دراسة عن الربو تثير جدلا .. هل الطهي بالغاز آمن صحيا ؟
أثار بحث جديد يحمل الطهي بالغاز الطبيعي المسؤولية عن 12 في المائة من حالات الربو لدى الأطفال، جدلا حول المخاطر الصحية لأفران المطبخ، مع دعوات إلى تشديد القواعد ذات الصلة في أمريكا.
وقال معدو الدراسة إن نتائج أبحاثهم أشارت إلى أن 650 ألف طفل أمريكي ما كانوا ليُصابوا بالربو لو أن منازلهم احتوت أفران طهو كهربائية أو تلك المستخدمة للطبخ بالتحريض، مقارنة بالتأثير الضار الذي تحدثه الأنواع التي تعمل بالغاز.
إلا أن خبيرا شارك في الدراسة، أبدى شكوكا في شأن نتائجها وأكد أن الغاز لا يزال صحياً أكثر من الطهو باستخدام الحطب أو الفحم، اللذين تشير الأرقام التقديرية إلى أنهما يتسببان بتسجيل 3.2 ملايين حالة وفاة سنويا جراء تلوث الهواء المنزلي بهما، وخصوصاً في البلدان النامية.
ونشرت الدراسة التي عاينها متخصصون الشهر الفائت في مجلة "ذي انترناشونال جورنل أوف إنفايرنمنت ريسرتش أند بابلك هيلث"، واستندت إلى احتساب نسبة مخاطر الإصابة بالربو في المنازل التي تحتوي أفران طبخ بالغاز، بالإضافة إلى معلومات من تقرير يعود إلى 2013 ويشمل 41 دراسة سابقة.
ومع دمج الأرقام الناجمة عن العملية الحسابية ببيانات التعداد السكاني في أمريكا، جرى التوصل إلى أن 12.7 في المائة من حالات الربو لدى الأطفال في أمريكا سببها الطهو بأفران تعمل بالغاز، وكانت الأرقام نفسها استخدمت عام 2018 في بحث أظهر أن 12.3 في المائة من حالات الربو لدى الأطفال في أستراليا ناتجة من استخدام أفران الغاز.
إلى ذلك استند تقرير صدر الاثنين إلى الأرقام نفسها وتوصل إلى أن 12 في المائة من الإصابات بربو الأطفال في دول الاتحاد الأوروبي تُعزى إلى الطهو بأفران الغاز، وصدر التقرير الذي لم يراجعه متخصصون في المجال، عن مجموعة "كلاسب" (CLASP) والتحالف الأوروبي للصحة العامة.
وتضمن التقرير الأوروبي عمليات محاكاة بالكمبيوتر أجرتها منظمة الأبحاث الهولندية "تي ان أو" لتحليل التعرّض لتلوث الهواء داخل مطابخ منزلية في مختلف أنحاء أوروبا، وأتى مستوى ثاني أكسيد النيتروجين المسجل متجاوزا توصيات الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية خلال مرات عدة في الأسبوع بمختلف المطابخ باستثناء تلك الواسعة التي تحوي آلات لسحب الهواء خارج المنازل.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ ثاني أكسيد النيتروجين الذي ينبعث عند حرق الغاز، هو "ملوّث مرتبط بصورة وثيقة بالإصابة بالربو وبأمراض أخرى تطال الجهاز التنفسي"، وستتولى مجموعة "كلاسب" هذه السنة جمع البيانات المرتبطة بجودة الهواء من 280 مطبخا في مختلف أنحاء أوروبا، في محاولة لتأكيد النتائج الصادرة في هذا الخصوص، ويأتي البحث تزامناً مع تشديد القواعد الخاصة بأفران الغاز في الولايات المتحدة.
وأشار العضو في لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية ريتشارد ترومكا جونيور في تغريدة، إلى أن اللجنة ستأخذ في الاعتبار مختلف المقاربات في القواعد الجديدة، وأضاف "اللجنة لا تستهدف الأفران الموجودة أصلاً في المنازل، بل تطال القواعد المنتجات الحديثة"، وشجبت جمعية الغاز الأمريكية التي تشكل مجموعة ضغط، الدراسة واصفة اياها بأنها "ترويج يستند إلى مجرد عملية حسابية ولا تضيف إلى العلم أي جديد"، ورفض مدير معهد "روكي ماونتن" والمعد الرئيسي للدراسة برادي سيلز تصريح جمعية الغاز الأميركية، وقال "طبعا هي مجرد عملية حسابية، إلا أنها توفر أرقاماً لم يجر التوصل لها في السابق مطلقا".
وكان روب جاكسون من جامعة ستانفورد نشر سابقاً دراسة أظهرت أنّ غاز الميثان يمكن أن يتسرب من أفران الغاز حتى عندما تكون مُطفأة. ولفت إلى أنّ الدراسة الأميركية "أتت مدعومة بعدة دراسات أخرى خلصت إلى أنّ استنشاق التلوث الداخلي الناجم عن الغاز قد يتسبب بالإصابة بالربو"، إلا أنّ الباحثين الساعين إلى جعل الثلاثة مليارات شخص الذين لا يزالون يستخدمون الوقود الصلب الضار كالفحم والحطب في الطهو، يبدون قلقاً من جانبهم.
وذكر دانييل بوب، وهو أستاذ في الصحة العامة العالمية لدى جامعة ليفربول، أن الرابط بين مرض الربو والتلوث الناجم عن أفران الغاز لم يُثبت بشكل قاطع، مشيرا إلى ضرورة إجراء مزيد من البحوث في هذا الشأن، وبوب هو أحد أعضاء فريق يجري بحثا بتكليف من منظمة الصحة العالمية، بهدف تلخيص التأثيرات التي يمكن أن يحدثها مختلف أنواع المحروقات المُستخدمة في الطهو والتدفئة، على الصحة، وقال إنّ النتائج التي ستنشر في وقت لاحق خلال العام الحالي تشير الى "انخفاض كبير في المخاطر" عندما يتخلى الأشخاص عن الوقود الصلب والكيروسين لصالح الغاز.
وأضاف ان النتائج لفتت إلى وجود "آثار ضئيلة لا تنطوي غالبيتها على أي أهمية يتسبب بها الغاز مقارنة بالكهرباء، على كل الحالات الصحية بينها الربو"، وتعليقا على هذه النتائج، قال برادي سيلز الدراسة لم تفترض وجود علاقة سببية بين الربو والطهو بالغاز، وأفادت بدلا من ذلك بالعلاقة بين التعرض للغاز والإصابة بالمرض استنادا إلى دراسات تعود إلى سبعينات القرن العشرين، وتابع "أعتقد أنّ عدم اعتراف المجتمع الدولي صراحةً بالخطر المعروف بشكل كبير لأفران الغاز، يمثل مشكلة كبيرة".