تراجع أجور القطاع العام في المملكة المتحدة غير منطقي
تواجه حكومة المملكة المتحدة "شتاء من الاستياء" في الخدمات العامة. استجابة لذلك، تصر على أنها لا تستطيع تحمل أجور أعلى وتسعى إلى تقييد حق الموظفين العموميين في الإضراب. قد ينجح ذلك سياسيا، لكنه غير منطقي من الناحية الاقتصادية. يجب تحديد أجور القطاع العام ضمن المستويات المطلوبة لجذب الموظفين المطلوبين وتشجيعهم. لا يغير ارتفاع التضخم هذا المنطق.
منذ فاز المحافظون بالسلطة في أيار (مايو) 2010، ارتفع متوسط الأجور الحقيقية العامة (بما في ذلك العلاوات) 5.5 في المائة في القطاع الخاص بحلول سبتمبر 2022، لكنها انخفضت 5.9 في المائة في القطاع العام. بشكل مذهل، انخفض متوسط الأجور الحقيقية في القطاع الخاص بين يناير 2021 وسبتمبر 2022 بنسبة 1.5 في المائة، لكن في القطاع العام انخفضت الأجور 7.7 في المائة. في الحقيقة، جميع الانخفاضات في الأجور الحقيقية للقطاع العام منذ 2010 كانت في العامين الأخيرين.
لم يكن ليحدث مثل هذا الانخفاض الكبير في الأجور الحقيقية للقطاع العام لولا التضخم المرتفع. لكن هل سيريد أي شخص أن يخفض الأجور الحقيقية في غياب ارتفاع في مستوى الأسعار؟ الجواب هو نعم. عانت المملكة المتحدة تدهورا كبيرا في "معدلات التبادل التجاري". بالتالي، ارتفعت أسعار وارداتها بحدة مقابل أسعار صادراتها. المملكة المتحدة أفقر مما كانت ستكون عليه لو لم ترتفع أسعار الطاقة قبل كل شيء. يجب أن يقع جزء من هذا التعديل في الدخل الحقيقي على الأجور. لذا، بعض الانخفاض في الإيرادات الحقيقية ليس مفاجئا ولا غير مناسب. جعل التضخم التنفيذ ممكنا فحسب.
حتى إن كان بعض الانخفاض في الإيرادات الحقيقية في الاقتصاد يبدو منطقيا، لم يجب أن يكون الانخفاض في القطاع العام أكبر من الانخفاض في القطاع الخاص؟
قد يجادل المرء بأن التحكم بأجور القطاع العام هو طريقة فاعلة لمنع دوامة الأجور والأسعار، أو بأن الحكومة لا تستطيع تحمل الدفع لموظفي القطاع العام بعد الآن، أو بأن التضخم هو فرصة لتقليل المستويات المرتفعة لأجور القطاع العام، خاصة عندما تؤخذ الامتيازات، لا سيما معاشات التقاعد السخية، في الاعتبار. لا مبرر لأي من هذه الحجج.
بالنسبة إلى أول حجة، يشير بين زارانكو من معهد الدراسات المالية، إلى أن "من الصعب رؤية كيف يسهم الارتفاع في أجور القطاع العام مباشرة في دوامة الأجور والأسعار"، بالنظر إلى نقص الأسعار في القطاع العام. كما يشير إلى أن المرء لا يستطيع أن يجادل أيضا بأن أجور القطاع العام تقود التضخم، حيث إنها متخلفة عن ذلك بكثير. فوق كل شيء، سياسة الأجور لن تخفض التضخم. هذا يتطلب إجراءات اقتصادية كلية.
الحجة الثانية هي قرار الحكومة بعدم زيادة الأجور بما يتماشى مع الأجور في القطاع الخاص لم يكن لأنها لا تستطيع تحمل ذلك. يمكن رفع الضرائب إذا كانت الإرادة موجودة. إنه في الواقع قرار سياسي لجعل موظفي القطاع العام يدفعون مقابل وعود الحكومة غير الممولة.
بالنسبة إلى الحجة الأخيرة، كما أشار معهد الدراسات المالية في ميزانيته الخضراء لشهر أكتوبر 2022، فإن متوسط الأجر في القطاع العام أعلى منه في القطاع الخاص، لكن هذه الميزة تختفي عندما تؤخذ خصائص العامل في الاعتبار -العمر والخبرة والمؤهلات وما إلى ذلك. إذن، يحصل عمال القطاع العام على أجور أقل قليلا من موظفي القطاع الخاص. في الواقع، أصبحت النسبة الآن غير مواتية لعمال القطاع العام أكثر مما كانت عليه في أي وقت خلال الـ30 عاما الماضية. ذلك صحيح، إذا أخذنا في الاعتبار مساهمات أصحاب العمل في المعاشات التقاعدية أيضا، فقد حصل موظفو القطاع العام على رواتب تزيد 6 في المائة على رواتب موظفي القطاع الخاص في المتوسط في 2021. لكن من المؤكد أن هذه الميزة البسيطة ستزداد تقلصا في 2022.
قبل كل شيء، إن مقياسا ما إذا كان الأجر مناسبا هو ما إذا كان يحافظ على الخدمات في المستويات التي وعدت بها الحكومة. من الواضح أن هناك نقصا كبيرا في الموظفين الرئيسين، فضلا عن مخاوف واسعة النطاق بشأن جودتهم. بالتالي، إن البيانات الواردة من نظام الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا "تظهر معدل شواغر 11.9 في المائة في 30 سبتمبر 2022 ضمن مجموعة طاقم التمريض المسجل (47496 وظيفة شاغرة). يمثل هذا زيادة على الفترة نفسها من العام السابق، عندما كان معدل الشواغر 10.5 في المائة (39931 وظيفة شاغرة)". مرة أخرى، تظهر البيانات نقصا كبيرا في توظيف المعلمين في مواد مثل الفيزياء أو التصميم والتكنولوجيا.
كما يجادل كريس كوك، يجب على الحكومة أن تسأل عما إذا كانت أجور القطاع العام في مستوى يدعم تقديم الخدمات المطلوبة. النسيج الاجتماعي للبلاد آخذ في التآكل. خصوصا يؤدي اعتلال الصحة إلى الإضرار بتوفير العمالة. إذا كانت الحكومة غير مستعدة لرفع الضرائب المطلوبة، فيجب أن تكون صريحة في ذلك. السماح للتضخم بتخفيض الأجور الحقيقية، مع توقع استمرار الخدمات، فضلا عن تحسينها، أمر غير موات بشكل واضح.
يجب على الحكومة أن تحافظ على الأجور بما يتماشى مع القطاع الخاص، لا سيما عندما يكون لديها مشكلات كبيرة في التوظيف والمحافظة على الموظفين. إذا كان هذا يعني أن عليها إعادة فتح خطط الإنفاق التي لم تعد منطقية بالنسبة للجنيهات المتدنية اليوم، فليكن. ما يحدث الآن قد يكون اقتصادا في قروش، لكنه إسراف في أموال طائلة.