معرض جدة للكتاب مر من هنا وبقي الأثر
مر معرض جدة للكتاب، وبقي أثره وجلساته التي تناولت حقول المعرفة والأدب من مختلف المشارب، وكان فرصة للإبحار برفقة "خير جليس" وإنعاش صناعة النشر، إذ يحاكي العقول بأحدث الإصدارات والعناوين.
المعرض بحلته الجديدة كليا تحت قبة جدة الكبرى، شارك فيه نحو 900 دار نشر و400 جناح معرفي، وصاحبه مؤتمران نوعيان للخيال العلمي والنشر الرقمي، وأجنحة واسعة للمانجا والأنمي والقصص المصورة، مختتما فعالياته وبرنامجه الثقافي قبل أيام بأصداء إيجابية، نقلها أدباء وناشرون وقراء لـ"الاقتصادية".
التطور الموسيقي العربي فرض نفسه عالميافي اليوم الأخير لمعرض جدة، أجاب موسيقيون عن تساؤلات حول الموسيقى العربية وما إذا وصلت إلى العالمية، وأشار إلى أن التطور الموسيقي العربي فرض نفسه عالميا في ظل ظهور مواهب موسيقية.
الأمسية التي غاب عنها الملحن الأمير أحمد بن سلطان "سهم"، تناولت التبادل الموسيقي بين الشعوب ومدى تأثرها موسيقيا ببعضها، وأوضح الدكتور أحمد يوسف محمد علي عضو المجلس الأعلى للثقافة في جمهورية مصر، أن التبادل والتأثير بين الموسيقى الشرقية والغربية ظهر في عدة أشكال وآلات موسيقية، كالدف والصناج والطبل والعود، مبينا أن العالم كان مقطوع الصلات، بعكس هذا العصر الذي يتسم بتقارب البعيد وسرعة التأثر والتأثير، مستدلا بمعزوفات عربية وعالمية متأثرة ببعضها بعضا.
وأفاد بأن أوروبا سابقا عرفت إيقاعات عدة من العرب، ولا سيما أن العرب أضافوا على النغمات الموسيقية، وأحدثوا فوارق ومسافات على السلم الموسيقي كانت في متناول اهتمام غير العرب.
وحول ما إذا كانت هناك اختلاف بين الموسيقى التصويرية للأفلام والموسيقى الغنائية، أفاد الموسيقار المصري هشام نزيه، "ليس هناك من اختلاف، ويستوجب على مؤلف موسيقى الأفلام أن يكون محبا للفنون المسرحية والسينمائية، وملحن الأغنية مطلوب منه الفهم الموسيقي بعيدا عن حب الدراما".
بدوره، تطرق الموسيقار السعودي ممدوح سيف إلى الخيال مع الموسيقى، فالخيال مع الموسيقى الخالية من الكلمة أوسع بكثير مع الموسيقى بالكلمة، والموسيقى المطلقة يكون معها الإبحار في الخيال كبير جدا وأوسع، مبينا أن الموسيقى فلسفة، واندماج كوني، مصنوعة ومستلهمة من سمفونية كونية، والمؤلف الموسيقي بمدى علمه ومعرفته يكون اغتنامه وتوظيفه لهذه السمفونيات الكونية.
أحمد حلمي لـ"الاقتصادية": سكنت جدة 10 أعوامسجل معرض جدة للكتاب وجود مجموعة واسعة من الفنانين السعوديين والعرب والعالميين، مثل صناع مسلسلات صراع العروش، سترينجر ثينجز، فايكنج، وصناع أفلام مارفل، شمس المعارف من السعودية، والنجوم يسرا، شيماء سيف، محمد هنيدي، وأحمد حلمي الذي كشف لـ"الاقتصادية" أنه محب لمدينة جدة، التي سكنها عشرة أعوام في فترة المراهقة، متنقلا من حي بني مالك، إلى حي الشرفية، ومنه إلى حي الروضة.
وخصص المعرض ندوة حوارية لاستعراض مسيرة الفنان، حملت عنوان "حلمي حلمك"، كشف فيها عن تفاصيل عمله المقبل الذي يحمل بصمات شخصية "بلطجي" يتعامل بسلوك "سايكو"، يبطش ويغرق في ظلم الناس وأولاد الحي.
وأوضح الفنان حلمي أن المملكة تشهد نقلة نوعية على جميع الأصعدة، مبينا أن السينما والأفلام تطورت بشكل ملحوظ، بفضل الدعم الذي أولته وزارة الثقافة لهذا القطاع الناشئ.
بزيغ يعود إلى جدة بعد غياب 20 عاما
عد الشاعر اللبناني شوقي بزيع "كتاب جدة" معرضا رمزيا يجسد الحياة العصرية التي تعيشها المملكة، كما يمثل الانتقال من طور إلى طور، حيث قال إنه بعد زيارته معرض الرياض الأخير ثم معرض جدة، أيقن أن المملكة أصبحت في قلب الحداثة والعصرية، مشبها ما يحدث بالزلزال الإيجابي الذي يمنحها بعدا استشرافيا ورؤيويا عربيا وعالميا.
بزيع الذي يعود إلى جدة بعد غياب امتد 20 عاما، تدفقت شاعريته نثرا ليصف ما لمسه بقوله "أنا شديد السعادة وأنا أعود إلى جدة بعد 20 عاما من الغياب، لكي أعثر على النسخة المتجددة من جدة".
روائي بلغتين وجسد واحد
ذكر الروائي العراقي الدكتور محسن الرملي أن الترجمة المعتمدة على محرك البحث "جوجل" أسهمت في تشويه أعمالنا الأدبية المترجمة، داعيا لأن يكون المترجم أديبا ويضفي على الرواية روحا من خلال الترجمة، وألا ينقل الترجمة حرفيا، لأن ذلك يؤثر في المعنى.
وأضاف الرملي أن السبب في ترجمة روايته "حدائق الريس" للإنجليزية، التي تعد الرواية الأكثر شهرة وانتشارا له، أنه لم يكتبها بلغة الأنا، وأنها كانت تصف العراق وما يحدث فيه وأهله، إضافة إلى أنها رصدت الأحداث خلال الـ50 عاما الأخيرة حتى سقوط بغداد، فقد نشرها بسبب الوجع والفقد لتسعة من أقربائه وجدوا مذبوحين ورؤوسهم مرمية في صناديق موز، في بلد لا تزرع الموز، حيث كانت تحكي عن تعدد الطبقات، والواقع العراقي الصعب، وهذه عوامل أسهمت في نجاح الرواية.
وكان الدكتور الرملي قد أعلن نفاد نسخ كتبه من المعرض، من خلال حسابه على تويتر.
في السياق ذاته، أكد شعراء أن أكثر الترجمات الشعرية العربية لم تكن بالمستوى المأمول، حيث عد الشاعر عباس بيضون ترجمة أدونيس لشعر بيرس فتحا في الشعر العربي، وقال إنه رغم الانتقادات التي طالته في وقتها إلا أنها خدمت القصيدة، مضيفا أن الكثرة الكاثرة من الترجمات العربية لم تكن في المستوى المأمول، إلا أنها طورت لغة الشعر وتوجهاته والصورة الشعرية للقصيدة الحديثة.
وفي رده عن كيفية ترجمة الشعر وأثر الترجمات في لغة الشعراء العرب، قال بيضون إن القصيدة العربية في الأعوام الـ20 الأخيرة أصبحت متشابهة، وكل ذلك بتأثير الترجمات الشعرية، كأنما يغرفون من صندوق واحد.
الشاعر نوري الجراح تناول دور الترجمة العربية في حفظ تاريخ الثقافات الإغريقية والفلسفية، قائلا إن هناك تاريخا كبيرا للترجمة في الثقافة العربية، فيما نوه بالمراحل المتعددة التي مرت بها حركة الترجمة، حيث أعيدت ترجمة نصوص كثيرة تكاد تكون مختلفة تماما عن ترجماتها السابقة.
الأعلى مبيعا
قدم معرض جدة للكتاب ميزة جديدة لزواره، مكنتهم من التعرف على الكتب الأعلى مبيعا يوميا، في تحديث لم تحظ به معارض المدينة المنورة والرياض، بالاستفادة من التقنيات الحديثة وطرق الدفع الإلكتروني، وبدأت بكتاب "كذب الرجال ولو صدقوا" لمؤلفه مشعل حمد، الصادر بطبعته الـ12 عن دار شغف، وعرض معلومات الكتب على شاشة المعرض الرئيسة، التي تأتي على شكل دائري أعلى قبة "سوبر دوم" جدة.
ومسك الختام كان مع الشاشة ذاتها التي أعلنت موعد محطة الكتاب المقبلة، حيث يزور المنطقة الشرقية في أولى محطاته للعام الجديد، ضمن المبادرة الاستراتيجية "معارض الكتاب" التي تسعى من خلالها هيئة الأدب والنشر والترجمة إلى التوسع في إقامة المعارض في مدن مختلفة، ومن المزمع أن يقام معرض الشرقية للكتاب خلال الفترة من الثاني إلى 11 آذار (مارس) 2023.