الدروس المستفادة من صعود امرأة للرئاسة التنفيذية في اليابان
عندما تقدمت ماكيكو أونو في أوائل الثمانينيات لوظيفة في شركة سونتوري للمشروبات، كان ما شجعها هو المشهد غير المألوف حينها، المتمثل في تولي موظفات مسؤولية إجراء مقابلات التوظيف. لقد شعرت بأن لدى هذه شركة المقدرة على مساعدة المرأة أن تتقدم في حياتها المهنية.
بعد أربعة عقود، ثبت لأونو أنها كانت محقة عندما اختيرت لتكون أول رئيسة تنفيذية لوحدة المشروبات والأطعمة في "سونتوري" الأسبوع الماضي.
للوهلة الأولى، يبدو أن المرأة البالغة من العمر 62 عاما قد اجتازت مسارا وظيفيا يبدو مألوفا إلى حد كبير.
في كانون الثاني (يناير) من هذا العام، تم تعيينها في منصب كبيرة مسؤولي الاستدامة في شركة سونتوري هولدينجز، الذي غالبا ما يكون أعلى منصب ترتقيه الموظفات النساء في الشركات اليابانية، وهو توجه يصفه منتقدون بأنه ناتج عن عملية شكلية لتلبية متطلبات مديري الأصول لتحقيق التنوع بين الجنسين.
لكن في الواقع، أصبحت أونو، التي درست اللغة البرتغالية في الجامعة، جزءا من فريق عمليات الاندماج والاستحواذ التابع لـ"سونتروي" بعد فترة وجيزة من انضمامها إلى الشركة، وأصبحت أول موظفة يتم إرسالها إلى فرنسا في أوائل التسعينيات لإدارة مصنع كانت الشركة قد اشترته. بهذا اكتسبت خبرة واسعة في التسويق والموارد البشرية واتصالات الشركات قبل أن تصبح رئيسة شركة أورانجينا الفرنسية المصنعة للمشروبات الغازية خلال جائحة كوفيد - 19، التي استحوذت عليها "سونتوري" في 2009.
إن صعود أونو إلى أعلى منصب في الشركة هو مسألة جديرة بالملاحظة، لأن المديرات التنفيذيات ما زلن أقلية صغيرة في اليابان.
على الرغم من الجهود التي تقودها الحكومة من أجل تمكين المرأة في إطار برنامج ومينوميكس "اقتصاد المرأة" منذ 2013، ترأس النساء 8.2 في المائة فقط من 1.2 مليون شركة يابانية، وفقا لمسح أجرته شركة الأبحاث تيكوكو داتا بنك. كان أكثر من نصف هذا العدد يعود إلى نساء ورثن أعلى المناصب من شركات عائلاتهن.
الأهم من ذلك هو الطريقة التي حطمت أونو بها كل الحواجز، لأن ذلك يتضمن دروسا للشركات اليابانية الأخرى التي تكافح في سبيل رعاية مجموعات المواهب النسائية كي يشغلن مناصب إدارية عليا.
قال كي أوكامورا، مدير محفظة في طوكيو في شركة نيوبرجر بيرمان لإدارة الأصول الأمريكية، "إن الشركات في اليابان لا تزال تركز على تقديم الدعم للنساء مثل إجازات الأمومة السخية، لكنها تفتقر إلى برامج التوجيه لتطوير مهاراتهن بعد عودتهن إلى العمل".
لا يزال هناك اتجاه ثقافي لتقييم الموظفين بناء على عدد ساعات عملهم بدلا من ناتجهم الفعلي. هذا يعني أن النساء في الواقع يتم تخفيض رتبهن في بعض الشركات بعد عودتهن من إجازة الأمومة. بينما شجعت الحكومة على التحول نحو نظام قائم على الجدارة، فإن التركيز على ساعات العمل ما زال حاضرا بقوة، ولا سيما في الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم.
قال أوكامورا - الذي شارك أخيرا في كتابة رسالة مفتوحة مع رابطة حوكمة الشركات الآسيوية التي احتوت على مقترحات تسعى إلى مزيد من التنوع بين الجنسين في مجالس إدارة الشركات اليابانية المدرجة - "بمجرد عودة النساء إلى العمل، يجب أن نقدم لهن نماذج يتطلعن إليها، حتى يشعرن بأنهن يتمتعن بفرصة عادلة ليصبحن في مناصب عليا".
من جهتها، قالت أونو، وهي عازبة، "إنها استفادت من بيئة وعقلية الإدارة العليا لـ(سونتوري) التي سمحت لها بكل استقلالية بالتفكير في حياتها المهنية والتقدم فيها"، وهو مسار تدعي أونو أنه متاح ليس فقط للموظفات اللواتي لديهن أطفال، لكن للأخريات من خلفيات مختلفة.
"منذ انضمامي إلى شركة سونتوري، أتيحت لي فرص عديدة للتوسع في مسيرتي المهنية من خلال تجريب مجموعة متنوعة من الوظائف. آمل أن يرسل تعييني رسالة مفادها أن كل شخص لديه فرصة ليصبح الرئيس التنفيذي أو مديرا كبيرا"، كما قالت أونو في إحدى المقابلات.
عندما تتولى أونو منصب الرئيسة التنفيذية، الذي ينتظر موافقة المساهمين في آذار (مارس)، سيصبح أربعة من أعضاء مجلس إدارة "سونتوري بافاريج" - البالغ عددهم تسعة - من الإناث واثنان من غير اليابانيين. لا يزال هذا المجلس المتنوع نادرا في اليابان، لكن عددا متزايدا من شركات إدارة الأصول بما فيها شركة نيوبرجر بيرمان وشركات استشارية مثل "آي إس إس" و"جلاس لويس" كانت قد مارست ضغطا في الأعوام الأخيرة لكي تتخلى الشركات عن فكرة مجالس الإدارة اليابانية التي تضم الرجال فقط.
دعا فوميو كيشيدا رئيس الوزراء الحالي أيضا إلى الاستقلال الاقتصادي للمرأة، باعتباره أحد أعمدة برنامجه الاقتصادي، رغم أنه أقل جذبا للانتباه من برنامج "ومينوميكس" لشينزو آبي الراحل.
من السهل على الشركات اليابانية تلبية المتطلبات من خلال ضم مديرة غير تنفيذية إلى مجلس الإدارة. لكن إذا كانت جادة في إصلاح السلسلة الهزيلة من كبار المديرات التنفيذيات، فلا ينبغي للإدارات الاكتفاء بمجرد منح إجازة أمومة طويلة يمكن في بعض الأحيان أن تعرقل التقدم الوظيفي. إن العودة إلى العمل ليست كافية، فالموظفون، رجالا ونساء، بحاجة إلى الحصول على فرص عادلة لتطوير مهاراتهم.