملات التسويق المكلفة سواء من خلال الإعلان المباشر أو من خلال مواقع مقارنة الأسعار، أما تأثير كلام الناس فهو محدود جدا في مجال التأمين.
يجادل روب موفات من مجموعة بالديرتون لرأس المال المغامر، بأنه يتعين عليهم تحسين التعامل مع المطالبات عن طريق التخلص من الاحتيال وإبقاء تكاليف الإصلاح منخفضة. إذا ارتفعت هذه النفقات، فلن يبقي أي قدر من البيانات الذكية أو نماذج الأعمال الجديدة العمل مربحا. حتى شركات التأمين الحالية تجد الأمر صعبا. حذرت شركة دايركت لاين الأسبوع الماضي بشأن الأرباح بسبب ارتفاع تكاليف المطالبات.
قد تميل شركات التأمين الكبرى إلى أن تسمح لنفسها بتنفس الصعداء، حيث كانت موجة التحول التي سببت القلق أصغر مما خشي منه كثيرون. مع تقليص صناعة التكنولوجيا التكاليف وازدياد شح التمويل، فإن إمكانية ظهور مشارك كبير جديد مدعوم بقوة تنحسر.
لكن التهديد لا يزال موجودا. نادرا ما يحب المستهلكون التأمين، لذا لا يزال هناك مجال ليأتي شخص ما بعرض قد يغير رأيهم. تلوح مجموعات التكنولوجيا الكبيرة في الأفق. على الرغم من أنه لم تبذل إحداها أي جهود كبيرة في القطاع حتى الآن، بل كانت بطيئة التقدم. كانت "أمازون" آخرها، بخطة لإطلاق خدمة تأمين في المملكة المتحدة. لم تختف تلك اللمحات الخاطفة الحاسدة.

الأكثر قراءة