جون راي الثالث .. الإطفائي المجند لإخماد حريق "إف تي إكس"

جون راي الثالث .. الإطفائي المجند لإخماد حريق "إف تي إكس"

بنى جون راي الثالث مسيرة مهنية استمرت 40 عاما في التعامل مع الشركات التي واجهت إفلاسا مذهلا، من "إنرون" إلى "نورتل نيتوركس". لكن بصفته رئيس "إف تي إكس" الجديد، ربما يواجه أصعب مهمة له حتى الآن.
تولى راي إدارة بورصة العملات المتعثرة في الساعة الرابعة والنصف صباحا في 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما تنازل المؤسس سام بانكمان-فرايد عن منصبه وسط تهافت على سحب ودائع بمليارات الدولارات.
منذئذ، يعمل راي ليلا ونهارا لاستعادة النظام أمام عاصفة نارية عالمية أدت إلى اعتقال بانكمان-فرايد وسجنه بتهمة الاحتيال، إذ يتساءل أكثر من مليون عميل لشركة تعاني عجزا يبلغ ثمانية مليارات دولار في الميزانية العمومية عما إذا كانوا سيستعيدون مدخراتهم.
قال جيمس بروملي، محامي "إف تي إكس" في شركة سوليفان آند كرومويل، "فكر في أن جون راي يسير على درب ريد أدير"، في إشارة إلى رجل الإطفاء الشهير الذي دار العالم لإخماد حرائق آبار النفط.
راي، مواطن من ولاية ماساتشوستس، تدرب محاميا وترقى إلى منصب المستشار العام في شركة الملابس فروت أوف ذا لوم بحلول التسعينيات. عندما انهارت الشركة في 1999، تلقى دورة مكثفة عن كيفية لملمة شتات شركة مفلسة.
ثم بدأ شركته الاستشارية المتخصصة في حالات الإفلاس الفوضوية، ونجح في قضايا شركات رفيعة المستوى مثل "نورتل نتوورك" و"أوفر سيز شيب هولدنج جروب" و"ريزيدنشال كابيتال". لكنه أبرز اسمه في قضية "إنرون" منتصف 2000 بصفته تكتيكيا ومهاجما يسعى إلى استرداد أموال مطالبي المجموعة الاحتيالية.
لا يستلزم تولي منصب الرئيس التنفيذي في "إف تي إكس" فهما متقنا للتمويل والمحاسبة والقانون فحسب، بل يستلزم أيضا القدرة على إصدار قرارات يومية يمكن أن تجلب الهدوء وسط الضوضاء. بعدها، يمكن الشروع في المهام الأساسية بتحديد الأصول التي يمكن تخصيصها وتقييمها ثم توزيعها في النهاية على ضحايا "إف تي إكس".
التناقض صارخ بين راي الذي يرتدي البدل، البالغ من العمر 63 عاما، وسلفه في "إف تي إكس" المعروف بقمصانه (...) وشعره المجعد.
تجنب راي بحرص أي آراء عامة موجهة نحو بانكمان-فرايد، واختار كلماته بعناية. على عكس بانكمان-فرايد، فقد عبر في الأغلب عن أفكاره العامة في الملفات القانونية أو عن طريق محامي "إف تي إكس" الذين يتحدثون في المحكمة.
مع ذلك، فقد كان قاسيا في وصفه "إف تي إكس".
في شهادته أمام الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي، قال راي إنه على الرغم من مسيرته المهنية التي قضاها في معالجة "إخفاقات الشركات الكبيرة والشائكة المتورطة في مزاعم نشاط إجرامي"، فإنه لم ير أبدا مثل هذا الفشل الذريع لضوابط الشركات على كل مستوى من مستويات المنظمة، بدءا من عدم وجود بيانات مالية إلى فشل كامل في الضوابط الداخلية أو الحوكمة".
من بين النتائج التي توصل إليها، لم يستطع راي، الذي كان يعمل في الأغلب من نيويورك، حتى تحديد مقدار النقد الذي بحوزة "إف تي إكس"، كما وجد أن مبلغا من عملة "إف تي إكس" المشفرة قد فقد.
سعى راي إلى تنظيم عرض المعلومات التي تمكن من جمعها ومراجعتها بطريقة منهجية. أوضح للقاضي أن العمليات المتوسعة والمتشابكة فيما بين 100 شركة تابعة لـ"إف تي إكس" تقدمت بطلب للإفلاس في محكمة فيدرالية في ولاية ديلاوير، يمكن اختصارها في أربعة أجزاء منفصلة. أخبر الكونجرس أنه يسعى وراء خمسة أهداف واضحة في عمله.
يتذكر بروملي، الذي وظف راي، مقابلته قبل أعوام أثناء تصفية "إنرون"، شركة الطاقة سيئة السمعة في تكساس. كان راي، بصفته رئيس الطوارئ في "إنرون"، قد خاض معركة قضائية محتدمة مع نظراء "إنرون"، من ضمنهم عميل بروملي، بنك ليمان براذرز.
يعتقد دائنو "إنرون" أن البنوك الكبيرة في وول ستريت كانت العوامل المساعدة الرئيسة لوجود شركات وهمية تابعة لـ"إنرون" سهلت من عملية احتيالها. كان هناك أمل ضئيل في إمكانية عمل الكثير لاسترداد الأموال في البداية. لكن في النهاية، تمكن راي من اللجوء إلى التقاضي على أنه وسيلة لكسب المليارات في تسويات إجمالية مع أمثال "سيتي جروب" و"ليمان براذرز".
كان الجدل في "إف تي إكس" محدودا لكنه مهم. تسعى الشركة إلى الحفاظ على سرية أسماء أصحاب حساباتها، دائنوها الرئيسون. أثار هذا غضب مكتب الأمناء الأمريكي، الذي يقول إن هذه الخطوة تنتهك مبدأ الشفافية في إجراءات الفصل 11.
بدأت معركة قضائية بين راي وجزر البهاما بالفعل، حيث حدد بانكمان-فرايد مركز قيادة "إف تي إكس". استولى ثلاثة من المصفين المحليين، الذين يقولون إن أصول "إف تي إكس" الكبيرة لا تزال داخل وحدة جزر البهاما، على "إف تي إكس ديجتال"، شركة تابعة غير مدرجة في قضية الإفلاس الأمريكية.
اتهم راي السلطات في جزر البهاما بسحب العملة المشفرة من "إف تي إكس" بالتواطؤ مع بانكمان-فرايد في الأيام القريبة من طلب الإفلاس.
انتقد كل جانب تصرفات الطرف الآخر بشدة. رفضت سلطات جزر البهاما مزاعم راي التي قالت إنها "لا تبدو مبينة على الحقائق، بل يبدو أنها تهدف فقط إلى تصدر عناوين الصحف وتقديم أجندات مشكوك فيها".
لمهاراته في إطفاء حرائق الاضطرابات، تدفع "إف تي إكس" لراي من 1300 دولار في الساعة - حتى لو تطلب ذلك الاستيقاظ قبل الفجر.

الأكثر قراءة