إقبال كبار المستثمرين ينعش الاهتمام بسوق السندات

إقبال كبار المستثمرين ينعش الاهتمام بسوق السندات

ينخرط كبار المستثمرين في سوق السندات مرة أخرى بعد عمليات بيع كثيفة تاريخية هذا العام، حيث يفضل مديرو الصناديق الديون مقارنة بفئات الأصول الأخرى لأول مرة منذ أعقاب الأزمة المالية لـ2008.
خسر مقياس واسع لأصول الدخل الثابت في جميع أنحاء العالم 15 في المائة هذا العام، حيث أدى التضخم المرتفع إلى ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، في أضعف أداء في البيانات التي تعود إلى 1990.
يجذب الارتفاع الناتج في العوائد المشترين الذين يجادلون بأن السندات لم تبد جذابة للغاية لأعوام. ارتفع العائد على مؤشر بلومبيرج الإجمالي العالمي إلى 4 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر)، مرتفعا من 1.3 في المائة بداية العام وأعلى مستوى له منذ 2008.
يكثف المستثمرون استثماراتهم في السندات مقارنة بفئات الأصول الأخرى في محافظهم الاستثمارية لأول مرة منذ 2009، وفقا لنسخة كانون الأول (ديسمبر) من الاستطلاع الشهري الذي يجريه "بانك أوف أمريكا" لمديري الصناديق الذين يشرفون مجتمعين على أكثر من 800 مليار دولار من الأصول.
لكن لا يقتصر إنعاش الاهتمام في فئة الأصول على احتمالية تلقي بعض الدخل فعليا من سندات ذات تصنيف مرتفع - ظاهرة نادرة على نحو متزايد على مدى العقد الماضي. يجادل بعض مديري الصناديق بأنهم يتوقعون أن يستعيد الدخل الثابت دوره في موازنة محافظ الأصول عالية المخاطر التي ترتفع مع انخفاض الأسهم - ارتباط نموذجي اختفى في عمليات البيع المتزامنة لـ2022.
قال أنطونيو كافارو، رئيس الاستثمارات في شركة جنرالي إنشورانس أسيست مانجمنت، "لم يكن الدخل الثابت حلا لانخفاض الأصول الخطرة هذا العام، بل كان جزءا من المشكلة. لكني أعتقد أنه يمكن أن يصبح جزءا من الحل مرة أخرى، طالما أن السوق تسير على طريق صحيح ويستمر التضخم في الانخفاض تدريجيا".
أضاف كافارو أنه كان يشتري ديون الشركات الأوروبية من الدرجة الاستثمارية، التي تقدم الآن عائدا أعلى من توزيعات أرباح الأسهم في المنطقة، وتتضمن إقراض الشركات عالية الجودة التي ستكون قادرة على الصمود أمام الركود الذي يراه كثير من الاقتصاديين يلوح في الأفق. "يمكنك التوقع بشكل قوي جدا بأن ترد أموالك لك"، كما قال.
هناك بوادر على عودة مبدئية إلى الدخل الثابت، بعد أن غادر تدفق نقدي فئة الأصول في وقت سابق من العام، شهدت صناديق السندات العالمية أول شهر من التدفقات الداخلة في تشرين الثاني (نوفمبر) بعد شهرين من التدفقات الخارجة، وفقا لبيانات أبحاث صناديق المحافظ الناشئة "إي بي اف آر".
حدث معظم الارتفاع في أسعار السندات بعد أن بدأ التضخم في التباطؤ في الولايات المتحدة. لكن العوائد الآن مرتفعة بما يكفي لتعد جذابة حتى لو ارتفع التضخم المروض مرة أخرى، وفقا لجريج بيترز، الرئيس المشارك للاستثمار في "بي جي أي إم فيكسد إنكوم". كما اتسعت فروق الأسعار، أو العلاوة التي يكسبها المستثمرون من الاحتفاظ بديون الشركات بدلا من السندات الحكومية الخالية من المخاطر، منذ نهاية 2021 - ما يقدم حافزا آخر.
قال بيترز، "مع ارتفاع العوائد واتساع فروق الأسعار، فإن نقطة البداية هذه أفضل ما رأيناه منذ وقت طويل. لقد عدنا إلى وضع أكثر طبيعية".
قالت مجموعة بيمكو للدخل الثابت هذا الشهر، إن حجة حيازة السندات "أقوى مما كانت عليه منذ أعوام"، يرجع ذلك جزئيا إلى أداء فئة الأصول الجيد القياسي خلال فترة الركود.
أظهر استطلاع لرأي اقتصاديين أجرته مبادرة الأسواق العالمية في كلية بوث للأعمال في جامعة شيكاغو في ديسمبر بالشراكة مع "فاينانشال تايمز" أن 85 في المائة من المشاركين يتوقعون أن تدخل الولايات المتحدة في ركود العام المقبل. من المتوقع أن تعاني الاقتصادات الأوروبية، التي تضررت من ارتفاع أسعار الطاقة، تراجعا أشد.
حذر بعض المستثمرين بمن فيهم "بلاك روك" من أنه في فترة الركود المقبلة، ربما لا تحقق السندات ذات التصنيف المرتفع فوائد تنويع محافظهم. عادة ما ترتفع السندات خلال فترات الركود لأن المستثمرين ينقلون أموالهم إلى الملاذات الآمنة، لكن أيضا لأن البنوك المركزية تستجيب بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد. لكن إذا ظل التضخم مرتفعا بصورة مزعجة أثناء فترة التراجع، فقد يضطر الفيدرالي الأمريكي ونظراؤه في أوروبا إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة حتى أمام ارتفاع معدلات البطالة والنمو المتداعي.
"لا أظن أن الاحتياطي الفيدرالي سيهب للنجدة. سيتعين عليه التمسك بموقفه. ولا أعتقد أنه سيكون بوسعه خفض أسعار الفائدة في 2023، على عكس ما تتوقعه السوق"، حسبما قال جان بويفين، رئيس معهد بلاك روك للاستثمار.
يرى بويفين أن التضخم سينخفض، لكنه سيظل بعيدا عن المعدل المستهدف، ما يمنع البنوك المركزية من تخفيف السياسة النقدية. لهذا السبب، تخفف "بلاك روك" الاستثمار في سندات الخزانة طويلة الأجل، الجزء من السوق الذي يتأثر خصوصا بتوقعات التضخم.
قال جيفري جونسون، رئيس أدوات الدخل الثابت في مجموعة فانجارد، "لقد رأيت تعليقات كثيرة تقول، السندات عادت، لكننا سنسلك طريقا معتدلا ونقول، السندات أصبحت أفضل".

الأكثر قراءة