المتاجر الإلكترونية تتجرع ألم إتمام الشراء

المتاجر الإلكترونية تتجرع ألم إتمام الشراء

أرسلت لي "تارجت"، شركة التجزئة الأمريكية، أخيرا بريدا إلكترونيا حزينا إلى حد ما، "عد وأتم الشراء"، مع العبارة الترويجية "بين يديك قريبا" على صورة مصباح طاولة كنت قد نظرت إليه قبل أيام.
وصلت محاولة إقناعي بشرائه وسط سيل من رسائل البريد الإلكتروني "المخصصة" الأخرى من مواقع الويب التي زرتها سابقا. بعضها تروج لخصومات، في حين وعدت رسائل أخرى بتسهيل تجربة التسوق في موسم العطلات مع تشكيلات مختارة.
يصف سيل الرسائل اليأس المتزايد للشركات التي تضررت من توقف نمو مبيعات متاجر الإنترنت بعد إعادة فتح معظم الاقتصادات الآن عقب إغلاق الجائحة. بعد أن شهدت مشتريات الإنترنت ارتفاعا مفاجئا من 11 إلى 16 في المائة في جميع مبيعات التجزئة الأمريكية في ذروة الجائحة، استقرت الآن دون 15 في المائة. عاد الإنفاق على السفر إلى مستويات 2019 لكن النمو اعتدل.
يمكن للشركات التي تتطلع إلى زيادة الإيرادات إما جذب زوار أكثر إلى مواقعها الإلكترونية، وإما إقناع مزيد منهم بالبقاء والشراء. الخيار الأول لا يبدو رائعا. زادت ضوابط الخصوصية الأكثر صرامة، خاصة على أجهزة "أبل" الذكية، من صعوبة استهداف العملاء بإعلانات الإنترنت. ليس ذلك فحسب، بل اضطرت شركات استهلاكية كثيرة، التي تعاني ميزانيات محدودة جدا، إلى الاقتصاد في أموال الإعلانات على الإنترنت، مع تباطؤ مبيعات "جوجل" و"سناب"، وغيرها.
علاوة على ذلك، يشير ارتفاع تكاليف الطاقة والإسكان إلى أن تسوق المستهلكين في كثير من الأسواق أصبح أقل احتمالا أصلا. أجرت شركة أي وأي مسحا على 21 ألف شخص في 27 دولة هذا الخريف ووجدت أن ثلثيهم وصفوا أنفسهم بأنهم أكثر "وعيا وحذرا" بشأن إنفاقهم. كما قال ما يقارب 40 في المائة إنهم يخططون لشراء كميات أقل من الطعام وعدد أقل من المنتجات المادية للكريسماس.
يساعد ذلك على تفسير سبب انخفاض إجمالي مشاهدات الصفحات في 250 موقعا لعلامات تجارية عالمية للبيع بالتجزئة، تتبعتها شركة كيبو، أكثر من 7 في المائة على أساس سنوي. أما في قارة أوروبا، فالانخفاض ضعف ذلك.
لن يكون تحسين تجربة المستهلك أمرا سهلا أيضا. معظم زوار الموقع لا يشترون شيئا، فقط 2.6 في المائة من الزيارات "تحولت" إلى عملية شراء في الربع الثاني من 2022. اتجهت بعض الشركات إلى عرض خصومات كبيرة. انخفضت أسعار منتجات المتاجر الإلكترونية في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي في تشرين الثاني (نوفمبر)، وانخفضت الآن إلى 1.9 في المائة على أساس سنوي، وفقا لشركة أدوبي. بفضل مبيعات الجمعة السوداء، أدى انخفاض أسعار الإلكترونيات وأجهزة الحاسوب إلى تعويض ارتفاع تكاليف منتجات البقالة ومنتجات الحيوانات الأليفة وأكثر.
لكن تلك الاستراتيجية لها آثار في هوامش الربح. من المرجح أن تأتي المكاسب الدائمة من تحسين تجربة التسوق على الإنترنت. حققت سلسة هيلتون نجاحا حسنا بوضع رموز في أعلى موقعها تتيح للعملاء البحث بسرعة عن خيارات مثل الفنادق المناسبة للحيوانات الأليفة أو الغرف المتصلة.
نحو 30 في المائة من العملاء الذين ينقرون على "محطة شحن السيارات الكهربائية" ينتهي بهم الأمر بحجز غرفة، ما يعادل ستة أضعاف معيار صناعة السفر. المقبل في 2023، تخصيص هذه الرموز للعملاء المتكررين. "عندما تبحث عن شيء معقد مثل غرفة فندق، نريد التأكد من أنه سهل قدر الإمكان"، كما يقول مايك جاثرايت من سلسلة الفنادق.
لكن توجيه العميل إلى المنتج الصحيح لا يعني إتمام الشراء. إذا كانت عملية الشراء تحتوي على عدد كبير جدا من الخيارات ونماذج كثيرة جدا تجب تعبئتها، فسيختفي العملاء المتقلبون قبل الضغط على زر الشراء. كان أحد الأسباب الكثيرة التي جعلت من "أمازون" شركة رائدة في التجارة الإلكترونية في العقد الأول من الألفية الثالثة هو خيار الشراء "بنقرة واحدة"، الذي كان تحت حماية براءات الاختراع حتى 2017.
الآن أصبح يتمتع آخرون بمساحة أوسع للابتكار. توفر شركة شوبيفاي خيار دفع سهل للشركات التي تستخدم برامجها لتشغيل مواقعها الإلكترونية. بدأ سعر سهمها، الذي انخفض بعد إعادة فتح الاقتصاد، في التعافي قليلا.
تستخدم شركة روكت التعلم الآلي لتخصيص عملية البيع بطرائق تعزز إيرادات التاجر. بصورة أساسية، هي تساعد المواقع على تخصيص ما تعرضه عند مرحلة الشراء. لن يطلب من العميل المنتظم بشكل متكرر التسجيل لتتبع الشحنة أو الاشتراك في رسائل البريد الإلكتروني التسويقية. أما الذي يستخدم السيارات المستأجرة في الأغلب فسيرى خيارا لاستئجار سيارات عند شراء تذكرة طيران.
"ما تفعله منظمات كثيرة هو أن تظهر لك كل ما تعرضه في كل مرة لأنها تريد منك إضافة منتج واحد آخر فقط إلى عربة التسوق"، كما تقول إليزابيث بوكانان، كبيرة المسؤولين التجاريين. "نحن نبذل كل جهود أعمالنا في البحث والتطوير للتأكد من أنه لا يبدو كأنه إعلان تافه."
حتى الآن، تجنبت "روكت" الانخفاض الأكبر في تقييمات التجارة الإلكترونية: فقد جمعت الأموال من صفقة ثانوية الأسبوع الماضي رفعت تقييمها إلى 2.4 مليار دولار، ارتفاعا من 1.95 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
عندما عدت إلى موقع "تارجت" للبحث عن المصباح، لم يفتح الرابط. لكن في موقع آخر، سرعت من عملية حجز رحلة طيران وفندق لأقضي عطلة التزلج في كانون الثاني (يناير). هل كنت أنا السريعة أم المواقع؟

الأكثر قراءة