لماذا نقتل أنفسنا بالرياضة

من المتعارف عليه أن ممارسة الرياضة تكون إما لتقوية الجسم والمحافظة عليه وإما للمتعة والترفيه، هذا علـى المستوى الشخصي، أما محليا ودوليا فلها أهداف أسمى، لكن ماذا لو تسببت هذه الرياضة بكل ما تحمله من ميزات في أذيتك، بدل إمتاعك، وإخراجك من الحياة، بدل إخراجك من حالة نفسية معينة؟!
هذا قد يدفعك إلى التساؤل، ما الذي يدفع شخصا إلى القفز من الجبال الشاهقة إلى المجهول معلقا بخيط رفيع قد ينقطع ويهوي به في واد سحيق، وما الذي يجعل شخصا آخر يقفز من طائرة، الحد الفاصل بينه وبين الحياة أو الموت فتحة مظلة؟ ما الغاية من ركوبه الأمواج وقد ينتهي به الحال بين فكي قرش، ما الذي يدفع هؤلاء المغامرين إلى ممارسة رياضات قد تكلفهم حياتهم أو تعرضهم إلى إصابات خطيرة؟!
كل الرياضات المذكورة آنفا وغيرها من الرياضات مثل القيادة بسرعات عالية والتزلج على الجليد وركوب الدراجات الجبلية، تنتمي إلـى ما يسمى بـ"الرياضات الخطرة"، وهي رياضات مثيرة وغير تقليدية، تجمع بين المهارة والمخاطرة، فيرتفع بسببها مستوى الأدرينالين في الدم. يقال إن هذا المصطلح ظهر في السبعينيات بسبب ازدياد شعبية رياضة تسلق الجبال وغيرها من الرياضات الخطرة، والبعض يعتقد أنها ظهرت على السطح كرد فعل لارتفاع مستوى الأمان في الحياة الحديثة، بسبب التقدم فكان لا بد من البحث عن الإثارة ولذة المغامرة!
وفي دراسة نشرت في 2017 وجدوا أن من أهم الدوافع النفسية التي تحفز الرياضيين على المغامرة بحياتهم وممارسة تلك الرياضات المتطرفة، هو صعوبتها، فهي توجد رغبة ملحة في النجاح بعد عدة محاولات فاشلة، كما أن متعتها تتجاوز ارتباطها برفع مستوى الأدرينالين في الدم، إلـى شعور ممارسي الرياضات الخطرة بحالة من السمو، فتنتعش حواسهم وتصل بهم إلى أعلى درجات الانسجام بين عقولهم وأجسادهم!
كما حاولوا تفسيرها بعدة نظريات منها "النظرية العكسية" التي تفترض أن الإنسان لديه نقطة تسمى الاستتباب، لا يكون فيها الإنسان سعيدا أو حزينا، وعند شعوره بألم شديد يختل التوازن ويتحول الألم إلى سعادة غامرة.
أما نظرية التدفق وهي حالة من السعادة ينسى فيها الإنسان نفسه ويتماها مع ما يفعله عندما تتوافق مهاراته العالية مع التحديات التي يخوضها.
إن ممارستها ليست نوعا من الجنون، بل انسجام تام مع الطبيعة في أقسى حالاتها. وحالة من حالات التجلي والسمو تنسى كل من حولك وتبقى أنت وهي!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي