رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أزمة الطاقة إلى أين؟ «1»

ذكرت سابقا أن الدراسات المستقبلية خليط من الماضي وخبراته المتراكمة والمعلومات المتاحة والمستخلصة منه الموضوع أو الظاهرة محل الدراسة، والحاضر بمعطياته، وأصبح استشراف المستقبل من أهم أدوات التقدم والتطور في جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية وغيرها.
المتابع للدراسات الاستشرافية في قطاع الطاقة يلاحظ أن كثيرا من بيوت الخبرة والجهات المختصة العالمية خلال الفترة الأخيرة، لم توفق في استشراف مستقبل الطاقة على المدى القصير، بل بعضها اعتمد تسييس القضية لخدمة أجندات خاصة لا تصب بأي حال من الأحوال في مصلحة أسواق الطاقة واستقرارها، ولم تعتمد بالتأكيد على أساسيات السوق بتجرد كمدخلات دقيقة لهكذا دراسات استشرافية.
لا يمكن بأي حال من الأحوال تزيين الواقع وأن ما يحدث لأسواق الطاقة العالمية عموما، وما يحدث في أوروبا خصوصا، لا يمكن تزيينه أو القول إنها أزمة عابرة ستتجاوزها أوروبا والعالم بسهولة.

التهديدات التي تحوم حول أسواق الطاقة العالمية، والتحديات التي تواجهها وستواجهها على المديين القصير والمتوسط، هي في اعتقادي تهديدات خطرة، وتحديات صعبة لا يمكن حلحلتها بلا تضحيات وتنازلات من الأطراف ذات العلاقة.
الحرب الروسية - الأوكرانية في رأيي تهدد أسواق الطاقة بحدة أعلى بكثير من جائحة كورونا، فجائحة كورونا رغم قسوتها وأضرارها القوية التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد، إلا أنها جائحة آنية مهما طال جثومها على صدر الاقتصاد العالمي، وليست لها أجندات سياسية "غالبا" ومعركتها كانت ضد الجميع، حيث إنها بالفعل وحدت الجميع للوقوف بوجهها وتقنينها وتقنين آثارها السلبية، وهذا ما حدث فعلا.
جائحة كورونا فيما يخص قطاع الطاقة، أثرت بلا شك في الطلب العالمي على منتجات الطاقة وعلى رأسها النفط، بسبب الحظر الكلي والجزئي الذي قامت به جل دول العالم في 2021 و2022، ما أدى إلى شلل أصاب الطيران العالمي الذي يعتمد بصورة كبيرة على منتجات النفط.

أما الحرب الروسية الأوكرانية فهي مختلفة بصورة كبيرة عن جائحة كورونا من جانب تأثيرها في أسواق الطاقة وأمنها وسلامة إمداداتها، حيث إن هناك بلا شك أجندات سياسية وأهداف لأطراف الصراع يسعى كل منهم إلى تحقيقها مهما كلف الأمر.

وشرايين الطاقة بلا شك أحد أهم أدوات التصعيد والمساومة السياسية في هذه الحرب.
ملامح أزمة الطاقة في أوروبا بدأت منذ اليوم الأول للحرب الروسية الأوكرانية، وأوروبا تحاول جاهدة وضع خطط طوارئ قبل دخول فصل الشتاء كوضع سقف أعلى لأسعار النفط والغاز الروسيين.

بعض الدول أعلنت وجود عجز متوقع في فصل الشتاء في بعض المدن قد يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الأجزاء، ودول أخرى بدأت برامج توعوية مكثفة لحث المستهلكين على الترشيد خلال فصل الشتاء لشح الإمدادات.
لا تلام أوروبا على هذا الاستنفار ونحن نقف على عتبات فصل الشتاء، وقد نرى إجراءات وقائية أكثر قوة، حيث إن روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم بنحو 11 مليون برميل يوميا، وبصادرات تبلغ نحو سبعة ملايين برميل يوميا، وهي أيضا أكبر مصدري الغاز في العالم بما يقارب 238.1 مليار متر مكعب.

هل هناك انفراجة تلوح في الأفق لهذه الأزمة؟ نكمل ما بدأناه في المقال المقبل بإذن الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي