رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الاستدامة في ميزانية المملكة

تم إعلان نتائج الميزانية العامة لـ2022 التي تحقق فيها بحمد الله فائض يقدر بـ102 ومليار ريال، في أول ميزانية تحقق فائضا منذ 2013، كما يتوقع أن يحقق 2023 فائضا يقدر بـ16 مليار ريال، علما أن المملكة حققت نتائج استثنائية فيما يتعلق بالنمو المحقق لـ2022، تجاوز التوقعات ليصل إلى 5. 8 في المائة، ويتوقع أن يستمر خلال العام المقبل ليصل إلى أكثر من 3 في المائة، كما توقعت وزارة الاقتصاد أن يحقق الاقتصاد نموا مستمرا في العامين اللذين يليان العام المقبل، حيث تتوقع نمو الاقتصاد بـ5.7 في المائة لـ2024، و4.5 في المائة لـ2025، وهذا بلا شك يجعل الاقتصاد الوطني أكثر استدامة وتفاؤلا خلال الفترة المقبلة، خصوصا مع وجود رؤية واضحة لشكل الاقتصاد إلى 2030، كما أن المعطيات لنتائج ما تحقق خلال الفترة الماضية تعطي تفاؤلا كبيرا لشكل الاقتصاد وجاذبيته للاستثمار ووجود تحولات جوهرية تعزز من فرص تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على مصدر واحد فقط.
يمكن ملاحظة الاستدامة في الموازنة العامة من خلال الاستقرار في مستوى الإنفاق الذي يحقق نجاحا كبيرا فيما يتعلق بكفاءة الإنفاق، حيث يلاحظ على مستوى الإنفاق داخل المؤسسات الحكومية أن هناك نوعا من انتشار الوعي فيما يتعلق بثقافة الإنفاق داخل المؤسسات، وأصبحت النتائج ملموسة لكن هذه النتائج، فيما يتعلق بكفاءة الإنفاق، لم تؤد إلى تقليص الإنفاق الحكومي، بل الإنفاق مستمر فيما يعظم المنافع للاقتصاد الوطني، الذي أشار إليه ولي العهد، "ترتيب أولويات الإنفاق على المشاريع الرأسمالية وفق الاستراتيجيات المناطقية والقطاعية، المتوائمة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 والتوجهات الوطنية، وأنها مستمرة في تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى دعم التنوع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص بتحسين بيئة الأعمال، وتذليل المعوقات، لجعلها بيئة جاذبة، ورفع معدلات النمو الاقتصادي للعام المقبل وعلى المدى المتوسط".
فالإنفاق الحالي واستدامة المستويات الحالية للميزانية الحكومية سيعظم المنافع الاقتصادية ويعزز من فرص النمو الاقتصادي المستقر والمستدام، كما أن برنامج التحول الوطني سيتم ببرامج أكثر سلاسة في ظل استمرار الدعم الحكومي، وسيلاحظ أن كفاءة الإنفاق ستستمر في شكل تصاعدي، ما يعزز فرص تعظيم المنافع التي يمكن أن تتحقق للاقتصاد الوطني والمجتمع من خلال زيادة الإنفاق على المشاريع الرأسمالية التي تظهر نتائجها على المديين المتوسط والبعيد، وتعزز من فرص نمو الاقتصاد ومعالجة مجموعة من الصعوبات الاقتصادية مثل تنويع مصادر الدخل وتخفيض مستوى البطالة وتحسين الظروف الاجتماعية من خلال زيادة فرص الدخل للقوى العاملة الوطنية والإنفاق على البرامج الاجتماعية، خصوصا ما يحقق قيمة مضافة إلى المجتمع مثل قطاع الإسكان وحساب المواطن.
القطاع الخاص وتعزيز فرص النمو له سيكون العنوان الأبرز للفترة المقبلة لتمكين هذا القطاع من الإسهام بصورة كبيرة في النمو الاقتصادي، الذي يعول عليه كثيرا في تنويع مصادر الدخل، حيث تم دعم القطاع الخاص من خلال مجموعة من البرامج تتعلق بالدعم الحكومي الكبير ودعم المشاريع الخاصة بالأفراد، وتعزيز تمكين هذا القطاع من خلال المشاريع الحكومية سواء المؤسسات أو الصناديق الحكومية، مثل صندوق الاستثمارات ومشاريعه الضخمة التي أتاحت فرصا متنوعة وكبيرة وأكثر استدامة للقطاع الخاص، كما أن دعم السوق المالية لضم كثير من الشركات لتكون متداولة في السوق المالية وفق أنظمة الحوكمة، كان له أثر في تعزيز فرص التمويل والتوسع لتلك الشركات وفرص للمواطنين والمستثمرين للاستفادة من مدخراتهم وتعزيز فرص دخول مزيد من الشركات المالية إلى السوق.
من البرامج الوطنية التي يمكن أن تستفيد من الدعم بصورة تصاعدية، برامج البحث العلمي والتطوير والابتكار وفق الأولويات التي أعلنها ولي العهد، وبدعم حكومي يصل إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي قبل نهاية 2040، وهذا يستدعي من الجهات ذات العلاقة بما فيها الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة، أن تعمل على بناء منظومة لتستفيد من هذا الدعم ويمكن للقطاع الخاص أن يشارك في ذلك ويستفيد من الدعم الحكومي وفق الاستراتيجية المعلنة، التي تركز على أربع أولويات رئيسة، "تتمثل في صحة الإنسان، استدامة البيئة والاحتياجات الأساسية، الريادة في الطاقة والصناعة، واقتصادات المستقبل".
الخلاصة، رغم الفوائض الكبيرة في الميزانية الحكومية إلا أنها تسير بمنهجية أكثر استدامة من خلال الاستقرار على مستويات متقاربة للإنفاق مع الاستمرار في تعزيز كفاءته، والإنفاق بصورة أكبر على المشاريع الرأسمالية التي سيكون لها قيمة مضافة عالية على المديين المتوسط والبعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي