سوق العقارات الأيرلندية .. الطفرة التي لا تظهر بوادر للتباطؤ
يقول كريومثان مكارثي، الذي يبلغ من العمر 32 عاما، عامل شاب من مقاطعة تيبيراري في أيرلندا "كنا ندخر على مدار العامين الماضيين". يعيش وشريكته لمدة أربعة أعوام، أيلين شيهان، البالغة 35 عاما، مع والديهما بشكل منفصل، بينما يحاولان الادخار لشراء منزل.
يقول "إننا في سباق مع التضخم في أسعار المساكن، بينما تنكمش مدخراتنا مقابل تضخم أسعار المساكن. إذا نظرت من كثب، فسيبدو الأمر ميؤوسا منه قليلا".
لطالما كانت أيرلندا موطنا لمالكي المنازل، وقد جعل امتلاك عقار لكل أسرة من ثماني أسر مليونيرة على الورق. لكن صعود سلم الامتلاك بعيد المنال بالنسبة إلى كثيرين الآن، وبالنسبة إلى عدد متزايد من الأشخاص، فإن مجرد تأمين مكان للعيش فيه بدأ يصبح أمرا أكثر صعوبة.
حتى وفقا لمعايير أسواق العقارات في الدول المتقدمة المشابهة، شهدت أيرلندا ارتفاعا في أسعار المنازل على مدى الأعوام الخمسة الماضية، بعد ما يزيد قليلا على عقد من دورة الازدهار والكساد السابقة التي تسببت في حدوث أزمة اقتصادية.
لكن على عكس أسواق العقارات العالمية الساخنة الأخرى التي تواجه تباطؤا سريعا، حيث ترتفع أسعار الفائدة ويلوح الركود في الآفاق، فإن ازدهار أيرلندا لا يظهر أي علامات على التباطؤ، إذ لا تزال تواجه نقصا في المساكن الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، سواء أكان ذلك للشراء أو للإيجار.
ارتفعت أسعار المنازل 10 في المائة على مستوى الدولة في العام المنتهي بتشرين الأول (أكتوبر)، بانخفاض نقطة مئوية من العام حتى أيلول (سبتمبر)، وفقا لمكتب الإحصاء المركزي، بمتوسط سعر ملكية في العام يصل إلى 300 ألف يورو. وفي أجزاء من غرب أيرلندا، قفزت أسعار العقارات إلى أكثر من 16 في المائة. يقول مكتب الإحصاء المركزي "إن أسعار العقارات على الصعيد الوطني ارتفعت 130 في المائة منذ أوائل 2013".
في الوقت نفسه، شهدت أيرلندا "انهيارا استثنائيا في المخزون المتاح للإيجار" خلال الـ18 شهرا الماضية، وفقا لرونان ليونز، الأستاذ في كلية ترينيتي في دبلن وخبير الإسكان، وذلك في تقرير لموقع "دافت.آي إي" الخاص بالممتلكات.
وجد ليونز 495 منزلا فقط متاحة للإيجار في دبلن في تموز (يوليو) و35 ألفا فقط على الصعيد الوطني، أي نصف المستوى المتاح تقريبا في 2016.
مع ذلك، ارتفعت الإيجارات على مستوى الدولة بمتوسط 14.1 في المائة في الربع الثالث من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من 2021، وفقا لموقع "دافت.آي إي"، أعلى زيادة منذ أن بدأ تتبع الإيجارات 2005.
تقول الحكومة "إن برنامج بناء المنازل الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات يورو سنويا الذي أطلقته 2021، الذي يطلق عليه "الإسكان للجميع"، يحقق نجاحا وهو في طريقه لتجاوز هدف البناء هذا العام.
لكن الأرقام السكانية تشير إلى أن أيرلندا ستحتاج إلى مضاعفة طموحها، حيث ارتفع عدد سكان أيرلندا إلى 5.1 مليون، أعلى مستوى تسجله الدولة منذ عام 1841 وزيادة 7.6 في المائة مقارنة بالتعداد الأخير في 2016، إذ استقبلت أيرلندا أيضا أكثر من 62 ألف لاجئ أوكراني.
كتب ليونز "تشير أرقام التعداد الأولية لـ2022 إلى أن الحاجة الأساسية للإسكان في أيرلندا على مدى العقود الثلاثة المقبلة من المرجح أن تراوح بين 42 ألفا إلى 62 ألف منزل سنويا، وهذا ليس بعيدا عن ضعفي المستوى الأساسي البالغ 28 ألف منزل جديد سنويا، الذي يدعم برنامج الإسكان للجميع".
تخاطر أيرلندا بحرمان جيل كامل من تملك المنازل وإيجارات لا يمكن تحمل تكلفتها، بينما تحكم على أرقام قياسية بالتشرد. وفقا للأرقام الرسمية، كان لدى أيرلندا عدد غير مسبوق قوامه 11,397 شخصا في ملاجئ الطوارئ في تشرين الأول (أكتوبر)، لكن الخبراء يقولون إن الأشخاص الذين ينامون في الشارع، والذين يقطنون عند الأقارب والأصدقاء وغيرهم من "المشردين المختبئين" غير مشمولين، ما يعني أن المشكلة الحقيقية أكبر من ذلك.
تقول ريبيكا موينيهان، عضو مجلس الشيوخ عن حزب العمال والمتحدثة باسم الحزب بشأن الإسكان "لقد قمنا بتسريع بناء المنازل من 1997 إلى 2009 انخفض بشكل كبير منذ ذلك الحين. ليس لدينا مخزون إضافي ولدينا عدد كبير جدا من الشباب (...) من المحتمل أن يزداد هذا الأمر سوءا قبل أن يتحسن".
بالنسبة إلى أمة حولت نفسها في العقود الأخيرة من أمة فقيرة، وريفية، ونائية وخاضعة لسيطرة الكنيسة إلى دولة غنية ومتقدمة اجتماعيا تتطلع إلى المستقبل، فإن أزمة الإسكان عودة مؤذية للواقع، تفسد صورتها كدولة منفتحة على الأعمال والشركات.
يعترف تاويستش ليو فارادكار بأن المستثمرين متعددي الجنسيات أثاروا مشكلة الإسكان معه بشكل منتظم عندما كان وزيرا للتجارة، وظيفة شغلها من 2020 إلى 17 كانون الأول (ديسمبر)، عندما تولى منصب رئيس الوزراء للنصف الثاني من ولاية الحكومة الائتلافية كجزء من تعديل وزاري مقرر منذ فترة طويلة.
اعترف أحد كبار الشخصيات في شركة تكنولوجيا كبرى في دبلن - إحدى الصناعات التي تدعم الاقتصاد الأيرلندي التي تعتمد عليها في زيادة ضرائب الشركات - بأن الإسكان يمثل مشكلة خطيرة بالنسبة إلى الموظفين. يقولون إن الشركة حاولت التأكد من أن العمال يمكنهم "الحصول على أفضل تجربة لهم" في أماكن مثل جريستون أو بالبريجان، بلدتان سكنيتان هادئتان على الساحل، على بعد 30 كيلومترا جنوبا و45 كيلومترا شمالا، من وسط مدينة دبلن.
يعد الإسكان موضوعا مؤلما بشكل خاص في أيرلندا، لأن القروض العقارية غذت طفرة الاقتصاد الإيرلندي في الدولة منذ منتصف التسعينيات. انتهى الأمر بانهيار الاقتصاد كاملا بعد أكثر من عقد والمطالبة بمبلغ 67.5 مليار يورو من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي 2010 لإنقاذ الوضع.
الآن، يؤدي نقص المساكن إلى إيجاد صدع جديد في المجتمع. ففي دولة اعتاد الناس الهجرة إليها هربا من الفقر والبحث عن عمل، يفكر ما يصل إلى سبعة من كل عشرة شباب في الانتقال إلى الخارج، لأنه لا يمكنهم تأمين تكاليف مكان للعيش فيه. فشل محرج لإحدى دول الاتحاد الأوروبي ميسورة الحال.
تفكر ستيفي ويلسون، فنانة تبلغ من العمر 23 عاما، في الانتقال إلى إسبانيا بسبب المشكلات التي يواجهها جيلها في العثور على سكن بأسعار معقولة. وتقول "لا أعتقد أنني أستطيع أن آمل امتلاك بيت ما لم أهاجر من دولتي".
بذور أزمة
اعتادت أيرلندا على أن تكون أفضل حالا بكثير في بناء المنازل. حتى حدث انهيار الممتلكات في 2008، كان لدى أيرلندا أعلى معدل من المنازل مكتملة البناء من بين دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 19 دولة شملها الاستطلاع، أي نحو ثلاثة أضعاف معظم الدول الأخرى.
بالفعل، في العقود الأولى للدولة الأيرلندية الحرة، التي تأسست 1922، كانت الحكومة أكبر جهة بناء للمنازل في الدولة، حيث شيدت 112,144 منزلا اجتماعيا بين أوائل الثلاثينيات ومنتصف الخمسينيات من القرن الماضي. وهذا يمثل أكثر من نصف جميع المساكن الجديدة التي تم بناؤها.
ساعدت على إخلاء الناس من الأحياء الفقيرة غير الآمنة داخل المدينة، وفقا لميشيل نوريس، خبيرة الإسكان وأستاذة السياسة الاجتماعية في جامعة كوليدج دبلن.
لكن بذور أزمة اليوم زرعت مع قرار الدولة لبيع الإسكان الاجتماعي للمستأجرين دون استبداله بالمعدل نفسه، كما يقول الاقتصاديون والخبراء الذين درسوا هذه المشكلة.
يقول روري هيرن، محاضر في السياسة الاجتماعية في جامعة ماينوث ومؤلف كتاب جافز، كتاب جديد عن أزمة الإسكان في أيرلندا "دائما ما كانت لدينا سياسة شراء قوية جدا للمستأجرين. لكن في الخمسينيات، والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كنا نبني ما يكفي من المساكن العامة لاستبدالها. بدأت المشكلة عندما توقفنا عن استبدالها".
كما قال دارا تورنبول، منسق الأبحاث في هاوسنج يوروب، اتحاد لموفري الإسكان العام والتعاوني والاجتماعي عبر القارة "إن نحو ثلثي جميع الإسكان الاجتماعي الذي بنيناه في تاريخ الدولة الآن في أيدي القطاع الخاص. هذا كل ما في الأمر. هذه هي القصة كاملة".
قبل سبعينيات القرن الماضي، لم يكن لدى أيرلندا الكثير في طريق تطوير الملكيات الخاصة حيث كانت الدولة في مركز القيادة. لكن نوريس قالت "إن التمويل الخاص أصبح بعد ذلك فعالا للغاية في توفير العرض، مدعوما بالإقراض المصرفي ولوائح التخطيط المتساهلة إلى حد ما".
ارتفع إنتاج المساكن 177 في المائة في أعوام من الازدهار بين 1996 و2006، وفقا لنوريس، عندما ارتفعت أسعار المساكن أيضا بنحو 300 في المائة. كان الاقتصاد الأيرلندي مدفوعا بالإقراض المتهور والإنفاق الكبير على الملكية، في مراحلها الأخيرة، كانت أيرلندا تبني نحو 90 ألف منزل في العام.
لكن في فترة التقشف التي أعقبت ذلك، انهار بناء المنازل الاجتماعية بنسبة 90 في المائة إلى أقل من 760 وحدة في 2013 و2014، مقابل 8,763 وحدة في 2007.
بدلا من أن تقود الحكومة توفير مساكن منخفضة التكلفة للأسوأ حالا، كان مطلوبا من مشاريع الإسكان الخاصة من عام 2000 أن تتضمن 20 في المائة من الإسكان الاجتماعي ضمن مشاريعها التطويرية.
مع انخفاض مخزون الإسكان الاجتماعي -بسبب عدم قيام المطورين بالبناء بقدر ما تبنيه الحكومة إلى جانب بيع المنازل العامة- كان لا بد من استيعاب الناس في قطاع الإيجار الخاص الأكثر تكلفة.
يقول هيرن "الآن، ثلث الأشخاص في قطاع الإيجارات الخاصة هم أشخاص ينبغي أن يكونوا في إسكان اجتماعي وأن يتلقوا إعانة إسكان اجتماعي". يعتقد أن ذلك يعني أن مليار يورو في العام كانت تذهب إلى أصحاب العقارات الخاصة لدعم الإسكان الاجتماعي.
يقول هيرن "إن التنظيم الخفيف لسوق الإقامة القصيرة يفاقم المشكلة"، مشيرا إلى أن شركة إيربنب لديها أكثر من 15 ألف عقار مدرج في أيرلندا، أي أكثر من عشرة أضعاف عدد العقارات المتاحة للتأجير لآجال طويلة.
تجسد الصور التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي في الأشهر الأخيرة إحباط الشعب: إن طوابير من المستأجرين المحتملين الذين يطاردون العقارات باهظة الثمن يصطفون حول حي كامل في أحد شوارع دبلن هو تذكير ملموس بمدى ضآلة العقارات المتاحة للمستأجرين.
مع ارتفاع الطلب، ارتفعت الإيجارات. فيما بين 2010 والربع الثاني من 2022، ارتفع متوسط الإيجارات 82 في المائة في أيرلندا، حسبما أشارت مجموعة الضغط المصرفية اتحاد البنوك والمدفوعات في أيرلندا في تقرير حديث، متجاوزا بكثير متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 18 في المائة.
تقول شيان ني مويري، 33 عاما، التي تكسب أجرا أعلى من المتوسط الصناعي في صناعة الرسوم المتحركة للأطفال "فكرة أن السكن الاجتماعي والسكن بأسعار معقولة أمر جوهري، هراء. لقد أصبح الإسكان مصدرا للاستثمار، أو المضاربة أو التقاعد، وليس حقا أساسيا من حقوق الإنسان".
الوعود السياسية
أصبحت أزمة الإسكان القضية السياسية الأكثر إلحاحا في أيرلندا. حيث يرى الناخبون الأيرلنديون أن الإسكان أكبر إخفاق للحكومة، ما يمنح فارادكار دفعة سياسية لتعزيز تقدمه قبل الانتخابات المقرر إجراؤها بحلول أوائل 2025.
وفقا لاستطلاع للرأي أجرته شركة ريد سي الشهر الماضي، عد 84 في المائة من الناس أداء الحكومة كان سيئا فيما يتعلق بالإسكان. ونحو 60 في المائة اعتقدوا أن أداءها سيئ للغاية.
أصبح الحزب القومي شين فين القوة السياسية الأكثر شعبية في أيرلندا من خلال التركيز على مشكلة الإسكان. وهو يعد بتسريع بناء المنازل بشكل كبير، والحد من أسعار الفائدة المصرفية وإلغاء ضريبة الملكية المحلية.
كما يريد حزب شين فين استخدام أنموذج عقد الإيجار. ويجادل إيوين أوه بروين، المتحدث باسم الإسكان لحزب شين فين، بأن الحكومة يمكن أن تتعاقد على بناء منازل على الأراضي العامة، ما يلغي تكاليف خدمة الموقع وتطويره، ما يؤدي إلى رخص المنازل، مع الاحتفاظ بملكية الدولة للأرض.
لكن الشرط سيكون إذا أراد أصحاب تلك المنازل بيعها، فسيتم عرض العقارات فقط على الأشخاص الآخرين المؤهلين لبرنامج الإسكان، بدلا من طرحها للبيع في السوق الخاصة. من شأن ذلك أن يوجد "سوقا فرعية للمنازل المملوكة للقطاع الخاص، والمتداولة في القطاع الخاص، وذات الأسعار المعقولة بشكل دائم"، كما يقول أوه بروين.
يوجد في أيرلندا أيضا نحو 170 ألف عقار شاغر، صرح أوه بروين لـ"فاينانشيال تايمز" بأن ربع المنازل الاجتماعية اللازمة ذات الأسعار المعقولة البالغ عددها 20 ألفا قد يأتي من إعادة تخصيص العقارات الشاغرة والمهجورة.
حتى الناخبون غير المؤيدين لحزب شين فين، وهو حزب مؤيد لوحدة إيرلندا كان في يوم من الأيام الجناح السياسي لميليشيات الجيش الجمهوري، أقروا بأنه قد قام بواجبه. "إن نجاح أو فشل هذه الحكومة (...) أو الحكومة القادمة سيكون في الإسكان"، كما يقول أوه بروين.
أوضح فارادكار أن الإسكان على رأس قائمة مهامه، حيث أخبر إذاعة "آر تي إي" الوطنية بأنه يعتقد حقا أنه تم إحراز تقدم في أول عامين ونصف للحكومة "لكن هذا ليس كافيا".
قال "إنه سيجتمع مع الخبراء لمعرفة كيفية تسريع تنفيذ مشروع الإسكان للجميع وتجربة أساليب جديدة لزيادة العرض بشكل كبير، وتجاوز أهداف 2023".
كما حث فارادكار الشباب على عدم الهجرة من أجل السكن، قائلا "إن ما لا نمتلكه يبدو أفضل مما نمتلك". لكنه وصف أزمة الإسكان في الدولة بأنها "حالة طوارئ" و"أزمة" و"كارثة اجتماعية" و"عائق" للاستثمار الأجنبي المباشر.
لدى وزير إسكانه نظرة أكثر تفاؤلا بشأن التقدم. قال دارا أوه براين في تعليقات لـ"فاينانشيال تايمز"، "بالطبع هناك تحديات مستمرة أمام توفير الإسكان. لكن الخطة تترسخ".
استشهد ببيانات رسمية تظهر الأرقام القياسية للمنازل التي اكتمل بناؤها في الأشهر التسعة الأولى من 2022، أعلى من أي عام منذ 2011، عندما بدأ مكتب الإحصاء الوطني في جمع هذه البيانات، وأضاف "إنني أتوقع أن يتم تجاوز هدف الحكومة المتمثل في 24600 منزل في 2022، مع توقع بعض المعلقين ما يصل إلى 28 ألف منزل مكتمل البناء هذا العام".
قال أوبراين إنه "ليس هناك حل سحري". لكن الأساليب الجديدة، كالإيجارات المدعومة من الدولة "التكلفة إلى الإيجار"، وهي الإيجارات للأشخاص ذوي الدخل المتوسط فوق عتبة الإسكان الاجتماعي التي تستثني تكاليف البناء والصيانة وتكون أرخص بنسبة 25 في المائة على الأقل مع عدم وجود أرباح للمطورين، "تعني أن الأسعار لا تتأثر بتحركات السوق، ما يجعلها في متناول الجميع".
لكن ينبغي أن تأخذ الحكومة أيضا في الحسبان التضخم الذي يؤدي إلى ارتفاع تكلفة البناء وارتفاع أسعار الفائدة الذي يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل.
يقول ديرموت أوليري، كبير الاقتصاديين في شركة جودبودي للوساطة، "إن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب مشكلة للشقق المبنية بقصد التأجير، التي كانت بالفعل المحرك الرئيس للنمو في العرض في العامين الماضيين. إنها في خطر الآن".
يقول لوركان سير، وهو محاضر كبير في الإسكان والتخطيط والتنمية في جامعة دبلن التكنولوجية، "إن أيرلندا صممت وضعا يعتمد فيه توفير الإسكان الاجتماعي والإسكان الخاص إلى حد كبير على ارتفاع أسعار المنازل".
كانت بدايات الإسكان أقل 17 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بأيلول (سبتمبر) 2022، وانخفاضا 31 في المائة مقارنة بالعام السابق و63 في المائة عن الذروة الأخيرة في أيار (مايو) 2021. سيعمل ذلك على تأخير اكتمال المساكن تقريبا في الوقت الذي سيرغب فارادكار فيه في الترويج للتقدم الذي حققه في السباق إلى الانتخابات المقبلة.
يقول أوليري "إنه كان هناك أيضا انخفاض 41 في المائة في رخص التخطيط الممنوحة في الربع الثالث مقارنة بالفترة الممتدة بين حزيران (يونيو) وأيلول (سبتمبر) من 2021، مدفوعا بانخفاض 66 في المائة في الموافقات الخاصة بالشقق".
إذ قال أوليري "ستنجز الحكومة في تحقيق أهدافها الإنتاجية هذا العام، لذا يمكنهم القول إننا نسير في الاتجاه الصحيح. لكن يمكنني رؤية الصعوبات القادمة".
اقترحت الحكومة الأسبوع الماضي تعديلا لنظام التخطيط تقول إنه سيساعد على تسريع بناء المساكن، لكن أوليري يقول إن ذلك "لم يكن الدواء الشافي لمشكلات العرض (...) خاصة على المدى القصير".
بالنسبة إلى سير، فإن العقد الاجتماعي القائم على ملكية المنزل - النموذج الذي يسميه فارادكار (ديمقراطية ملكية المنزل) في أيرلندا - في خطر. إذ إن معدل ملكية المنازل في البلاد هو عند مستويات عام 1971، وفقا للبيانات الرسمية.
يقول سير "إنها حقيقة مالية أنك إذا كنت ترغب في الوصول إلى أي مكان في أيرلندا أو أن تكون سالما وآمنا في منطقتك، فأنت بحاجة إلى امتلاك عقار. ويبدو أن الحكومة لديها خطة ضخمة لتحويلنا جميعا إلى مستأجرين".
في حين إنه عندما يسدد الناس الرهون العقارية بحلول الوقت الذي يتقاعدون فيه، سيواجه مزيد من الناس التحدي المتمثل في مواصلة دفع الإيجارات بعد توقفهم عن العمل.
إن مكارثي، وهو عامل شاب، ما زال يحلم بشراء منزل. لكنه يخطط للتصويت لشين فين في الانتخابات المقبلة. إذ يقول "إن الحكومة تبذل الآن كل ما في وسعها، لكنها أمضت عقودا وهي لا تفعل كل ما في وسعها".
قد لا يظل الشباب الآخرون في الدولة حتى 2025. تقول الطالبة ماريا بوزوني "عندما أكبر، أريد أن أعيش حقا في أيرلندا. لكن والدي لا يملكان منزلا خاصا بهما (...) فالإيجارات مرتفعة للغاية، إنه أمر غير عادل بالنسبة إلينا (...) وهذا يؤثر في مستقبلنا كله".