حي المال في لندن متعطش لروح الشباب الأذكياء المتواضعين
قبل أكثر من أسبوع بقليل، كشفت حكومة المملكة المتحدة عن "إصلاحات إدنبرة"، مجموعة مكونة من 30 اقتراحا ليصبح القطاع المالي في الدولة أكثر فاعلية وأقل تقيدا بتعقيدات مجموعة الأنظمة التي تم إدخالها بعد الأزمة المالية 2008.
قبل أسبوعين كان هناك تقرير صادر عن الحي المالي في لندن وفريق عمل التنوع الاجتماعي والاقتصادي المكلف من الحكومة حظي باهتمام أقل عن كيفية وضع حد لـ"الحاجز الطبقي" الذي يعوق المنتمين إلى الطبقة العاملة من بلوغ مناصب عليا في القطاع المالي.
سيكون من السهل رسم صورة كاريكاتورية للمشروعين، الإصلاحات والتقرير، تظهر تعارضهما التام - أحدهما مبادرة تحررية لفك قيود الحي المالي، والآخر جهد "واع بالظلم الاجتماعي" يسعى لتوسيع نطاق حملة التنوع الحسنة من الجندر والعرق إلى الخلفية الاجتماعية والاقتصادية.
لكن على المتشككين التفكير مرة أخرى، في الواقع، يتماشى كلا المشروعين مع الدافع لتعزيز الإمكانات العالمية للخدمات المالية في المملكة المتحدة. إن تنويع الحي المالي - برفع نسبة الخبراء الماليين من الإناث أو من غير البيض أو من خلفية متواضعة - صائب من الناحية الأخلاقية ويعد طريقة مهمة لتوسيع مجموعة المواهب ويحد من حدوث مخاطر في النظام من خلال تخفيف التفكير الجماعي المنحاز إلى فئة ما.
يعتقد فريق العمل بالفعل أن المفتاح الأول لأي تحول من هذا القبيل هو قياس الوضع الراهن وتحديد هدف للتحسين. أحدث هذا المعجزات، مثلا في تمثيل المرأة في مجالس الإدارة، إذ تضاعفت مشاركتها في مجالس كبرى الشركات البريطانية ثلاث مرات لتصل إلى 40 في المائة خلال عقد.
قياس التنوع الاجتماعي والاقتصادي أكثر صعوبة. سأل فريق العمل أكثر من تسعة آلاف موظف في 49 منظمة، ووجد أن 36 في المائة من الذين يشغلون مناصب رفيعة ينتمون إلى خلفية اجتماعية واقتصادية متواضعة، يحددها عمل الوالدين. استند إلى هذه البيانات في تحديد هدف ليشكلوا 50 في المائة بحلول 2030. لكن البيانات تبدو مغلوطة.
ربما البيانات المرجعية المتمثلة في 36 في المائة مضخمة بسبب منهجية اعتمدت على مجموعة موظفين اختارت طوعا المشاركة في الدراسة داخل المنظمات التي وافقت على المشاركة. وجدت دراسة تمهيدية أصغر لهذا المشروع، أجرتها "بريدج جروب"، مؤسسة خيرية للمساواة الاجتماعية، أن 90 في المائة من المناصب العليا في القطاع المالي يشغلها المنتمون إلى خلفية متميزة - وهي نسبة تبدو أكثر دقة حسب ما يتم تناقله ومن المرجح أنها أعلى في بعض الأوساط المالية.
أحدها الأعمال المصرفية الاستثمارية، حيث يشكل فيها الرجال البيض من خلفيات متميزة جميع المناصب الرفيعة تقريبا - ليس في الحي المالي في لندن فحسب، بل في المراكز المالية في أنحاء العالم. كتبت "بريدج جروب" عن هذا المجال من العمل المالي، "يظهر" المنتمون إلى الطبقة البيضاء والمتوسطة أو العليا الخبرة من منظور الزملاء والعملاء. على مر التاريخ، كانت الخبرة "منوطة" برجال من الطبقة المتوسطة البيضاء، الذين عليهم أن يبذلوا أقل ما يمكن لإثباتها".
كيف إذن ينبغي لمجموعات الخدمات المالية المتلهفة للتجديد أن تعثر على موظفين أذكياء من طبقة متواضعة؟ تقرير فريق العمل أغفل التفاصيل التي تلي القياس والاستهداف والإدارة. لكن فيما يلي أربع أفكار واقعية.
أولا، البحث عن مرشحين من جميع أنحاء المملكة المتحدة. لم يكن الحي المالي استباقيا جدا بشأن من يوظف قط، إمكانية وصوله إلى المناطق الأخرى صغيرة أو منعدمة. توجد بعض المبادرات الصغيرة المصممة لاستهداف الشباب من خلفيات متواضعة لكنها تركز عادة على أحياء لندن حيث توجد كبرى الشركات.
ثانيا، البحث عن مرشحين درسوا في المدارس الحكومية. وفقا لتقرير صدر في 2014 أجرته شركة بوسطن للاستشارات لمصلحة منظمة ساتون ترست، فإن 37 في المائة من الموظفين الجدد و60 في المائة من كبار المديرين في القطاع المالي، قد تلقوا تعليما في مدارس خاصة، التي تشكل 7 في المائة من إجمالي عدد المدارس في الدولة. أدى ذلك إلى استمرار اللامساواة.
ثالثا، ابحث عن مرشحين من مجموعة أوسع من الجامعات. يبحث كثير من أرباب العمل في القطاع المالي عن موظفين في المملكة المتحدة فقط من جامعة أوكسبريدج أو عدد قليل من جامعات "راسل جروب" الأخرى. ربما تقدم مؤسسات أخرى خريجين موهوبين بالقدر نفسه من خلفيات اجتماعية أكثر تنوعا.
رابعا، ابحث عن الأبطال. في الأغلب ما يتحدث الموظفون الجدد في القطاع المالي - تماما كما هي الحال في التخصصات الأخرى - عن مدى أهمية رؤية شخص مثلهم في دور قيادي ليساعدهم على تعزيز تطلعاتهم. هذا ينطبق على الخلفية الاجتماعية بقدر ما ينطبق على الجندر أو العرق.
أليسون هاردينج جونز، رئيسة عمليات الاندماج والاستحواذ الأوروبية في "سيتي جروب"، من جنوب ويلز، ذهبت إلى مدرسة تعليم أساسي وبدأت العمل، في عمر 16 عاما، سكرتيرة في مصرف، يمكن أن تعد مثالا على الأبطال. تقول، "بالكاد توجد أي امرأة مسنة في مجال عملي، وعدد قليل جدا ينتمون إلى خلفيات متواضعة. هذا يحتاج إلى تغيير، وجود أشخاص لديهم وجهات نظر مختلفة له قيمة كبيرة".