سوق ألعاب الهاتف الجوال تتراجع إلى 92.2 مليار دولار

سوق ألعاب الهاتف الجوال تتراجع إلى 92.2 مليار دولار

من المتوقع أن تنخفض سوق ألعاب الهاتف الجوال هذا العام في حادثة هي الأولى منذ بداية حقبة الهواتف الذكية، حيث تضرر القطاع الذي كان من قبل سريع النمو بسبب ارتفاع تكاليف الإعلان، وانخفاض الإنفاق من المستهلكين، ونهاية جائحة فيروس كورونا التي أدت إلى مشاركة واسعة من اللاعبين.
كانت ألعاب الهاتف الجوال معروفة منذ لعبة الأفعى التي قدمتها شركة نوكيا في أواخر التسعينيات، لكن بعد افتتاح متجر تطبيقات أبل في 2008 بدأت فترة من النمو الهائل امتدت إلى أكثر من عقد، ما جعلها سوقا بلغت قيمتها 100 مليار دولار تمثل الآن نصف إجمالي إيرادات صناعة الألعاب.
من المتوقع أن تتراجع الإيرادات 6.4 في المائة هذا العام إلى 92.2 مليار دولار، وفقا لشركة نيوزو لبيانات الألعاب، وهو انعكاس حاد جاء بعد النمو الذي شهدته ألعاب الهاتف الجوال العام الماضي 7.3 في المائة و25.6 في المائة في 2020 عندما أدت عمليات الإغلاق إلى زيادة شهية المستهلكين للترفيه الافتراضي.
كما خفضت مجموعة أمبير أناليسيس البحثية الشهر الماضي توقعاتها لإيرادات العام الحالي إلى 6.4 في المائة، أو ستة مليارات دولار أقل من 2021، بسبب الضعف في الولايات المتحدة والصين واليابان التي تعد أكبر أسواق الألعاب في العالم. وصفت شركة أمبير ما يجري بأنه "تنبيه للصناعة".
شهدت بعض أفضل ألعاب الهاتف الجوال في العالم انخفاضا في دخلها بسبب تراجع عمليات الشراء داخل التطبيقات لحياة إضافية للشخصيات الافتراضية لإطالة وقت اللعب، أو الملابس الافتراضية، أو العملات المستخدمة داخل اللعبة بنسبة تراوح بين 15 و20 في المائة، وفقا لثلاثة من كبار العاملين في الصناعة.
يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه صناعة الألعاب كلها تباطؤا هذا العام، بعد زيادة الطلب والأرباح خلال فترة الجائحة، إلى جانب المشكلات في سلاسل الإمداد التي أعاقت بدورها مبيعات أحدث أجهزة بلايستيشن 5.
عندما أعلن المسؤولون التنفيذيون في شركة تيك تو إنترآكتيف - المسؤولة عن نشر لعبة جراند ثفت أوتو التي أكملت استحواذها على شركة زينجا لألعاب الهاتف الجوال بقيمة 12.7 مليار دولار في أيار (مايو) - عن أحدث أرباحها ربع السنوية في تشرين الثاني (نوفمبر)، ألقوا باللوم على "الظروف الحالية للاقتصاد الكلي" التي وضعت عمليات الشراء داخل التطبيقات "تحت الضغط"، حيث تعاني ألعاب الهاتف الجوال أكثر من نظيراتها على الأجهزة المخصصة لها.
في حين أثبتت ألعاب الفيديو قدرتها على الصمود خلال فترات الركود السابقة، إلا أن الانكماش الحالي هو الأول من نوعه الذي أصبحت فيه ألعاب الهاتف الجوال المجانية صاحبة مصدر الدخل المهيمن على الصناعة.
جعل هذا بعض المديرين التنفيذيين يتساءلون عما إذا كان المستهلكون الذين يعانون ضائقة مالية سيستمرون في الاستثمار في لعبتهم المفضلة بينما يوجد كثير من الألعاب المجانية.
قال سونر أيديمير، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة دريم جيمز، التي أصبح تطبيقها رويال ماتش أحد التطبيقات القليلة الجديدة الناجحة هذا العام، "يعد هذا شكلا من أشكال الترفيه ميسورة التكلفة". حيث يقضي اللاعبون عادة نحو 40 إلى 50 دقيقة من وقتهم على لعبة رويال ماتش كل يوم. قال، "وكأن هذا مسلسل تلفزيوني".
كان تراجع الألعاب قد أصاب بالفعل الاقتصاد الرقمي بالمجمل. أصبحت الألعاب واحدة من أكبر مصادر الدخل لمنصات الإعلانات الرقمية ومتاجر تطبيقات أجهزة الهاتف الجوال ، حيث تمثل عشرات المليارات من الدولارات التي تنفق على التسويق وعمولات المبيعات.
أشارت "ميتا"، الشركة الأم لفيسبوك، و"أبل" و"جوجل" إلى التباطؤ في الألعاب باعتباره عائقا أمام أحدث نتائجها ربع السنوية، عندما تسبب كثير من شركات التكنولوجيا الكبرى بالخيبة لـ"وول ستريت".
اضطرت بعض شركات ألعاب الهاتف الجوال التي حققت استفادة قصوى خلال الجائحة إلى إجراء تغييرات جذرية هذا العام من أجل التكيف مع ظروف الاقتصاد الكلي.
أصبحت شركة فودو، ومقرها فرنسا، واحدة من أكبر منتجي الألعاب على متجر أب ستور، حيث تم قياس ذلك من خلال عدد التحميلات للألعاب، حيث اتخذت الألعاب مثل "هيليكس جامب" و"هول دوت أي أوه" اتجاه ألعاب "هايبركاجوال" - وهي ألعاب خفيفة تتميز بالتشويق ومدة لعب قصيرة - التي شهدت تطورا سريعا، ولا يسهل التغلب عليها كما تغذيها الإعلانات ذات الكلفة المنخفضة.
لكن ارتفاع تكاليف الإعلان بنسبة تراوح بين 15 و20 في المائة زاد من تكلفة الاستحواذ على الشركات الجديدة وجعل إطلاق الألعاب الجديدة أكثر صعوبة.
قال أليكس يزدي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فودو، "اضطررنا إلى تغيير استراتيجيتنا بالكامل إلى تقليل عدد الألعاب الموجهة لأعداد كبيرة من الجمهور، والألعاب العرضية والأكثر تقليدية"، هذا يعني نشر عدد أقل من الألعاب ذات تكلفة إنتاجية أعلى التي تكسب ولاء أكبر من اللاعبين.
ديمتري بوخمان، المؤسس المشارك لشركة بلايريكس التي ابتكرت لعبتي "جاردن سكيب" و"هوم سكيب" وتعد الآن أكبر شركات تطوير ألعاب الهاتف الجوال في أوروبا، يعتقد أن "الفترة المجنونة" لتمويل الشركات الناشئة في العام الماضي، خاصة في التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، أدت إلى الإسراف في التسويق الذي قام بزيادة تسعير شركات الألعاب.
يعتقد بوخمان أيضا أن الاتجاه آخذ في التراجع وأن التراجع الذي حدث هذا العام ليس سيئا كما يبدو، وذلك بعد تعويض عوامل مثل أسعار الصرف والتضخم وصعوبة الوصول إلى السوق الروسية بالنسبة إلى معظم الشركات الأجنبية.
لكنه يرى مشكلة أكبر في المستقبل، وهي أن صناعة ألعاب الهاتف الجوال آخذة في النضج وأنها قد تصل إلى مرحلة التشبع. قال إن بعض الألعاب الراسخة ذات المستخدمين المخلصين تهيمن بشكل متزايد على السوق. قال، "لقد تباطأت وتيرة الابتكار".
بينما يفضل آخرون في صناعة التطبيقات تفسيرا أبسط وقصير المدى لمشكلاتهم، وهي القيود الجديدة التي وضعتها "أبل" على الإعلانات المستهدفة. العام الماضي، طالب تحديث نظام التشغيل لجهاز الآيفون من المطورين الحصول على موافقة المستخدمين على تتبعهم - وهي سياسة تعرف باسم شفافية تتبع التطبيقات، أو أيه تي تي - التي أفضت إلى عدم موافقة معظم المستخدمين عليها.
أدى هذا التغيير إلى القضاء على مليارات الدولارات من عائدات الإعلانات لشركات مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"سناب" و"يوتيوب" العام الماضي، وما زالت صناعة الألعاب حتى الآن تتعامل مع التداعيات. كثير من شركات تطوير الألعاب لم تعد قادرة على الازدهار من خلال مقدرتها السابقة على استهداف اللاعبين الذين كان من المحتمل أن ينفقوا مبالغ كبيرة في ألعابهم بناء على سلوكهم.
قال أليكسيز بونتي، رئيس العمليات في مجموعة ستيلفرونت لتطوير الألعاب عبر الإنترنت ومقرها السويد، "ما تمت خسارته من أموال التسويق المفيدة التي يمكنك استثمارها لم يمكن استردادها عبر القنوات الأخرى. الألعاب التي تعاني هي التي لا تتمتع بملكية فكرية قوية التي كانت تعتمد على تسويق الأداء".
كما يبدو أن المستفيد الأكبر من التغيير الذي تمر به ألعاب الهاتف الجوال هي لعبة الألغاز التي انتشرت قبل عشرة أعوام، وظلت صاحبة أعلى امتياز للألعاب في متاجر التطبيقات الأمريكية على مدى 21 ربعا سنويا على التوالي. قامت "أكتيفجن بليزارد"، التي تملك لعبة كاندي كراش، بمخالفة اتجاه الصناعة بزيادة 20 في المائة في حجوزات شبكة الهاتف الجوال في الربع الثالث.
قال تود جرين، المدير العام في "كاندي كراش"، "عندما تصدر الآلاف من الألعاب يوميا، فإن امتلاك علامة تجارية قوية وموثوقة يصبح دائما أمرا ذا قيمة كبيرة بالنسبة إلينا"، على الرغم من أنه قال إن الفريق قام بكثير من "العمل المتقن بجميع التفاصيل لعدة أعوام" لتحسين طريقة اللعب والاحتفاظ بالمستخدمين.
قال جرين إنه "متفائل للغاية" بشأن مستقبل ألعاب الهاتف الجوال، مضيفا أن هناك كثيرا من الأسواق في العالم يتوقع أن ينمو انتشار الهواتف الذكية فيها بشكل كبير.
في حين أن كثيرين يشاركونه هذا الأمل على المدى الطويل، إلا أن قليلا منهم في الصناعة يتفقون على موعد لهذا التعافي.
قال شتراوس زيلنيك، الرئيس التنفيذي لشركة تيك تو، إنه يتوقع أن تمضي "ثلاثة أو ستة أشهر أخرى من الضغط الهبوطي". قال، "أتوقع أننا سنكون في حال جيدة بحلول نهاية 2023".
لكن روبرت أنتوكول، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة بلايتيكا، يعتقد أن الركود قد يستمر لمدة 18 شهرا. قالت شركة بلايتيكا هذا الأسبوع إنها ستخفض عدد الموظفين نحو 600 موظف - ما يمثل 15 في المائة من موظفيها.
قال بوخمان من بلايريكس، "كما ترون فإن السوق لا يمكن التنبؤ بها. من الصعب أن نقول ما سيجري العام المقبل بدقة. كلنا أمل بأن ننمو".

الأكثر قراءة