الشركات الأمريكية تلجأ إلى العاملين بعقود لمواجهة مخاوف الركود
توظف الشركات الأمريكية بشكل متزايد موظفين على عقود مؤقتة، إذ لا تشجع مخاوف الركود الشركات على توظيف مزيد من الموظفين الدائمين.
أعلن أصحاب العمل زيادة 26 في المائة في الشواغر لشغل وظائف تعاقدية في الفترة ما بين أيار (مايو) وتشرين الثاني (نوفمبر) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لبيانات من موقع لينكدإن. ارتفعت الإعلانات عن الوظائف بدوام كامل 6 في المائة فقط خلال الفترة نفسها، وتظهر بيانات وزارة العمل أن الوظائف الشاغرة الجديدة انخفضت في تشرين الأول (أكتوبر).
قالت كريستين كاستانيدا، رئيسة التوظيف المهني في شركة إل إتش إتش للتوظيف: "بدأنا نشهد تحولا في القوة نحو أصحاب العمل قليلا. أصبح أرباب العمل أكثر حذرا".
خططت شركة أليوب لصناعة منتجات التجميل في الأصل لإضافة 10 إلى 15 موظفاً دائماً إلى فريقها المكون من 20 شخصا في 2023، لكنها اختارت تعيين أربعة موظفين فقط واستخدام مزيج من موظفين متعاقدين بدوام كامل وموظفين مستقلين للوظائف الأخرى.
قال ديفيد مانشوري، مؤسس شركة أليوب: "عندما بدأت السوق في التباطؤ، أصبحت أكثر انتقائية بشأن التوظيف. قلت، دعنا نعتمد على الوظائف الرئيسة (...) وتعيينها، ثم نستفيد من الموظفين المستقلين للوظائف الأكثر متعة، أو حيث نشعر أن الناس يستمتعون بكونهم مستقلين".
في فترات الانكماش السابقة، حولت الشركات الوظائف المفتوحة الدائمة إلى عقود مؤقتة لخفض التكاليف. أدت أزمة كوفيد إلى تسريع هذا الاتجاه، وفقا لما قالته ليز ويلكي، الخبيرة الاقتصادية الرئيسة في شركة جوستو لتصنيع برمجيات الأجور. كثير من أصحاب العمل عينوا موظفين بعقود لأول مرة للمساعدة في التحولات الاستراتيجية والتشغيلية السريعة أثناء الجائحة. قالت ويلكي إن آخرين اعتمدوا على الموظفين المتعاقدين لتعويض نقص الموظفين وسط نقص القوى العاملة.
كان المتعاقدون يمثلون واحدا من كل عشرة موظفين تلقوا أجورهم عبر شركة جوستو منذ خمسة أعوام. أما الآن، فيبلغون واحدا من بين كل خمسة. كما زاد عدد الشركات التي توظف موظفين متعاقدين. نما عدد الشركات على منصة جوستو التي تستخدم موظفين متعاقدين بنسبة 11 في المائة هذا العام و28 في المائة منذ بداية الجائحة.
قالت ويلكي: "كل التغييرات التي حدثت عندما انقلب العالم رأسا على عقب، جلبت مزايا الموظفين المتعاقدين باعتبارهم قوة عاملة رشيقة، ومرنة حقا، لكنها أيضا ماهرة بالفعل".
الشركات الأكبر حجما دفعت الطلب على الموظفين المتعاقدين، حيث تم تعيين معظمهم للقيام بأعمال استشارية، أو إدارية أو إبداعية، وفقا لبيانات شركة جوستو.
لكن بالنسبة للشركات الصغيرة، فإن ارتفاع الأجور جعل من الصعب المزايدة على الشركات الكبيرة من أجل المواهب المتميزة. قالت ديبورا جلادني وأنجيلا موهويزي هول، مؤسستا شركة كويك هاير لصناعة برمجيات الموارد البشرية، إن كثيرين لجأوا إلى الموظفين المتعاقدين لسد الفجوة.
قالت جلادني: "استغرق الأمر منا نحو ثمانية أشهر للعثور على موظف تكنولوجي واحد لأننا لم نتمكن من التنافس من حيث الأجر والمزايا. كان التعاقد مع موظفين الطريقة الوحيدة التي تمكنا بها من تجاوز تلك الفترة الطويلة من عدم وجود موظفين تكنولوجيين دون التراجع فيما يتعلق بالمنتج".
عادة ما يتم تعيين الموظفين المتعاقدين في الوظائف المبتدئة، لكن أصحاب العمل يعرضون عليهم مزيدا من الوظائف العليا، ووظائف الإدارة المتوسطة أيضا، وفقا لكاستانيدا في شركة إل إتش إتش. كما تركز الشركات الأمريكية بشكل متزايد على تسريح العمال في وظائف الإدارة المتوسطة الذين يعملون في الوظائف المكتبية.
قبل الجائحة، لم تكن وكالة مود للتصميم، ومقرها فيلادلفيا، قد عينت أي شخص بعقد مؤقت. لكن عندما بدأت في القيام بمزيد من العمل عن بعد، أدركت أدريانا فازكويز، مديرة العمليات، أن الموظفين المتعاقدين يمكن أن يكونوا وسيلة أكثر فاعلية لإكمال مشاريع إنتاج الأفلام التي كانوا يتعاقدون عليها من الباطن مع استوديوهات الإنتاج.
قالت فازكويز: "إننا في حالة نمو، والموظفين المتعاقدين لدينا يمكنوننا من البقاء كذلك".
توظف شركة مود اليوم عشرة موظفين متعاقدين بدوام كامل يقودون أقسام الرسوم المتحركة وتطوير الويب، ويعملون مع نحو 40 آخرين على أساس كل مشروع على حدة.
قالت ويلكي من شركة جوستو إن موجة التوظيف بالعقود أتاحت أيضا فرصا جديدة للعاملين الذين قد يواجهون صعوبة أكبر في التنافس على وظيفة بدوام كامل، بمن فيهم كبار السن أو الذين يفتقرون إلى المؤهلات التقليدية مثل الشهادة الجامعية. من المحتمل أن يتجه كثيرون إلى استخدام وظائف التعاقدة كنقطة انطلاق إلى الصناعات التنافسية بما فيها الاتصالات والتكنولوجيا.
رغم اقتران عدم الاستقرار وانخفاض الأجور مع وظائف التعاقد، قال 67 في المائة من الموظفين المتعاقدين الذين شملهم الاستطلاع من قبل شركة جوستو إنهم لا يفضلون العمل التقليدي.
حذر كوري هوساك، زميل باحث في مركز واشنطن للنمو العادل ويقدم أيضا المشورة للسيناتور الديمقراطي، بوب كيسي، من أنه "نادرا ما يكون أمرا جيدا بالنسبة لمعظم الموظفين" أن يتم تصنيفهم على أنهم متعاقدون مستقلون بدلا من تصنيفهم موظفين أساسيين. الموظفون المتعاقدون يتم استثناؤهم من كثير من الضمانات في قانون العمل الأمريكي بما في ذلك متطلبات الحد الأدنى للأجور، والحق في تنظيم النقابات والحماية من التمييز.
قالت ويلكي: "غالبا ما نفكر في العمل بالتعاقد باعتباره ثاني أفضل شكل من أشكال التوظيف. لكن هذا يتغير. هذا يلائم احتياجات الشركة، كما أنها تكمل وتعزز مهارات الموظفين وقدراتهم".