عام جديد بعقلية مبتدئ
مع بدء العام الجديد، قد يفقد بعضكم بالفعل الدافع إلى الالتزام بالوعود التي قطعتموها قبل بضعة أيام فقط، لتصبحوا نسخة أكثر صحة وثراء ورشاقة وإثارة للإعجاب بشكل عام في 2023. وإذا لم تتخلوا بالفعل عن هذه الوعود، فمن المحتمل أن يتخلى 80 في المائة منكم عن أي قرارات قد اتخذتموها بحلول الأسبوع الثاني من شباط (فبراير).
لكن قبل أن تتخلوا عن هذا العمود أيضا، اسمحوا لي أن أقدم لكم أمرا أكثر تفاؤلا بقليل. قد لا تتمكن من القفز من السرير بمرح كل صباح في الساعة السادسة، أو إحراز تقدم كبير في العشرة آلاف ساعة التي تستغرقها في إتقان مهارة، لكن هناك طرقا أقل صعوبة للتعامل مع تحسين الذات، التي قد يكون لها تأثير أكبر في النهاية.
في الواقع، قد يكون أحيانا كونك "بارعا" في مجال ما أمرا سيئا، حيث إنه يبعدك أكثر عن التبصر، ولا يقربك منه. لذا بدلا من محاولة أن تصبح أعظم خبير في العالم في أي مما قررت أنه ضروري لتبرير وجودك هذا العام، يمكنك التركيز بدلا من ذلك على شيء أبسط قليلا، أن تنمي "عقلية مبتدئ".
تتمحور الفكرة حول أن الجميع - بغض النظر عن مدى تقدمهم أو خبرتهم - ينبغي أن يحاولوا التعاطي مع الأمور بالانفتاح والفضول والمرونة والرغبة نفسها في التعلم، التي تميز نهج المبتدئين.
الخبير، على عكس المبتدئ، بنى بمرور الوقت مجموعة كاملة من الافتراضات والتصورات المسبقة والعادات. ربما تكون هذه الخصائص قد ساعدتهم على الوصول إلى مستوى خبرتهم، لكن التمسك بها دون أي تساؤل أو إعادة نظر يمكن أن يؤدي إلى تغشية العقل بدلا من ذلك.
حددت الدراسات على مر الأعوام "نقمة الخبرة"، حيث أظهرت أنها تجعل الناس يبالغون في تقدير معرفتهم ويصبحون أكثر انغلاقا عقليا. حتى مجرد تصور أن المرء خبير، سواء كان هذا الاعتقاد مبررا أم لا، يمكن أن يكون له هذا التأثير. في إحدى الدراسات التي أجريت في 2015، أصبح المشاركون، الذين تم إخبارهم بأنهم خبراء في موضوع ما، أقل رغبة في الاستماع إلى وجهات نظر أخرى. كما وصف الباحثون هذا بأنه "تأثير التعصب المكتسب": فكرة أن المجتمع يعتقد أنه يحق للخبراء في الواقع أن يكونوا منغلقين ومتعصبين في نهجهم.
في حين تعرض مايكل جوف وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني لانتقادات بسبب تعليقه، قبل وقت قصير من التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أن "الناس في هذه الدولة لديهم ما يكفي من الخبراء من منظمات ذات اختصارات، تقول إنها تعرف ما هو الأفضل"، كانت وجهة نظره عادلة، "الاعتماد على الخبرة المفترضة غالبا ما يقودنا بشكل أعمى إلى وضع ثقتنا في الأشخاص الخطأ". لو أن، مثلا، عالم العملات المشفرة فقط قد طرح مزيدا من الأسئلة على سام بانكمان-فرايد الرئيس التنفيذي السابق لبورصة إف تي إكس، الذي قد يواجه الآن حكما بالسجن لأكثر من مائة عام، أو دو كوون مؤسس عملة تيرا/لونا، الذي يختبئ الآن، بدلا من افتراض أن هؤلاء الناس يعرفون ما يفعلونه.
بالطبع، الخبرة لها قيمتها. من أجل قيادة طائرة تقل عدة مئات من الركاب، أو لإجراء عملية قطع القحف، ستحتاج بالتأكيد إلى بناء مستوى معين من الخبرة. يتم ذلك عن طريق تعلم مجموعة من المفاهيم والتصنيفات والتكنولوجيات المحددة مسبقا. لكن المشكلة تأتي عندما يتم الخلط بين هذه المفاهيم كحقائق خالدة.
هذا أمر عرفه ألبرت أينشتاين في كتاباته عن الفلسفة ونظرية المعرفة في العلوم. كتب أينشتاين في 1916 "المفاهيم التي أثبتت فائدتها في ترتيب الأمور تحقق مثل هذه السلطة علينا بسهولة، لدرجة أننا ننسى أصولها الدنيوية ونقبلها كمسلمات. غالبا ما يتعذر السير على طريق التقدم العلمي لفترة طويلة بسبب هذه الأخطاء". كما أشار إلى أنه على العلماء أن يشككوا في المفاهيم التي أصبحت شائعة، وأنه ينبغي "إزالتها إذا كان لا يمكن إضفاء الشرعية عليها بشكل صحيح، وتصحيح ارتباطها بأشياء معينة غير ضرورية للغاية".
يعتمد التقدم العلمي على مثل هذا النهج، لكن هذا درس يمكننا جميعا أن نطبقه في 2023. سواء كان ذلك في وظائفنا أو حياتنا الشخصية، فإن تعزيز الشعور بالفضول الطفولي تقريبا حول ما يجري من حولنا يمكن أن يحقق مجموعة كاملة من الفوائد. وهو أكثر إمتاعا من محاولة أن نصبح مثل آلات إنتاجية. هذا العام، إذن، قد نفكر في أن نصبح خبراء في عدم كوننا خبراء؟ سأجرب ذلك.