تجارب الطلاب .. مفهوم جديد نحو تعليم عال مميز

لقد أصبح مفهوم تجارب العملاء إحدى الركائز المهمة في حياة المنظمات، ولها دور بارز في صياغة الاستراتيجية الرقمية الحديثة.

وفي صناعات متعددة، هناك معان ومفاهيم جديدة في تجارب العملاء لكن تظل أصول النقاط ثابتة مثل بناء جسور الثقة والتواصل مع العملاء وكسب ثقتهم وولائهم.

ولقد أضحت صناعة التعليم من الصناعات التي تؤرق بال الدول والحكومات وتشغل أفكارهم، لأن التعليم هو أساس المجتمع ونموه، ويتألف قطاع التعليم من منظمات ومؤسسات هدفها الأساس هو توفير التعليم، ويمكن أن تكون منظمات حكومية أو غير ربحية أو هادفة للربح، وتشمل المدارس الابتدائية والثانوية وكليات المجتمع والجامعات والوزارة وإدارات التعليم.

ولكي تتميز المدرسة أو الجامعة في أهدافها ومراميها التعليمية، فهي تستهدف العملاء لها وهم الطلاب والأساتذة. دعونا نتحدث عن مفهوم جديد في تجارب العملاء وقد دخل أخيرا في صناعة التعليم العالي.
إن تجربة الطلاب Students Experience مفهوم يهدف إلى تميز التعليم العالي، وتشمل تجربة الطالب عديدا من الجوانب المختلفة للحياة الطلابية الأكاديمية والفكرية.

وفي الأغلب ما تستخدم الجامعات والكليات هذه العبارة لضمان معرفة الطلاب المحتملين بالشكل الذي يمكن أن تبدو عليه تجربة الطلاب الخاصة بهم إذا اختاروا الدراسة هناك، وقد يعتمد بعض الطلاب في اختيارهم الجامعي على تجربة الطلاب السابقين لهم في تلك الجامعة.
ويتزايد التنافس في صناعة التعليم العالي ويقوده الطلاب بالطبع، لكن تواجه مؤسسات التعليم العالي التحدي المتمثل في تعزيز تجربة الطلاب ودعم مشاركتهم وقياس رضاهم. على سبيل المثال، تسجل جامعات المملكة المتحدة كل عام أكثر من مليوني طالب يدرسون ما يقرب من 1200 مادة مختلفة.

ومنذ زيادة الرسوم الدراسية، دفع الطلب على قيمة أكبر للطلاب مقابل رسوم التعليم العالي لتصميم خدمات أفضل.
ولقد كان رضا الطلاب في جامعات المملكة المتحدة منخفضا في العموم وفقا لنتائج الاستطلاع الوطني الذي ملأه طلاب الجامعات في 2020.

وعلى الرغم من أن العامين الماضيين كانا مختلفين بالنسبة إلى الجامعات والطلاب، بسبب جائحة كورونا التي أوجدت ضبابية في التعلم عن بعد في بداية الأمر، كان من المهم الحفاظ على تجربة طلابية منظمة وفاعلة.

ونتساءل بدورنا عن مدى رضا طلابنا عن جامعاتهم السعودية؟ وكيف كانت رحلة الطالب؟ وهل بالإمكان تحسين تجربة الطلاب لكي تكون مجدية وماتعة؟ إن كانت الجامعة ربحية، يكون الهدف من إقرار تجربة الطالب والبحث عنها هو للحصول على أكبر قدر ممكن من الطلاب المتميزين، وبالطبع سيكون هذا جاذبا لأساتذة جيدين.

وإن كانت الجامعة غير ربحية، يكفي قدر من الولاء للجامعة واستجابة الطلبات في إقامة تدريب صيفي أو تبرع سخي أو كرسي بحثي وغير ذلك.

ويأتي السؤال في كيفية تحسين تجربة الطلاب في الجامعات السعودية.
يجب أن تهتم الجامعات السعودية في تقديم الفصول الافتراضية بحيث تكون سهلة الاستخدام، وأن تحتوي على كامل الدعم الذي يحتاج إليه الطالب.

ويجب أن تقوم الجامعة على إنشاء واستخدام مجموعة متنوعة من وسائل وطرق التعلم، مثل الفيديو والبودكاست، وكذلك استخدام مشاريع وأنشطة جماعية تعاونية.
إن الانتقال إلى بيئة هجينة سيوجد تجربة صحية للطلاب، ولعل مبادرة "التعلم الرقمي الملهم" ضرورة ملحة هدفها تقديم عروض وفرص تعليمية فريدة لجميع الطلاب، نحو توفير تجارب تعليمية مرنة وسهلة الوصول وتحقيق التكامل السلس للتقنية في التعلم والتعليم.
وإن من الأهمية بمكان الاستفادة بشكل أكبر من منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز التواصل مع الطلاب مع ضرورة تقديم نماذج فاعلة وسريعة عبر الإنترنت، للحصول على التعليقات ومن ثم تنفيذها فعليا وإظهارها للعموم.

وعليه نأمل أن تنشئ الجامعة بما يسمى "صوت الطالب" وهو عبارة عن استطلاع فهم أفضل لخبرات تعلم الطلاب وإيجاد ثقافة التحسين المستمر.

ويشارك الطلاب أيضا في مجموعة من الاستطلاعات الخارجية بما في ذلك استطلاع مؤشرات جودة التعلم والتعليم، الذي يجمع ردود فعل الطلاب وآراءهم حول قطاع التعليم العالي ومخرجاته.

وكذلك تشمل أهمية المشاركة مع الخريجين بحيث تكون تفاعلية وسهلة الاستخدام، لأن هذا شأنه تعريف الطالب بمستقبله الوظيفي.
إن التعلم المتكامل في العمل يعد جزءا مهما من تجربة الطلاب حيث يربط المتعلمين في العالم الحقيقي بأصحاب العمل المستقبليين.

ولا يفوتنا أن تقوم الجامعة ببناء خريطة طريق أو استراتيجية تعليمية ومعايير أداء ويشرك فيها الطلاب لضمان فهمهم بمحتوى برامج التعليم وما هو متوقع منهم، من أجل شفافية أكبر في المحيط التعليمي.

كما أن على الجامعة أيضا أن تسعى إلى تقديم مجموعة من خدمات الدعم لضمان نجاح الطلاب في مسعاهم الأكاديمي وفي حياتهم المهنية.

على سبيل المثال، توفير الإسكان والتمويل والمنح الدراسية والصحة والسلامة والرفاهية والأنشطة الطلابية سواء الثقافية والاجتماعية والمسرح وغيرها، ما يمكن الطلاب من الحصول على تجارب واسعة وإيجابية.
وأخيرا لا نغفل أن المكتبة تعد الوجهة الحضارية للتعلم والبحث ويجب أن تقوم الجامعة على ترسيخ دور المكتبة في كيانها، لأنها تتيح بيئة تعليمية خصبة للعقول والأفكار، كما أنها توفر مجموعة كبيرة من الموارد وخدمات دعم الخبراء ومزيجا من أماكن الدراسة المختلفة لدعم الطلاب طوال فترة وجودهم في الجامعة.
في الختام، يهدف مفهوم تجارب الطلاب إلى تميز التعليم العالي في الجامعات وبالإمكان إعداده وقياسه وإدارته كما هو الحال مع تجارب العملاء.

وعلى الرغم أن رحلة الطالب تبدأ قبل انخراطه بالجامعة وتنتهي مع تخرجه، إلا أننا نرى أن رحلة الطالب لا تنتهي بغض النظر عن عام التخرج وستظل الجامعة البيت الثاني إذا حسنت رحلة الطالب.

إن الطالب الذي يعيش تجربة مميزة ورحلة سعيدة خلال تعليمه، سيحن إلى جامعته حتى بعد تخرجه بعشرات الأعوام.

ولعل الجامعات السعودية تأخذ هذا المفهوم في الحسبان وترفعه شعارا لها، بل تدفع به وزارة التعليم بما يخدم صناعة التعليم العالي بصورة حقيقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي