رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الوعي الاستثماري وأهميته للأفراد

لا شك أن الاستثمار أحد أهم المهارات في حياة الفرد، وبصورة أعم الوعي المالي الذي يتعلق بالادخار والاستثمار والاستهلاك، وهو جزء من مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث تركز في جوانب منها على زيادة نسبة الادخار لدى المواطنين، لتكون على الأقل عند مستويات 6 في المائة، التي تعد في حدود المتوسط العالمي، والنسبة المثالية هي أن تصل إلى 10 في المائة كما هو موجود في بعض الدول المتقدمة اقتصاديا، والمعدلات الحالية متدنية، حيث تصل إلى أقل من 2.5 في المائة في مؤشر على أن هناك خللا في السلوك المالي عموما لدى الأفراد.

في كثير من المحاضرات التي يتم التناول فيها مع الطلاب في الجامعة، وكثير منهم موظفون ولديهم دخل واحد على الأقل من الرواتب، يجيب كثير منهم أنه لا يتعامل مع السوق المالية بالاستثمار، وعند ملاحظة الاكتتابات الجديدة في سوق الأسهم بعد أن كان المجتمع تقريبا بأغلبيته تقريبا يشارك فيها، خصوصا الجيدة منها، نجد اليوم أن نسبة المكتتبين من مجمل عدد السكان يظهر بأنها أقل من السابق رغم التسهيلات الكبيرة في عملية الاكتتابات التي لا تتجاوز ضغطة زر فقط للمشاركة فيها، ولا شك أن الوعي الاستثماري أصبح جيدا لدى كثير من أفراد المجتمع.

وملاحظ من خلال طبيعة النقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة مستثمرين أصحاب خبرة لديهم رغبة في نشر الوعي الاستثماري في المجتمع في هذه المنصات، أن البعض بعيد كل البعد عن السوق ما يجعل هذه الفئة البعيدة تماما عن الاستثمار تفوت فرصا كبيرة تزخر بها السوق السعودية في ظل التحول إلى التخصيص وتشجيع الشركات على إدراج أسهمها في السوق، وفي ظل طبيعة الحياة اليومية للأفراد، فإنه من الصعب على الفرد أن يمارس التجارة بشكل يومي في ظل ارتباطه اليومي بالعمل لمدة ثماني ساعات، إضافة إلى الالتزامات العائلية التي تجعل من الصعوبة بمكان مباشرة الأعمال التجارية بصورة يومية.
قد يكون أحد أهم أسباب عزوف البعض عن الدخول في السوق والاستثمار فيها سواء السوق المالية أو الاستثمار العقاري، هو التقلبات التي تحدث للأسواق بين الحين والآخر، وفي الأغلب يكون ذلك عندما يرى البعض الانخفاضات الحادة للسوق والخسائر التي يتكبدها بسبب ذلك، ولا شك أن الخسائر هي أكبر منفر للشخص عن الدخول في الاستثمار، باعتبار أن المستثمر لم يدخل السوق إلا ليحقق الأرباح وليس الخسائر، وهنا تأتي أهمية الوعي الاستثماري لدور الأسواق ووظيفتها، ليكون المستثمر أكثر حكمة في اتخاذ القرارات، ولا شك أن جميع المستثمرين بما فيهم الأثرياء وأصحاب الخبرة، يتعرضون إلى خسائر كبيرة، فالاستثمار ليس ربحا مضمونا، لكنه واحد من الخيارات التي يمكن بنسبة كبيرة أن تبني للفرد ثروة تفوق محصلة دخله من الراتب أو الدخل الثابت.

والقرارات الأخرى التي تتعلق بمال الفرد الذي يمكن أن يدخره ستؤول إلى خسائر محققة سواء بالاستهلاك المفرط للكماليات أو بقائها نقدا في حسابه الجاري.
لا شك أن خسائر المحفظة الاستثمارية للفرد مؤلمة وتؤثر في قرار استمراره في السوق، إذا ما نظر من زاوية أن الأسهم التي يمتلكها يجب أن يراها رابحة بشكل مستمر، لكي يبقى سعيدا ومتفائلا في السوق سواء الأسهم أو العقار أو أي استثمار آخر، لكن هذا النظر يختص بصاحب قرار البيع للسهم وليس المستثمر، إذ إن المستثمر عادة ما ينظر إلى السوق بصورة متوازنة والخسائر لا تحصل في محفظته، إلا بعد بيع الأسهم التي يمتلكها، والتوازن هنا هو النظر إلى السوق بأنها تتيح فرص الشراء وفرص الكسب من البيع، والأهم أن يكون الفرد أكثر حكمة في اتخاذ قرار البيع أو الشراء، ونحن نعلم أنه في سلوكنا الاستهلاكي مثلا، الأمر مختلف، فعند حصول تخفيض في أسعار بعض السلع يكون الإقبال على الشراء أكبر، مقارنة بوقت ارتفاع الأسعار أو بقائها بسعرها الأساس دون تغيير، وهذا مفهوم في سلوك الفرد الاستهلاكي.

لكن في سلوك المستثمر، فإن انخفاض أسعار الخيارات الاستثمارية قد يكون إيجابيا إذا كان يدخر بشكل شهري ويحول هذا المبلغ المدخر إلى حسابه الاستثماري.
الخلاصة، إن الحراك الحكومي لتعزيز الفرص الاستثمارية سيولد كثيرا من الفرص المتنوعة والجيدة في مختلف القطاعات، وعزوف البعض قد يحرمه من تعظيم منافعه منها، وهنا تأتي أهمية بناء الفرد رصيده المعرفي في الاستثمار، للاستفادة من الفرص الكبيرة في السوق حاليا ومستقبلا بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي