في معركة النمو .. "تيك توك" تقوض منافساتها بالإعلانات المخفضة
تقدم "تيك توك" أسعار إعلانات أقل من منصات التواصل الاجتماعي المنافسة، حيث يتحرك تطبيق الفيديوهات للحصول على حصة أكبر من سوق الإعلانات الرقمية وسط تباطؤ في الإنفاق عبر الإنترنت.
أخبر المعلنون والمؤسسات الصناعية والعلامات التجارية "فاينانشيال تايمز" أن قدرا متزايدا من الإنفاق على الإعلانات قد تحول بعيدا عن منصات مثل "تويتر" و"ميتا"، التي تملك "فيسبوك" و"إنستجرام"، إلى "تيك توك" بسبب التكاليف المنخفضة ومستويات التفاعل الأفضل.
قلبت "تيك توك"، التي تملكها "بايت دانس" الصينية، موازين صناعة وسائل التواصل الاجتماعي في الأعوام الأخيرة، حيث نمت سريعا لأكثر من مليار مستخدم حول العالم. كما كان تطبيق الفيديوهات القصيرة، الذي بدأ الإعلانات لأول مرة في 2019، يقوض المنافسين في الوقت الذي كانت تتقلص فيه ميزانيات التسويق.
تظهر الأرقام التي نشرتها وكالة فينير ميديا الإعلامية، ومقرها نيويورك، من 2022 أن تكلفة الحصول على ألف انطباع من فيديو إعلان على "تيك توك" تبلغ نصف سعر "ريلز" على إنستجرام تقريبا، وأقل نحو الثلث من "تويتر"، وأقل 62 في المائة من الإعلان على "سناب شات".
ارتفع الإعلان على "تيك توك" في الربع الرابع من العام الماضي. في الفترة من أيلول (سبتمبر) إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2022، زاد أكبر ألف معلن في الولايات المتحدة إنفاقهم على منصة الفيديو الرائجة 66 في المائة ليصل إلى 467 مليون دولار، وفقا لبيانات من شركة باثماتيكس لمعلومات الأسواق.
قالت بيرميل دويل، مؤسسة ورئيسة وكالة بيليون دولار بوي الإبداعية، "كثير من شركائنا من العلامات التجارية (...) كانوا يفضلون إنستجرام 100 في المائة. أما الآن في 2023، نرى أن 80 في المائة أو 100 في المائة منهم يفضلون تيك توك".
ظهرت "تيك توك" سريعا باعتبارها مكانا يشارك فيه المستهلكون الجدد الشباب، ما جعل المنافسين يطلقون عروضهم للفيديوهات القصيرة مثل "شورتس" من "يوتيوب"، و"ريلز" من "إنستجرام".
لكن لفتت المجموعة المملوكة للصين انتباه المنظمين العالميين بشأن المخاوف الأمنية. سيجتمع شو زي تشيو، الرئيس التنفيذي، مع مارجريت فيستاجر، رئيسة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، ويتوقع أن يشمل الاجتماع نقاشات عن التقيد بالتنظيم التكنولوجي المهم الجديد للكتلة.
في 2022، تعرض عمالقة التكنولوجيا لركود عالمي في الإنفاق عبر الإنترنت حيث شهدت "ميتا" و"سناب" تباطؤا شديدا في نمو الإيرادات ما أدى إلى تقليص الوظائف واسع النطاق في كلتا الشركتين.
لم تكن "تيك توك" منيعة أمام ذلك. في تشرين الثاني (نوفمبر)، كشفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن المجموعة خفضت أهداف الإيرادات العالمية لـ2022، 20 في المائة نظرا إلى اضطراب بيئة الإعلانات. مع ذلك، قدرت الشركة أنها حققت إيرادات تصل إلى أكثر من عشرة مليارات دولار في 2022.
"كان الإعلان على تيك توك يشبه البحث عن الذهب بالنسبة إلى الناس (...) بناء على قدرة كسب مستخدمين جدد، كان ارتفاعا فلكيا"، حسبما قال إيتيان ريشيف، الرئيس التنفيذي لوكالة بلو ويل ميديا للتسويق الرقمي.
أضاف، كان معدل التفاعل المعتاد، حيث يضغط المستخدمين على محتوى الإعلان أو يشاهدونه أو يتفاعلون معه، للعلامات التجارية على إنستجرام 0.6 في المائة، بينما كان قد يصل إلى 6 في المائة على "تيك توك".
يمكن للمعلنين الدفع لترويج فيديوهاتهم على "تيك توك"، أو شراء منافذ لعرض إعلاناتهم بين فيديوهات المستخدمين، أو الدفع للمؤثرين لصناعة محتوى إعلاني نيابة عنهم، أو إنشاء "وسم تحد يحمل اسمهم" لتشجيع المستخدمين على صناعة محتوى يدور حول علامتهم التجارية.
العام الماضي، وجدت دراسة من منصة كرييتوبي لتصميم الإعلانات أن الفيديو نفسه الذي يتم ترويجه عبر مختلف المنصات حصد انطباعات أكثر ثلاث مرات تقريبا على "تيك توك"، مقارنة بـ"ريلز إنستجرام" أو "شورتس يوتيوب"، كلتاهما تعرضان فيديوهات قصيرة. لكن الأخيرة حصلت على مستويات أعلى من تفاعل المستخدمين مع المحتوى.
"هناك فرصة كبيرة للعلامات التجارية لإنشاء إعلانات مذهلة على تيك توك، مهما كانت الميزانية"، كما قال كريس بوجر، المدير العام لحلول الأعمال العالمية في "تيك توك".
على الرغم من نمو "تيك توك" السريع، كانت حصة المنصة من سوق الإعلانات الرقمية العالمية أقل من 2 في المائة في 2022، مقارنة بحصة 20 في المائة لـ"ميتا"، الشركة الأم لمنصة إنستجرام، وفقا لـ"إنسايدر إنتيليجنس".
تقدر قيمة سوق الإعلانات الرقمية بـ514 مليار دولار على مستوى العالم، وتشكل الفيديوهات الرقمية منها 65 مليار دولار، وفقا لبيانات من "ماجنا"، شركة معلومات وسائل التواصل الإعلام، التي تتوقع نمو الفيديوهات بشكل أسرع من الإعلان على محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي.
عبرت بعض العلامات التجارية والمعلنين عن حذرهم بشأن وجودهم على "تيك توك" بسبب مخاوف من أن بعض صناع المحتوى لا يفصحون عما إذا كانت الفيديوهات شراكات مدفوعة أم لا، وذلك يتعارض مع تنظيم المملكة المتحدة.
كما أنهم قلقون بشأن ما قد يظهر بجانب إعلاناتهم، مثل المحتوى الذي يحتمل أن يكون ضارا. قال شخص مطلع على الشراكات في "تيك توك" إن "العلامات التجارية الفاخرة قد تراجعت"، بسبب بعض المتاجر التي تبيع منتجات مقلدة من خلال سوق "تيك توك".
قالت "تيك توك" إن بيع السلع المقلدة عن طريق منصة التسوق الخاصة بميزة التجارة الإلكترونية في التطبيق مخالف لسياسته. أضاف أنه يجب على المستخدمين الإفصاح عن المحتوى المروج والامتثال للإرشادات المجتمعية حول المحتوى المضلل أو الضار، إضافة إلى السلوكيات المخادعة.
قالت دويل من "بيليون دولار بوي" إن "إنستجرام" كانت لا تزال الرائدة في الإعلانات بالنسبة إلى العلامات التجارية الفاخرة، حيث أثبت فاعليتها خاصة بين الجمهور المستهدف وهم النساء ذوات الثروات العالية اللاتي تراوح أعمارهن بين 20 و40 عاما.
لكنها قالت إن جميع "العلامات التجارية الفاخرة تحاول معرفة كيف يكون لها حضور أكبر على تيك توك". أضافت، "أعتقد أنها ترى أن عليها بناء جماهير هناك في حين لا تزال تركز على إنستجرام".
أشار بعض خبراء الإعلانات أيضا إلى أن قدرات "تيك توك" الإعلانية لم تصل إلى منافسيها الأكبر والأقدم بسبب كمية تحليل البيانات التي تقدمها الشركات المنافسة، مثل "جوجل" التي تملك "يوتيوب" و"ميتا"، للمعلنين على منصاتها. حفز نمو "تيك توك" السريع مقاومة المنصات المنافسة.
تجرب "يوتيوب" أنظمة عمولة جديدة للمؤثرين الذين يبيعون منتجات من خلال روابط في فيديوهات "شورتس"، حيث تكافح من أجل التمسك بصناع المحتوى لديها - وهم المستخدمون الذين يصنعون المحتوى على "يوتيوب" - أمام المنافسة الشرسة من المنصات الأخرى. سيؤدي ذلك إلى دفع 45 في المائة من الإيرادات التي يجنيها صناع المحتوى من الإعلانات، في نموذج مشابه لـ"تيك توك" التي تقدم حصة 50 في المائة. قالت "يوتيوب" إن منصة شورتس قد وصلت إلى 1.5 مليار مستخدم شهري بالفعل.
قال بينجامين أليسون من "فينير ميديا"، الذي يعمل مع "تيك توك" مباشرة، إن نقطة ضعف المنصة كانت البيانات التي قدمتها للمعلنين.
قال، "ليس هناك منافس لجوجل وميتا من حيث مجموعات البيانات الخاصة بالإعلانات التي توفر أدوات لمعالجة البيانات الخام، التي سبقت بها تيك توك قبل أعوام. طريقة تيك توك في إثبات نجاح إعلاناتها غير موثقة مقارنة بالتطور الذي وصلت إليه منافساتها".