طفرة تداول السلع تثير المخاوف بين المستثمرين الأفراد

طفرة تداول السلع تثير المخاوف بين المستثمرين الأفراد

انجذب عدد متزايد من المستثمرين الأفراد إلى تداول السلع بعد عامين متتاليين من العوائد الكبيرة، على الرغم من المخاوف من أنهم قد يتعرضون لخسائر ضخمة أو يعرقلون الأسواق المعقدة والمتقلبة.
ارتفع حجم تداول الأفراد في العقود الآجلة للسلع وأكبر صناديق الاستثمار التي تركز على السلع في 2022. لكن بينما كان النشاط مدفوعا بسجل السلع الأخير الأفضل من سجل الأسهم والسندات، عبر بعض المشاركين في السوق والمحللين عن مخاوفهم بشأن خوض المتداولين الأفراد في سوق شديدة التقلب يسيطر عليها لاعبون متخصصون.
ارتفع المتوسط اليومي لحجم التداول في العقود الصغيرة للذهب والنفط الخام والفضة والنحاس في بورصة شيكاغو التجارية 93 في المائة على أساس سنوي حتى تشرين الثاني (نوفمبر).
قفزت أحجام التداول في صندوق شركة إنفيسكو المتداول في البورصة "بي دي بي سي" الذي تبلغ قيمته ستة مليارات دولار - أكبر صندوق سلع واسع النطاق شائع بين المستثمرين الأفراد - أكثر من 60 في المائة وكانت أعلى ثلاث مرات تقريبا مما كانت عليه في 2020. كما ارتفعت الأحجام عبر مجموعتها الأوسع من صناديق السلع 50 في المائة.
قالت كاثي كريسكي، خبيرة استراتيجية في صناديق السلع المتداولة في البورصة في "إنفيسكو"، "لقد جذبنا انتباه الجميع العام الماضي، لأن الناس كانوا قلقين بشأن التضخم. ثم بدأ الناس التركيز على المخاطر الجيوسياسية أيضا بعد حرب أوكرانيا".
جاء اندفاع نشاط التداول مع ارتفاع مؤشر "إس آند بي جي إس سي آي" لأسعار المواد الخام 9 في المائة تقريبا العام الماضي، مع تقييد الحرب في أوكرانيا الإمدادات، ما يتناقض بوضوح مع الخسائر التي تزيد على 30 تريليون دولار في الأسهم والسندات.
كانت السلع أفضل فئات الأصول الرئيسة أداء في العامين الماضيين، وفقا لبنك أوف أمريكا، وكانت واحدة من فئتين فقط من فئات الأصول التي حققت مكاسب في 2022 إلى جانب النقد. كانت الشركات التي تركز على السلع أيضا القطاع الفرعي الوحيد في سوق الأسهم الأمريكية الذي حقق تقدما، حيث تقدم مؤشر الطاقة الفرعي إس آند بي 500 54 في المائة بدءا من 21 كانون الأول (ديسمبر).
لكن في حين كانت عوائد العام كله قوية، لا يزال تداول السلع محفوفا بالمخاطر، مع تعرض الأسواق لتقلبات شديدة يمكن أن تفاجئ المستثمرين الأفراد. في نيسان (أبريل) 2020، مثلا، تداول عقد النفط الأمريكي الرئيس تحت الصفر للمرة الأولى. لم يفكر كثير من المتداولين الأفراد والمنصات في إمكانية أن تكون الأسعار سلبية، وخسرت شركة آي بي كيه آر للوساطة 88 مليون دولار لتغطية طلبات الهامش للعملاء الذين تعرضوا لانهيار الأسعار.
حذر ترابوي بلاند، نائب الرئيس الأول لبورصات العقود الآجلة في "إنتركونتينينتال إكستشينج"، في مؤتمر عقد أخيرا للصناعة من أن "هذه أسواق معقدة للغاية، حيث يمكنك الخسارة مهما كان ما تضعه مع وسيطك في غضون دقائق".
إلى جانب المخاطر التي تواجه المتداولين الأفراد أنفسهم، قال بلاند "إنه كان قلقا أيضا بشأن تأثيرها المحتمل في المشاركين الآخرين في السوق من شركات الطيران حتى المزارعين.
يعتمد الناس علينا في هذه الأسعار. بناء منتجات للأفراد حول شيء يتخذ الناس قرارات بمليارات الدولارات بشأنه ليس شيئا يجب أن تفعله باستخفاف. لا يريد الناس أن يروا مراهنات على مصادر رزقهم".
حدثت المؤشرات الحديثة مثل "إنفيسكو" استراتيجياتها لتفادي بعض المشكلات التي واجهت صناديق السلع الأولية، التي تخسر المال أحيانا حتى عندما ترتفع الأسعار نتيجة منعطفات التسعير في العقود الآجلة.
قالت كريسكي من "إنفيسكو"، "لقد بذلنا جهودا كبيرة لتثقيف قاعدة المستثمرين، لأن الناس إما أنهم لم يتعاملوا مع السلع من قبل ولا يفهمونها أو أنهم يعرفونها قبل عشرة أعوام.
لا تحتاج لكثير لتكون السلع ذات تأثير في محفظتك (...). نتحدث كثيرا عن انكشاف بنسبة 5 في المائة، لا نريد أن يأتي المستثمرون قائلين (لدي انكشاف على السلع بنسبة 15 في المائة)".
شجعت بعض الشركات على مراهنات أكثر خطورة. أعلنت شركة سي إس أوه بي لإدارة الأصول في هونج كونج أواخر العام الماضي أنها ستبدأ في تقديم انكشاف برفع مالي للمتداولين الأفراد على مؤشر لأسهم كبيرة للنفط والغاز. يسمح الرفع المالي للمستثمرين بمضاعفة مكاسبهم المحتملة، لكنه قد يمحو رأس المال سريعا عندما تنخفض أسعار الأسهم.
تدير "برو شيرز"، إحدى أشهر الشركات المزودة للصناديق المتداولة في البورصة مع المستثمرين الأفراد، ثمانية صناديق تعطي انكشافات برفع مالي على عقود السلع الآجلة. انخفض صندوقها المتداول في البورصة للغاز الطبيعي أكثر من 93 في المائة منذ بداية العام.
تعرضت المنتجات المتداولة في البورصة التي تقدم انكشافا عكسيا على النفط والغاز لضربة شديدة، حيث انخفضت 90 في المائة تقريبا منذ بداية العام مع ارتفاع الأسعار بسبب حرب أوكرانيا، وفقا لـ"مورنينج ستار".
قال تود روزنبلوث، رئيس الأبحاث في شركة فيتا فاي "يمكن للسلع أن ترتفع أو تنهار دون استعداد المستثمرين لذلك، أكثر من الأسهم"، كما أضاف أن "المستثمرين الأفراد يستحقون الخيارات نفسها المتاحة للمؤسسات الاستثمارية. لكن هل من الجيد للمستثمرين اليوميين أن يكون لديهم انكشاف، وأن يضطروا إلى إدارة تكاليف التمديد والتقلبات التي تأتي مع السلع؟ إنه سؤال وجيه".

الأكثر قراءة