الركود ليس عذرا للتراجع في التنوع

الركود ليس عذرا للتراجع في التنوع

في مؤتمر عقد أخيرا حول توفير فرص للمواهب المتنوعة، بإشراف "فاينانشيال تايمز"، حذر المحافظ اللورد شينكوين من أنه "مهما كان الخطاب، فإن تجاهل المساواة والتنوع والشمول باعتبارها بشكل ما جزءا من أجندة الصحوة هو بمنزلة إشاحة نظرك عن تكافؤ الفرص".
حظيت كلمات شينكوين بالاهتمام من جوناثان جيلدارت، المدير العام لمركز المديرين، الذي أضاف أنه "في مواجهة عدم اليقين الاقتصادي، فإن هناك خطرا يتمثل في تقويض التقدم الذي تم إحرازه في الأعوام الأخيرة".
يبدو هذا الخطر حقيقيا للغاية مع اقتراب المملكة المتحدة من الركود. إن التقدم البطيء لكن الواضح الذي تم إحرازه في الأعوام الأخيرة في مجالات مثل الأجور بين الجنسين والتمثيل المتنوع في مجالس الإدارة، إضافة إلى حوكمة الشركات والبيئة، يعد الآن معرضا للخطر.
أثارت "سي بي آي"، أكبر مجموعة أعمال بريطانية، الأسبوع الماضي مخاوف أعضائها من أن تقدم السياسة بشأن القضايا الخضراء في تراجع، مرتبطا بحكومة ينظر إليها بعض على أنها أقل اهتماما بشأن تغير المناخ من الإدارات السابقة.
في الواقع، إجراءات الحكومة تخضع للتدقيق. في أيلول (سبتمبر)، صدم جيكوب ريس موج كثيرين في مجال الأعمال عندما طرح - في فترته القصيرة بصفته وزيرا للتجارة في المملكة المتحدة - احتمالية تقليص الإبلاغ عن فرق الأجور بين الجنسين، تحت غطاء التخلص من حقوق التوظيف المرهقة.
كانت هناك مشاعر مشابهة وراء خطاب حديث وجهه 40 نائبا إلى المستشار، جيريمي هانت، مطالبين فيه بخفض قضايا أجندة "الصحوة" - كما ذكرت صحيفة "ديلي تلجراف" - مثل المساواة والتنوع والشمول، نظرا إلى قيود التكلفة التي تواجه القطاع العام.
يعد مصطلح "الصحوة" في هذا السياق إهانة مشحونة سياسيا، لكنه مهم في السياق الأوسع لحكومة المملكة المتحدة الضعيفة وأزمة الإنفاق.
إن الكلمات والإجراءات الإيجابية من القادة، في البرلمان والشركات، توفر الأصل والدافع اللذين يؤديان إلى التغيير، مثل الإبلاغ عن فرق الأجور بين الجنسين. يؤدي التراجع عن هذه الأمور إلى صعوبة استئناف الحافز في المستقبل.
يرى كثير من الشركات الحاجة إلى الحفاظ على التركيز على الشمول والحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في أماكن العمل، لكن الأصوات التي تشتكي من أعباء التكلفة والوقت الناجمة عن ذلك تزداد علوا.
كان تقرير حديث صادر عن شركة تولشان كومينكيشينز الذي يجمع أفكار رؤساء الشركات المدرجة في مؤشر "فاينانشيال تايمز" مثقلا بالشكاوى من أن الممارسات الشكلية من المستثمرين تهدد نمو الشركات.
حتى إن أحد الرؤساء قال "إن نموذج الشركة العامة سيئ"، لأن "70 في المائة من أجندة مجلس الإدارة عادة ما تكون بشأن الحوكمة والتنظيم، ويتعين على المديرين القلق بشأن إذا ما كانت فجوة الأجور بين الجنسين قد ارتفعت أو انخفضت وما قد يعني ذلك، وماذا سيكتب عنه في صحيفة ديلي إكسبريس".
بالنظر إلى الردود مجهولة المصدر في التقرير، يمكننا أن نفترض صدق الذين شملهم الاستطلاع. قد يكون هذا الرئيس على وجه الخصوص على هوامش ما تعتقده معظم مجالس الإدارة، لكن الجدال حول فجوات الأجور بين الجنسين كجزء من خطاب واسع عن الحوكمة يبدو مثل العودة إلى الوراء بنحو عقد من الزمان.
من المؤكد أن ما يزعج أعضاء مجلس الإدارة من غير المرجح أن يكون هو ما يزعج كثيرا من موظفيهم، الذين من المحتمل أن يواجهوا زيادات في الأجور أقل من معدلات التضخم. غالبا ما تكون النساء، وكذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، والمنتمون إلى الأقليات العرقية أو من الخلفيات الأقل ثراء، من بين الذين يحصلون على أجور أقل في المتوسط، وفقا لمكتب الإحصاء الوطني وأكاديميين.
كما تميل الشركات التي تتبنى أعلى مستويات التنوع والشمول إلى تحقيق إنتاجية وأداء أعلى، الأمر الذي سيكون حاسما خلال الأشهر الصعبة المقبلة.
وفقا لبحوث شركة ماكينزي، فإن شركات الربع الأعلى للتنوع بين الجنسين أكثر احتمالا بنسبة 25 في المائة لتحقيق ربحية أعلى من المتوسط. وفي حال التنوع العرقي والثقافي، وجدت أن الشركات الأكثر تنوعا تفوقت على الشركات الأقل تنوعا بنسبة الثلث في الربحية.
أظهر التحليل الذي أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية وجود علاقة قوية بين تنوع فرق الإدارة والابتكار بشكل عام. يقول أنتوني بينتر، من معهد تشارترد للإدارة، "إن جميع الأدلة التي يقدمها تظهر أن الشركات المتنوعة في وضع أفضل لجني ثمار الإنتاجية العالية واتخاذ القرارات بشكل أفضل".
ينبغي للمملكة المتحدة أن تفكر في توسيع متطلبات الإبلاغ لتشمل الإبلاغ الإلزامي عن فجوة الأجور بسبب العرق والإعاقة. تعد البيانات ضرورية للقياس المعياري للصناعة، وكذلك لإظهار المشكلات التي تجب معالجتها.
تركز كثير من الشركات على هذه المجالات لأنها ترى الفوائد. لا تحتاج إلى حواجز حماية حكومية عندما يطالب الموظفون والعملاء والمساهمون بالتقدم. لكن قد يرى آخرون الركود كذريعة لتجنب اتخاذ إجراء.
إذا لم تتمكن الحكومة من أخذ زمام المبادرة فيما يتعلق بالتقدم في تدابير التنوع والشمول الفاعلة، عندها يجب على الشركات أن تأخذ زمام المبادرة.
يفكر مديرون حكيمون فيما يريد خلفاؤهم منهم أن يفعلوه من أجل مستقبلهم، وليس ما يمكنهم فعله من أجل تدفقات نقدية قصيرة الأجل. إن مجموعة النواب "المناهضة للصحوة" محقة في أن الأموال ستكون أكثر تقييدا مع دخول المملكة المتحدة في ركود. لكن هذا يجعل التركيز على المجالات التي يمكن أن يفقد فيها التقدم بسهولة أكثر أهمية إذا كانت الشركات ترغب في أن تظهر أكبر قدر من الإنتاجية والإنصاف.

الأكثر قراءة