شركات صناديق الاشتراك تكافح لاستعادة زخمها مع عودة الحياة إلى طبيعتها
أثناء إغلاقات الجائحة، كان تسلم صناديق وجبات يتم إعدادها في المنزل من شركات مثل "بلو إيبرون" نشاطا مسائيا وطريقة لتجنب الذهاب إلى متجر البقالة.
لكن بينما ارتفعت مبيعات صناديق الاشتراك هذه عندما كان المستهلكون قلقين من دخول المتاجر الفعلية، كثير منهم الآن يديرون ظهورهم لهذه الخدمة مع عودة الحياة إلى طبيعتها.
قالت ميجان -طلبت ألا نذكر اسمها الأخير-، خبيرة اتصالات تعيش في سان فرانسيسكو وتبلغ من العمر 28 عاما، "لم تناسب جدولنا... انتهى بنا المطاف إلى التخطيط لوجبات الأسابيع المقبلة عندما يصل الصندوق، لكيلا نهدر الطعام".
وأضافت، "بما أن العالم يعود بشكل أكبر إلى وضعه الطبيعي الآن، فنحن نبحث عن أسباب للخروج على نحو متزايد".
يأتي انخفاض الطلب على خدمات صناديق الاشتراك وسط عام صعب بالنسبة إلى التجارة الإلكترونية، حيث أدت التكاليف التضخمية وضغوط سلاسل الإمداد إلى انخفاض الأسهم عبر القطاع.
كانت شركة بلو إيبرون ضمن أسوأ شركات الاشتراك أداء، وهي شركة خدمات لتقديم الوجبات الجاهزة في نيويورك تم طرحها للاكتتاب العام في 2018 بتقييم يقل قليلا عن ملياري دولار. تقدر قيمة الشركة حاليا بـ32 مليون دولار بعدما انخفض سعر سهمها إلى 80 سنتا فقط، بانخفاض 88 في المائة هذا العام.
خلال الفترة نفسها، تراجعت أسهم شركة هيلو فريش المنافسة 70 في المائة. في تلك الأثناء، "ستيتش فيكس"، وهي شركة ترسل لأعضائها خمس قطع من الملابس في صندوق كل بضعة أسابيع منتقاة بعناية من قبل مصممي أزياء بمساعدة الخوارزميات، تراجعت 85 في المائة في هذا العام، مع زيادة قلق المستثمرين حينما اتضح أن الانتعاش خلال الجائحة ليس دائما.
بحلول تشرين الأول (أكتوبر) 2021، نما عدد أعضاء خدمة الملابس من 3.2 مليون قبل الجائحة إلى أكثر من 4.1 مليون. من ذلك الحين، تقلصت العضويات إلى 3.7 مليون، وانخفضت العوائد 22 في المائة في آخر بيانات ربعية تم الإعلان عنها.
قالت الشركة "إنه بينما كان العملاء الباقون يدفعون مبالغ أكبر، نظرا إلى ارتفاعات الأسعار ونهاية العروض الترويجية، كانت تواجه صعوبة في كسب عملاء جدد"، وهي وتيرة قالت "إنها ستستمر حتى 2023". في الصيف، سرحت "ستيتش فيكس" 15 في المائة من قوتها العاملة التي تتقاضى أجورا.
"نعلم أن معدلات التضخم المرتفعة تؤثر في شراء المستهلكين، ومستويات المخزون المرتفعة تؤثر في التسعير، مع خصومات ضخمة عبر قطاع التجزئة"، كما قال دان جيدا، المدير المالي لـ"ستيتش فيكس"، في مكالمة مع المستثمرين في كانون الأول (ديسمبر).
"في بيئة اقتصادية قاسية، لا يتردد العملاء في التخلص من الخدمات التي يرونها نفقات رفاهية مكلفة، أو تسهيلات خلال الجائحة لم تعد تؤدي الغرض منها"، كما قال نيل ساندرز، محلل شؤون شركات التجزئة.
نتيجة لذلك، شرعت كثير من شركات صناديق الاشتراك الرائدة الآن في خطة تعاف، تتمثل في خفض التكاليف والتنويع، والاستفادة من بيانات العملاء لإطلاق منتجات جديدة لا تعتمد على عوائد الاشتراكات.
قال إيريك بيلومو، محلل التكنولوجيا الناشئة في "بيتش بوك"، "لدى هذه العلامات التجارية بيانات وإمكانات تحليل قوية. هذا جزء مهم من قدرتها على النجاة".
تريد "ستيتش فيكس"، مثلا، عرض بديل لنموذج الرسوم الشهرية عن طريق إطلاق متجر إلكتروني تقليدي أكثر، حسبما قال المحلل جوناثان دي ميلو من "جيه دي إم ريتيل".
"كثير من هذه الشركات أصبحت أفضل في استخراج بيانات العملاء الآن، لمعرفة كيفية إضفاء الطابع الشخصي قدر الإمكان"، كما قال. وأضاف ساندرز أن "تحويل ثروات الشركات سيكون أحد أكثر الجهود تحديا في قطاع التجارة الإلكترونية العام المقبل".
وقال "أعتقد أن المشكلة تتمثل في محاولة شركات الاشتراكات إعادة ابتكار نفسها بدافع الضرورة، لكنها لا تفعل ذلك بالضرورة لأنها وجدت شيئا مبتكرا لتفعله".
لا تجد كل شركات الاشتراكات الأمر سهلا للتحول. "دولار شيف كلوب"، وهي شركة اشتراك لمستلزمات الحلاقة استحوذت عليها "يونيليفر" مقابل مليار دولار في 2016، قالت "إن إقناع عملائها بشراء أدوات أكثر من الأمواس كان أصعب من المتوقع".
أما بالنسبة إلى "بلو إيبرون"، فكانت ضغوط التكاليف عبئا ثقيلا. تخلصت الشركة من 10 في المائة من قوتها العاملة في كانون الأول (ديسمبر) بعد عدم حصولها على تمويل متفق عليه من مستثمر هذا العام. سحبت توقعات نمو الإيرادات، وخفضت الإنفاق على التسويق أكثر من 20 في المائة، وقامت بكثير من التغييرات التنفيذية.
قالت الشركة "إنها تتوقع خفضا ملموسا في الإنفاق على التسويق والاستشارات وتكاليف العمالة في 2023"، خفض 50 مليون دولار مقارنة بـ2022.
في محاولتها للتنويع، تقدم "بلو إيبرون" خدمات أخرى إضافة إلى اشتراك مجموعة الوجبات الجاهزة، مثل صناديق وجبات الحفلات لمرة واحدة للمناسبات الخاصة، إضافة إلى سوق عبر الإنترنت لعدة منتجات من ضمنها أدوات الطهي.
تحررت أيضا من استراتيجيتها البحتة المباشرة إلى المستهلك من خلال إدراج مجموعات وجباتها لأول مرة على "أمازون" في تشرين الأول (أكتوبر)، بعد إطلاقها في وقت سابق على موقع وول مارت. لا تتطلب الصفقات خطة اشتراك، لكن لا تزال شبكة الخدمات اللوجستية الخاصة بالشركة هي التي تلبيها، حيث تعد بمكونات مبردة وطازجة.
وسط الكآبة، قالت شركة هيلو فريش التي تقع في برلين "إن سعر سهمها المتراجع لا يعكس بشكل عادل قوة أعمالها الأساسية... إنها في طريقها لزيادة الإيرادات 25 في المائة على الأقل هذا العام".
قال دومينيك ريكتر، الرئيس التنفيذي لشركة هيلو فريش "حققت هيلو فريش هذا رغم مشهد اقتصاد كلي مليء بالتحديات، مع زيادة تضخم أسعار الغذاء، وتدهور ثقة المستهلك، وعواقب الأزمة بين روسيا وأوكرانيا التي أسهمت جميعها في تعطيل سلاسل الإمداد الغذائي على مستوى العالم".
وأضاف "الاتجاه نحو تناول مزيد من الوجبات في المنزل قد تسارع بشكل كبير خلال الجائحة، ونرى أن أغلبية هذه الدوافع الرئيسة -زيادة العمل من المنزل، وحساسية الأسعار، والتركيز على الاستدامة- قد أصبحت دائمة".