شركات الطاقة .. التحديات والحلول «2»
عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أنه في ظل عالم مطرد النمو على جميع الأصعدة فلا مناص من استقرار أسواق الطاقة واستدامتها وسلامة شرايينها، فالطاقة قلب التطور النابض، وركن التنمية الرصين، فلا يمكن بأي حال من الأحوال استقرار الدول والمجتمعات التي تواجه شحا للطاقة. ذكرت أيضا أن الأزمات الأخيرة وعلى رأسهما جائحة كورونا والأزمة الروسية - الأوكرانية وضحت حقيقة أن الشعارات الرنانة لن تمد العالم بالطاقة، وأن الأجندات السياسية الضيقة لن تحافظ على سلامة إمداداتها، وأن توحيد الجهود والرؤى، واستغلال الوقت والموارد في رفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة، عين الحكمة والمسؤولية.
تهدف السعودية إلى تنويع مصادر الطاقة والمضي قدما بفاعلية في زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، فأهداف هذا التوجه الاستراتيجي كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، تنويع الاقتصاد، والحفاظ على الثروات الناضبة ورفع كفاءة استخراجها واستهلاكها وعلى رأسها النفط. من أهدافها أيضا خفض الانبعاثات، ونقل التقنيات وتوطينها وغيرها كثير. الطاقة الشمسية أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد حراكا متسارعا على مستوى العالم، وتطورت تقنياتها تطورا لافتا في العقد الأخير، ما انعكس على تكلفة إنتاجها، وجدواها الاقتصادية بطبيعة الحال.
الشركات الوطنية الناشئة في قطاع الطاقة تواجه كثيرا من التحديات خلال هذه المرحلة، لكونها نشأت في ظروف قاسية وغير اعتيادية كجائحة كورونا التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد، وتبعتها الأزمة الروسية - الأوكرانية، أو بمعنى أدق الحرب الروسية - الأوروبية، التي انعكست على أسواق الطاقة العالمية ومنها بلا شك شركات الطاقة بأنواعها المختلفة عالميا. من أهم التحديات التي تواجه الشركات الوطنية الناشئة في قطاع الطاقة هو تمويل رأس المال العامل، فمن يطلع على الشروط الموضوعة للحصول على تمويل من بعض الجهات التمويلية، يعي يقينا أنها شروط تعجيزية جدا. حيث إن طلب هذه الجهات قوائم مالية مميزة لآخر ثلاثة أعوام، وفي ظل هذا الاقتصاد العالمي السيئ جدا، هو طلب غريب وليس منطقيا البتة في رأيي.
من التحديات التي تواجهها الشركات الوطنية المخلصة والموثوقة هو تدليس بعض المنافسين بوضع فترة استردادا رأس المال في زمن قياسي لمحطات الطاقة الشمسية، وهذا بهدف إقناع العميل بجدوى المشروع الاقتصادية، فتواجه الشركات الوطنية الموثوقة سؤالا عريضا، لم فترة استرداد رأس المال لديكم أطول نسبيا مقارنة بالشركة الفلانية؟! هذا التباين في التصميم وفي دراسة الجدوى الاقتصادية سيصيب العميل بحيرة وستقل ثقته بهذا القطاع. من التحديات التي تواجه الشركات الوطنية الناشئة أيضا دخول شركات المقاولات العامة هذا القطاع، إذ إن إنشاء قسم خاص للطاقة الشمسية غير مكلف، فالبنية التحتية موجودة ومهيأة.
هذا التنافس الشديد من شركات مقاولات ضخمة جدا يهدد الشركات الوطنية الناشئة للطاقة، ويدفعها دفعا إلى الخروج من السوق بسرعة كبيرة، لأنه لا توجد مقارنة بين الشركات الناشئة والأخرى الضخمة القائمة في قطاع المقاولات من ناحية الموارد المالية والموارد العمالية والخبرات وما إلى ذلك. هذه التحديات الأهم في رأيي التي تواجهها الشركات الناشئة في قطاع الطاقة، وسأسلط الضوء على بعض الحلول لمواجهة هذه التحديات.