العودة إلى معدلات الحد من الفقر لا تكفي «2 من 2»
وصلت نسبة الفقراء المدقعين في العالم في إفريقيا جنوب الصحراء إلى 60 في المائة في عام 2019 - أي 389 مليون شخص من بين 648 مليونا على مستوى العالم. ويزيد ذلك ست مرات عن نصيب المنطقة في عام 1990 - حيث لم تشكل المنطقة سوى 13 في المائة من العدد الإجمالي.
للاتجاهات الإقليمية تداعيات مهمة لقدرتنا على بلوغ أول هدف للتنمية المستدامة الذي يتمثل في القضاء على الفقر في العالم بحلول عام 2030 أو هدف مجموعة البنك الدولي المتمثل في تخفيض نسبة الفقر المدقع في العالم إلى أقل من 3 في المائة بحلول عام 2030. وتستخدم التقديرات لما بعد عام 2019 بيانات مأخوذة من مالر (r) ويونزان (r) ولاكنر (2022) لعام 2020 وتوقعات النمو من تقارير الآفاق الاقتصادية العالمية للأعوام 2021 - 2024 كما هو مبين هنا. وفيما بعد عام 2024، من المتوقع أن يتم استخدام متوسط النمو المسجل سنويا لكل بلد في الفترة من 2010 إلى 2019 للتنبؤ بمعدلات الفقر (لمزيد من التفاصيل، انظر تقرير الفقر والرخاء المشترك لعام 2022).
وتشير تقديراتنا إلى أن معدل الفقر سينخفض إلى أقل من 3 في المائة من السكان في معظم المناطق بحلول عام 2030، وذلك على الرغم من عدم كفاية البيانات التي تجعل التوقعات غير مؤكدة بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولكن لبلوغ هذا الهدف في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، سيتعين على كل بلد من بلدانها أن ينمو بنحو ثمانية أمثال متوسط معدلات النمو السنوية التي تحققت فيما بين عامي 2010 و2019.
وفي سيناريو أكثر واقعية، نتوقع أن يظل 30 في المائة من السكان في إفريقيا جنوب الصحراء في فقر مدقع في عام 2030. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى اقتراب معدل الفقر المدقع في العالم من 7 في المائة في عام 2030، أي أكثر من ضعف هدف مجموعة البنك الدولي البالغ 3 في المائة.
تعد الصلة القوية بين الفقر المدقع والوضع الهش والمتأثر بالصراعات في أي بلد أحد أسباب ارتفاع مستويات الفقر في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. ولا يعيش سوى 10 في المائة من سكان العالم في مناطق هشة ومتأثرة بالصراعات، ومع ذلك فإن بلدانها تضم 40 في المائة من السكان ممن يعيشون في فقر مدقع.
ووفقا لبيانات عام 2019، فإن من بين البلدان الإفريقية الـ 46 التي لديها بيانات متاحة لرصد أوضاع الفقر في العالم، يوجد 19 بلدا تعاني أوضاع الهشاشة والصراع والعنف. وتشمل هذه البلدان البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في المنطقة وهي نيجيريا التي لم تشهد تقدما يذكر في الحد من الفقر على مدى العقد السابق على الجائحة، كما تشمل أيضا ثاني أفقر بلد في المنطقة، وهي الكونغو الديمقراطية، حيث كان أكثر من نصف سكانها يعيشون في فقر مدقع في عام 2019.
كما أسهمت أوضاع الهشاشة أيضا في زيادة رقعة الفقر في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولا تزال معدلات الفقر المدقع منخفضة نسبيا هناك، لكنها المنطقة الوحيدة التي تشهد ارتفاعا في مستويات الفقر منذ عام 2014، ويعزى ذلك في معظمه إلى الوضع السائد في الاقتصادات الهشة والمتأثرة بالصراعات. وتظهر أحدث البيانات الخاصة بالمنطقة أن معدل الفقر المدقع بلغ 7.5 في المائة، أي أعلى بثلاثة أمثال مما كان عليه في عام 2014. غير أن التقديرات الخاصة بالمنطقة تشوبها درجة كبيرة من عدم اليقين. وبسبب نقص بيانات المسوح الاستقصائية الحديثة لبعض البلدان، انخفضت تغطية البيانات في المنطقة إلى أقل من 50 في المائة في عام 2019، ما حال دون نشر تقديرات الفقر الخاصة بها. وترجع أحدث البيانات المستخدمة إلى عام 2018.
ونظرا إلى أننا نمر بأوقات تشهد تفاوتا في مستوى التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا والأزمات الأخرى، ستكون البيانات الدقيقة ومحكمة التوقيت لقياس التقدم المحرز في الحد من الفقر المدقع أمرا بالغ الأهمية. وبالنسبة إلى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، فقد حدث تحسن ملموس في إتاحة البيانات في عدد من بلدانها، ولا سيما في غرب إفريقيا. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوات كبيرة في إتاحة البيانات في مناطق أخرى، مثل شرق إفريقيا والجنوب الإفريقي. ونظرا إلى تزايد تركز الفقر في البلدان المتأثرة بالصراعات والهشاشة، الأمر الذي يجعل استخدام الأساليب التقليدية لجمع البيانات أكثر صعوبة، فمن المحتمل أن تؤثر هذه القضية في رصد أوضاع الفقر في العالم طوال هذا العقد.