الرعاية الاجتماعية البريطانية بحاجة إلى الاستثمارات الخاصة لتحسين خدماتها

الرعاية الاجتماعية البريطانية بحاجة إلى الاستثمارات الخاصة لتحسين خدماتها

قال لي أحد المستثمرين ذات مرة: "الوحدة هي أحد أكبر الأسباب التي تجعل الناس ينتهي بهم الأمر في دور الرعاية. إذا كنت وحيدا، لن تأكل، وستصبح ضعيفا، وتسقط". جمع هذا الرجل ثروته من دور الرعاية لكنني اكتشفت أنه اعتنى بوالديه المسنين بنفسه. مع ما يصل إلى سرير واحد من كل خمسة أسرة في إنجلترا يشغلها الآن المرضى المسنون الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه، فإن ملاحظته هي تذكير بأنه لا يمكننا تجاهل الإنسان، إذا أردنا إصلاح "الرعاية الاجتماعية".
مع انهيار هيئة الخدمات الصحية الوطنية، فإن توظيف مزيد من العاملين في مجال الرعاية وتدريبهم هو الطريقة الأسرع والأرخص على الأرجح للتخلص من أسرة المستشفيات ومساعدة الأطباء على معالجة قائمة الانتظار. يمكن لذلك أن يتجنب أيضا احتمال مروع يحقق ذاته: كلما بقي الشخص غير قادر على الحركة في الجناح، تدهورت عضلاته، وتضاءلت احتمالية أن يتمكن من العيش بشكل مستقل مرة أخرى.
قبل بضعة أعوام، أثناء تأليفي كتابا عن عالم الشيخوخة، قمت بزيارة كثير من الدول التي يبدو أنها أدركت حقيقة بسيطة. أنها كلما طالت مدة بقاء الناس معتمدين على أنفسهم ومترابطين، كانت نوعية حياتهم أفضل وقل العبء على هيئة الخدمات الصحية. في هولندا، لدى الممرضين الذين يعالجون المرضى العاجزين في المنزل أيضا الصلاحية لبناء شبكات من الأصدقاء والجيران. في أستراليا، يتلقى كبار السن الذين يخرجون من المستشفى ما يصل إلى 12 أسبوعا من الدعم للوقوف على أقدامهم، بما في ذلك العلاج الطبيعي والاستشارات والأنشطة الاجتماعية. هذه الخدمات تشترك في رؤية أكثر طموحا بكثير من مجرد إدارة حالة التدهور التي ينزلق إليها نظامنا الذي يعاني ضائقة مالية.
في إنجلترا، عادة ما تبدأ أي محاولة لتحسين الرعاية الاجتماعية بالتمويل وتنتهي عند هذا الحد، لأننا لا نستطيع الاتفاق على من ينبغي أن يدفع. نتيجة لذلك، نادرا ما نناقش كيف يمكننا مساعدة الناس على عيش حياتهم بأفضل طريقة. على مدار 11 عاما، كانت الحكومات البريطانية تتلاعب بعصبية بمقترح من لجنة دنلوت لتوفير "حد أقصى لمدى الحياة" لتكاليف الرعاية. لكن وزارة الخزانة لم تسمح لهم أبدا بفعل ذلك لأنه بينما مثلت اللجنة قفزة فكرية هائلة إلى الأمام، فإن وضع حد أقصى لنظام معطل لن يصلحه.
في ألمانيا واليابان، وجدت إجابات أهم. بدأت كلتاهما في التفكير منذ 25 عاما في شيخوخة سكانهما وما أسماه أستاذ ياباني بـ "ظل الخرف". أنشأت كلتاهما صناديق رعاية طويلة الأجل يجب على المواطنين أن يدفعوا لها، وسيحصلون من خلالها على المساعدة عندما يتم تقييمهم على أنهم بحاجة فعلية إليها. في ألمانيا يسهم المتقاعدون والعمال وأصحاب العمل، وفي اليابان جميع البالغين فوق سن الـ40. في ألمانيا، حصلت الحكومة على اتفاق بين الأحزاب بإلغاء اختبار القدرة المالية. كانت الصفقة مع الناخبين واضحة، ستدفع أكثر، لكنك ستحصل على مزيد.
إن كلا النظامين شفافان، فهما يوفران تمويلا طويل الأجل يمكن التنبؤ به ومستداما، وهما يبنيان شعورا بالتضامن الاجتماعي. في طوكيو، أخبرني الشباب أنهم لا يثقون في الدولة على الإطلاق لدفع معاش تقاعدي لهم، لكنهم يثقون بتأمين الرعاية طويلة الأجل.
أما في بريطانيا، هناك إحساس ضئيل بالتضامن. يذهب النقاش فقط إلى حد "لا تطلب مني بيع منزلي لدفع ثمن الرعاية"، هذا يعود بشكل جزئي إلى عدم عدالة النظام. ما يقرب من نصف المقيمين في دور الرعاية يدفعون رسومهم الخاصة ويدعمون الذين لديهم موارد مالية أقل، لأن السلطات المحلية تعاني نقصا في السيولة. نحن بحاجة إلى نقاش على نطاق واسع من النوع الذي صممته اليابان وألمانيا، مع عرض كبير مشابه للجمهور: يسهم الجميع ويمكنهم الحصول على المساعدة إذا كانوا مؤهلين جسديا، ليس فقط إذا واجهوا تكاليف رعاية كارثية من النوع المنصوص عليه في نظام الحد الأقصى لمدى الحياة.
ربما لأن معاييرهما وطنية وشفافة، يبدو أن ألمانيا واليابان ليس لديهما احتكاك كبير بين المفوضين ومقدمي الخدمات. في المملكة المتحدة، يتضاءل أفق القطاع العام بشكل غريب، ولا يثق إلا في جزء النظام الذي يتحكم فيه بشكل مباشر. لا تفعل الحكومة المركزية والمحلية كثيرا لدعم دور المسنين والجمعيات الخيرية التي تقوم بعمل رائع. كما أنهم يشككون للغاية في الوكالات التي تديرها العائلات والوكالات الخاصة التي تقدم في الأغلب رعاية منزلية، لدرجة أن القيام حتى بزيارة منتظمة إضافية يمكن أن يكلف ثروة في البيروقراطية.
وزارة الخزانة ترى الرعاية الاجتماعية على أنها تكاليف تفترض أنها سترتفع بلا هوادة مع تقدم السكان في السن. في الواقع، يمكن أن تكون استثمارا. في إنجلترا، غالبا ما يستقيل أفضل العاملين في مجال الرعاية لأنهم لا يمنحون الوقت الكافي لرعاية الشخص رعاية كاملة. تتعامل هيئة الخدمات الصحية الوطنية مع الرعاية الاجتماعية باعتبارها أمرا ثانويا. لكن إذا رأينا الرعاية باعتبارها سلسلة متصلة، بدءا من الصحة العامة مرورا بإعادة التأهيل إلى الإسكان المدعوم ونهاية الحياة، فقد تكون الوظيفة مجزية أكثر من الناحيتين المهنية والمالية.
عندما تخشى وكالات الرعاية المنزلية افتتاح سوبرماركت جديد في شارع رئيس لأنها تعلم أنها ستفقد موظفين، يجب أن ترتفع الأجور. يمثل نقص العمالة تحديا كبيرا في كثير من الدول. اليابانيون يتحولون إلى الروبوتات، وأصدروا تأشيرات أجنبية لأعمال الرعاية. في الولايات المتحدة، أعلن البيت الأبيض تمويلا لمزيد من العاملين الصحيين في مجال الرعاية الاجتماعية. يوجد في المملكة المتحدة نحو 160 ألف وظيفة شاغرة في مجال الرعاية الاجتماعية. لكن هناك أيضا ما يقرب من عشرة ملايين من مقدمي الرعاية غير مدفوعي الأجر، وكثير منهم يقترب من الافلاس. تتيح ألمانيا للأشخاص استخدام مزاياهم النقدية كيفما يحلو لهم بما في ذلك الدفع للأقارب مع عدم مشاركة أي من البيروقراطية في مخصصات مقدمي الرعاية. هذا أمر ينبغي التفكير فيه.
قال ريشي سوناك هذا الأسبوع: "إن الأولوية الأكثر إلحاحا لدينا هي نقل الناس إلى الرعاية الاجتماعية في المجتمعات التي يمكن أن تصل إليها سيارات الإسعاف". تعهدت الحكومة بتقديم 500 مليون جنيه إسترليني لتسريع الخروج من المستشفيات. يتعين أن يكون الإصلاح قصير المدى أكبر بكثير، والحل طويل الأمد أمر ملح. لكن الإجابات موجودة، إذا تجرأ السياسيون على البحث عنها.

الأكثر قراءة