مزارعو سريلانكا يواجهون عواقب الحظر المفاجئ للأسمدة المستوردة

مزارعو سريلانكا يواجهون عواقب الحظر المفاجئ للأسمدة المستوردة

على مدى قرون، اشتهرت سريلانكا بمنتجاتها الواسعة والمتنوعة، وتربتها الخصبة التي تغذي كل شيء بداية من القرفة والفلفل الأسود إلى الفواكه وأنواع الشاي المعطر.
لكن خلال الـ18 شهرا الماضية، أصبح البلد عبرة للزراعة العالمية. هناك نقص في المدخلات الحيوية مثل الوقود والأسمدة، مع ارتفاع الأسعار. كما انخفضت عوائد الأرز والمحاصيل الأساسية الأخرى إلى النصف في كثير من المناطق، وتعتمد جزيرة المحيط الهندي التي كانت ذات يوم مكتفية ذاتيا إلى حد كبير الآن على المساعدات الدولية للتغلب على أزمة الجوع.
في نيسان (أبريل) 2021، أعلن الرئيس آنذاك، جوتابايا راجاباكسا، فرض حظر مفاجئ على استيراد الأسمدة الكيماوية لإجبار البلد الذي يبلغ عدد سكانه 22 مليون نسمة على تبني الزراعة العضوية. استمر الحظر نحو ستة أشهر فقط، لكن محللين قالوا إن السياسة المشؤومة لم تؤجج أزمة اقتصادية فحسب، بل ستترك القطاع الزراعي في سريلانكا متعثرا لأعوام مقبلة.
قال أهلان كاديرجامار، عالم اجتماع في جامعة جافنا الذي يعمل مع المؤسسات التعاونية الريفية: "أوقف القرار كل شيء حقا. فقد المزارعون جزءا كبيرا من ثقتهم في الحكومة".
أصبحت سريلانكا هذا العام أول بلد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يتخلف عن سداد ديونه الدولية منذ أكثر من عقدين بعد نفاد احتياطاته الأجنبية، ما أثار أزمة النقد الأجنبي التي أدت إلى احتجاجات حاشدة، ونقص معوق في الأدوية وغيرها من الضروريات وانخفاض هائل في مستويات المعيشة عبر الجزيرة.
تنخرط كولومبو في مفاوضات إعادة هيكلة الديون مع الدائنين، بما في ذلك الصين، والهند وحاملو السندات التجارية في الوقت الذي تحاول فيه إتمام خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.9 مليار دولار.
على الرغم من أن للأزمة أسبابا عديدة، بداية من الاقتراض المفرط لمشاريع البنية التحتية غير المستغلة إلى فقدان السياحة خلال جائحة كوفيد - 19، إلا أن تداعيات حظر الأسمدة كانت دافعا مهما، حسب قول الخبراء.
راجاباكسا، الذي تم انتخابه في 2019 ووريث إحدى أقوى العائلات السياسية في سريلانكا، حذر من الآثار الصحية والبيئية المدمرة للإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية.
لكن كثيرين يرون أن حظره الفاشل في النهاية ليس خطوة مبدئية لإصلاح الزراعة بقدر ما هو محاولة لحماية احتياطيات العملات الأجنبية المتضائلة، حيث كانت سريلانكا تعتمد على الأسمدة المستوردة.
كان المزارعون من بين الذين انضموا إلى الاحتجاجات ضد حكم راجاباكسا، ما أجبره في النهاية على الاستقالة والفرار من البلاد في تموز (يوليو).
حاول أثولا ديساناياكي، مزارع أرز يبلغ من العمر 52 عاما ويحرث خمسة أفدنة في منطقة أنورادابورا شمال وسط سريلانكا، إعادة استخدام أنواع أخرى من الأسمدة للحفاظ على محصوله من الأرز بعد الحظر، لكن دون تأثير يذكر. حيث انخفض محصوله 50 في المائة.
قال ديساناياكي إنه "يعاني ارتفاع تكاليف كل شيء". أضاف: "ارتفعت تكلفة وسائل النقل، واحتياجات الأطفال المدرسية والعمل في المزارع".
حتى بعد رفع الحظر على الأسمدة الكيماوية في تشرين الثاني (نوفمبر) في 2021، كافح المزارعون للوصول إلى الإمدادات. انهارت الواردات بسبب نقص النقد الأجنبي، في حين ارتفعت أسعار الأسمدة العالمية في أعقاب الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
تدخلت جهات إقراض مثل الهند والبنك الدولي لتوفير التمويل الطارئ لسريلانكا لتأمين الإمدادات.
قال كاديرجامار إن المزارعين اعتادوا على شراء كيس يزن 50 كيلوجراما من اليوريا، وهو سماد شائع، مقابل 1,500 روبية سريلانكية (أي أربعة دولارات). لكن السعر ارتفع إلى 40 ألف روبية سريلانكية هذا العام، قبل أن تبدأ الحكومة ببيعه بسعر مدعوم يبلغ عشرة آلاف روبية سريلانكية.
قال المزارعون إنهم لجأوا إلى زراعة مساحات أقل من الأرض أو الاعتماد على مساعدة الأسرة بدلا من توظيف عمال للعمل في الحقول. قال تيرانس جاميني، مزارع أرز آخر في شمال وسط سريلانكا، إن الرجال والنساء كانوا يعودون إلى المناطق الريفية بعد فقدان وظائفهم في المدن ليجدوا أنه لا يوجد عمل مدفوع الأجر في قراهم.
قال: "سيؤدي هذا إلى احتكاكات اجتماعية في مجتمع المزارعين. وستنفد الأسمدة وفي الموسم المقبل سيحتج المزارعون مرة أخرى".
سريلانكا، التي كانت تتمتع قبل الأزمة بدخل للفرد يبلغ ضعف دخل الفرد في الهند، تعتمد الآن على المساعدات الخارجية. أرسلت دول، مثل الصين، آلاف الأطنان من الأرز إلى الجزيرة، في حين تبرع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ووكالات أخرى بالمواد الغذائية والنقود لملايين السريلانكيين.
نيروشا نيلميني، أم لطفلين في منطقة موناراجالا الجنوبية، كانت تدير عملا لبيع الوسائد لكنها الآن بحاجة إلى المساعدات النقدية من برنامج الأغذية العالمي لشراء الطعام. قالت: "من الصعب بيع الوسائد والنجاة في الوقت الحالي".
لكن شاميلا رثناسوريا، منسق مع منظمة ريفية غير ربحية تدعى حركة الإصلاح الزراعي، قال إن المساعدات وحدها لن تكون كافية. تعمل مجموعته مع المزارعين لاستخدام البذور الأصلية وغيرها من الأساليب لتقليل تكاليف الأسمدة والمضي قدما في طريق التعافي.
قال: "نحن بحاجة إلى إيجاد حلول محلية. لن يكون هذا الوضع مستداما. ليس لدينا أي فكرة عن كيفية الحصول على الأسمدة للموسم المقبل".

الأكثر قراءة