سمعة أوروبا كمركز مالي قد تتلطخ

 سمعة أوروبا كمركز مالي قد تتلطخ

عندما تم إنشاء الهيئة المصرفية الأوروبية في 2011، كانت الوحيدة من نوعها في المدينة، إذ كانت أول وكالة تم إنشاؤها لحماية النظام المصرفي في أوروبا من نوع الانهيار المدمر الذي واجهه منذ 2007، حيث سرعان ما أعقبت انهيار وول ستريت أزمة مالية في منطقة اليورو.
بحلول الوقت الذي تولى فيه خوسيه مانويل كامبا منصب رئيسها في أواخر 2019، كانت الهيئة تشارك الأضواء مع البنك المركزي الأوروبي، الذي تولى الإشراف على بنوك منطقة اليورو في 2014، ومجلس القرارات المنفرد، الذي تم إنشاؤه في العام التالي لضمان فشل البنوك الأوروبية بأمان.
قريبا، ستعمل وكالة الاتحاد الأوروبي الجديدة، أملا، على زيادة إضعاف مجال نفوذ الهيئة المصرفية الأوروبية عبر تولي مسؤولية قواعد مكافحة غسل الأموال عبر المؤسسات المالية في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك البنوك.
يقول كامبا، متأملا في التحديات التي واجهتها الهيئة المصرفية الأوروبية مع تقدم الآخرين فيما كان ذات يوم مجالها "داخليا (...) علينا أن نتيقن من استمرار تأكيدنا على أننا هنا للمساعدة على حل المشكلات، ولسنا هنا للعثور على أشياء يجب القيام بها".
تم إنشاء الهيئة في الأصل من أجل "بناء إطار تنظيمي ورقابي واحد" لكامل النظام المصرفي في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية.
في البداية، كان التركيز الرئيس يكمن في التخفيف من حدة الأزمات، تنسيق القواعد والنهج عبر الاتحاد الأوروبي حتى لا تكون هناك جهات ضعيفة عندما تأتي الصدمة التالية. اعتبر أيضا أن وجود هيئة أوروبية عامة تشرف على سلامة البنوك وتشهد عليها يرجح طمأنة المستثمرين أكثر من دولة تتحدث باسم مؤسساتها الخاصة، نظرا إلى أن الأزمة المالية في منطقة اليورو كشفت كيف يمكن أن يرتفع مصير دولة ما ويسقط مع بنوكها.
تم تحديد أولويات ونهج وكالة الهيئة المصرفية الأوروبية من قبل الاتحاد الأوروبي وتوجيهها من قبل مجلس إدارة يضم ممثلين عن كل من الوكالات الإشرافية في الدول، التي أسهمت أيضا بأعضاء في اللجان حيث تتم مناقشة سياسات أكثر تفصيلا بهمة ونشاط.
الآن، فإن الجهة المرشدة للهيئة المصرفية الأوروبية هي مجلس إشرافي يتألف إلى حد كبير من ممثلين عن 20 دولة يمكن تحديد سياساتها ومواقفها بشأن الموضوعات الرئيسة عبر آلية الإشراف الفردية "إس إس إم" التابعة للبنك المركزي الأوروبي التي هي جزء منها.
كما احتل البنك المركزي الأوروبي مركز الصدارة في بعض الوظائف الأساسية لهيئة المصرفية الأوروبية، وأبرزها اختبارات الإجهاد، اختبارات كانت تستخدمها الهيئة المصرفية الأوروبية في السابق لإصدار أوامر للبنوك بجمع مليارات من رأس المال الإضافي حتى تتمكن من تحمل أزمة متخيلة بشكل أفضل. لا تزال دول منطقة اليورو تشارك في اختبارات الإجهاد التي تجرى كل عامين من قبل الهيئة، لكن البنك المركزي الأوروبي يدير اختبارات الإجهاد الخاصة به مرة واحدة على الأقل كل عام.
تقول الجهات التنظيمية، من وحدة منطقة اليورو وخارج منطقة اليورو، "إن كامبا قام حتى الآن بعمل جيد في تحديد ما هو أمر دقيق للغاية، منع تحول مناقشات الهيئة إلى ديناميكية متعصبة بين دول البنك المركزي الأوروبي وتلك الموجودة في الخارج، مع الاستمرار في الحفاظ على موافقة البنك المركزي الأوروبي".
يجادل كامبا، أستاذ سابق في الإدارة المالية والاقتصاد وموظف عام، بأن إنشاء آلية الإشراف الفردية جعل بعض جوانب عمل الهيئة المصرفية الأوروبية أسهل، نظرا لأن الهدف الرئيس لها يكمن في تعزيز الإشراف المصرفي المتسق عبر الدول في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية.
يقول كامبا "البنك المركزي الأوروبي مفيد بشكل لا يصدق (...)، نتعاون كثيرا، لأنه ينفذ بالفعل نهجا إشرافيا واحدا في جميع المجالات. لدينا تعاون وتنسيق مكثفان معه".
يتمثل أحد الأهداف المشتركة للبنك المركزي الأوروبي والهيئة المصرفية الأوروبية في الاتحاد المصرفي، المشروع الأوروبي الكبير الذي يهدف إلى تحويل 27 سوقا مفككة للقروض، والادخار والحسابات الجارية إلى سوق واحدة في الاتحاد الأوروبي، حيث يمكن للعملاء، ورأس المال والتراخيص العمل بسلاسة عبر الحدود.
كان إنشاء آلية الإشراف الفردية ومجلس القرار الفردي من العلامات الرئيسة في المشروع الذي مضى عليه عقد من الزمن، لكن ثبت أن الجزء الثالث من الاتحاد المصرفي، مخطط أوروبي واحد لضمان الودائع المصرفية، بعيد المنال. بعد فشل محاولة أخرى لإبرام اتفاق بشأن نظام الإيداع في حزيران (يونيو)، ألم يحن الوقت للاستسلام واستغلال أفضل ما حققته أوروبا؟
ليس بالنسبة إلى كامبا، الذي اعتاد على العمل بجد في ظروف صعبة. حيث أمضى عامين ونصفا كوزير للخارجية في وزارة الاقتصاد والمالية الإسبانية في ذروة أزمة منطقة اليورو، من 2009 إلى 2011، حيث سعت الدولة للحصول على مساعدة من الاتحاد الأوروبي لقطاعها المصرفي المتعثر.
يقول كامبا "إذا كنت تريد أن تستقر الطاولة، تحتاج إلى ثلاثة أرجل، لأن الطاولة ذات الرجلين، غير مستقرة"، وكان يتحدث مثل مغني راب أكثر من كونه منظما، مضيفا أن "الحماية التي يوفرها نظام تأمين الودائع الأوروبي أساسي لفكرة سوق مصرفية واحدة".
تم إنشاء الاتحاد المصرفي قبل تصويت المملكة المتحدة 2016 على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكن التطورات الأخيرة حدثت على خلفية تفوقها فيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث كان الاتحاد الأوروبي يحاول تعزيز مركزه المالي مقارنة بلندن.
يتعلق توجيه رأس المال المصرفي الأخير للاتحاد الأوروبي في الغالب بتحويل أحدث قواعد بازل لرأس المال إلى القانون الأوروبي، لكن المقترحات تضمنت أيضا عنصرين ينظر إليهما على أنهما مؤشران على سوق مصرفية أوروبية أقل انفتاحا.
أحد البنود في توجيه رأس المال الأصلي حظر البنوك والمراكز المالية الأخرى استخدام التصاريح العابرة للحدود للبيع من دول خارج الاتحاد الأوروبي في السوق الموحدة. ونص بند آخر على إجبار البنوك الأجنبية على تحويل بعض فروعها في الاتحاد الأوروبي إلى بنوك تابعة، مع كل التكاليف الرأسمالية وغيرها من التكاليف التي قد ينطوي عليها ذلك.
أدى كلا الإجراءين إلى رد فعل عنيف -من الصناعة المالية وبعض دول الاتحاد الأوروبي- وما زال قيد المناقشة مع توجه التشريع إلى البرلمان الأوروبي. انضم كامبا في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى اثنين من كبار المنظمين في البنك المركزي الأوروبي لتحذير السياسيين من أنهم يخاطرون بإضعاف القواعد العالمية لدرجة أن سمعة أوروبا كمركز مالي قد تتلطخ.
يقول كامبا "الرسالة الأساسية بالنسبة إلي ذات شقين. أولا، لا يوجد هناك حصن أوروبي، بل نواصل تقديم الخدمات المناسبة والانفتاح على الأسواق الدولية. ثانيا، أن تلك الكيانات التي تقع خارج الاتحاد الأوروبي وتدير أعمالا في الاتحاد الأوروبي تتم بشكل صحيح، ولم يتم تنفيذها بغرض المراجحة".
بعد أن تتم الموافقة النهائية على التوجيه، ستكون هيئة كامبا مسؤولة عن تحويل المستند المطول إلى كتاب قواعد مصرفية واحد يمكن للبنوك في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي اتباعه.
تشمل المشاريع القادمة الأخرى الإشراف على العملات الرقمية بدءا من 2025، والعمل على الاستدامة، بما في ذلك الإشراف على إدخال نسبة الأصول الخضراء من 2024، الذي يتطلب من 150 بنكا كبيرا نشر النسبة المئوية من أصولها التي تلبي الحدود الخضراء.
تمثل كل من الرقمنة والاستدامة قضيتين صعبتين، لكنهما تتناسبان تماما مع فئة كامبا من "المشكلات وثيقة الصلة جدا التي تكون الهيئة الأوروبية المصرفية في وضع جيد للمساعدة على حلها"، وينبغي أن تقضي وقتها في الوقت الحالي عليها، إذ إنه ليس لديها كثير للقيام به بشأن الجبهة المصرفية الأساسية.
كما لدى الهيئة عدد من الأشياء الصغيرة الأخرى في مخططاتها، إذ يتضمن برنامج عملها لـ2022، 25 نشاطا عبر خمسة مجالات استراتيجية، بعد أن قام كامبا بتقليل حجم كثير منها.
"عندما ذهبت إلى الحكومة الإسبانية، قلت في مكتبي درجان، في واحد من الدرجين سأضع كل الأفكار التي أرغب في القيام بها، ويبدأ الدرج الآخر يصبح فارغا وسأضع فيه كل الأفكار التي اعتقدت أنها مجنونة، وتمكنت من منع شخص ما من القيام بها".
"الهدف هو تفريغ الأول وملء الثاني". يقول "إنه خلال فترته في الحكومة نجح في ملء الدرج الفارغ أكثر من إفراغ الدرج المليء". تمتد فترة ولايته في الهيئة حتى آذار (مارس) 2024، ويأمل في تحقيق نتيجة أكثر توازنا هذه المرة.
3 أسئلة لخوسيه كامبا
من بطلك في الريادة؟
لا تعجبني كلمة البطل (...)، عندما كنت صغيرا، كنت مفتونا جدا بمهاتما غاندي، هذا النوع من الشخصيات، مثل مارتن لوثر كينج، ونيلسون مانديلا، هؤلاء هم الأشخاص الذين بالفعل يفعلون ما يقولون، وإنهم متواضعون للغاية.
ما الذي كنت ستقوم به لو لم تكن مديرا تنفيذيا/رئيسا لمجلس إدارة؟
مغني أوبرا، لكن ليس لدي الإمكانات. لذلك كان علي تحديد المكان الذي يمكنني العثور فيه على جمهور أسير. وكان ذلك في الفصل الدراسي. لذلك اخترت أن أصبح أستاذا.
ماذا كان أول درس لك في القيادة؟
هناك كثير من الأشياء التي تريد القيام بها، لكن هناك أيضا كثيرا من الأشياء التي يتعين عليك القيام بها، وعليك أن تفهم أي الأشياء التي تختارها "للتركيز عليها".

الأكثر قراءة