السقف السعري للنفط الروسي يحدث ارتباكا في الأسواق .. المتداولون يخشون المخاطرة
استمرت حالة ضعف الأداء في أسواق النفط العالمية، مع تذبذب الأسعار والميل بشكل أوسع إلى التراجع، في وقت أدت فيه مشكلات الطلب على الطاقة في الولايات المتحدة، إلى إضعاف السحب المتوقع من المخزونات.
وتراجعت مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية 5.19 مليون برميل، إلى 413.9 مليون برميل في الأسبوع الماضي، ما يضع المخزونات عند مستوى أقل بنسبة 9 في المائة عن متوسط الأعوام الخمسة لهذا الوقت من العام وعند أدنى مستوى منذ منتصف نيسان (أبريل) الماضي.
وارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، أكثر من 1 في المائة، متعافية من أدنى مستوى لها هذا العام خلال الجلسة السابقة، بينما حدت المخاوف من تباطؤ اقتصادي وضعف الطلب على الوقود، من زيادة المكاسب.
وسجلت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم فبراير 2023 ارتفاعا إلى 78.09 دولار للبرميل، بنسبة 1.19 في المائة. وزاد سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي تسليم يناير 2023، 1.32 في المائة، إلى 72.96 دولار للبرميل.
ويقول لـ «الاقتصادية»، مختصون ومحللون نفطيون، إن تراجع المخاوف من شح الإمدادات العالمية أضاف مزيدا من الضغوط السلبية على الأسعار، خاصة مع تقلص خسائر الإنتاج الروسي بعد تغيير وجهة الصادرات الروسية المنقولة بحرا إلى الأسواق الآسيوية وارتفاع التدفقات إلى الهند لمستوى قياسي بعدما استوعبت البراميل النازحة من أوروبا.
وأوضح المختصون أن الاتجاهات الهبوطية هي الأكثر سيطرة على الأسعار هذه الأيام، وذلك نتيجة تقلص السيولة بعد أن قضى الخامان القياسيان حاليا على جميع مكاسبهما لـ2022، وقد انخفض برنت وخام غرب تكساس إلى أدنى مستوى في عام، كما تنامت معنويات العزوف عن المخاطرة.
ولفتوا إلى أن متداولي شحنات النفط الفعلية يشعرون حاليا بالارتباك بسبب بدء العمل بسقف سعر الخام الروسي ويتساءلون كيف سيعمل السعر الثابت في سوق تتم فيها تداول النفط على أساس متغير وقد ينتهي بهم الأمر عن غير قصد إلى انتهاك الحد الأقصى، معتبرين أن التعامل المادي مع شحنات النفط الخام الروسي سيكون معقدا بدرجة كبيرة. وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن التوتر يسيطر على السوق مع ترقب من جميع المتعاملين معها بسبب استمرار المخاوف المرتبطة بالموجة الهبوطية الحالية، حيث لا توجد رغبة فعلية للمخاطرة لشراء النفط الخام عند مستوى الانخفاض في الوقت الحالي.
ولفت إلى تعثر أسعار النفط الخام حتى الآن في الشهر الأخير من العام وسط توقعات بتسجيل أول انخفاض فصلي متتال منذ منتصف 2019 على أثر قيام البنوك المركزية بتشديد السياسة النقدية حيث أثرت المخاوف بشأن آفاق النمو العالمي بالتزامن مع السوق المادية الضعيفة وتراجع السيولة في دعم حالة ضعف الأسعار.
أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات، فأكد أن السوق النفطية في حالة تقييم تداعيات قيام مجموعة السبع بفرض سقف سعري على صادرات النفط الخام الروسي، في إطار سلسلة من العقوبات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا التي شهدت أيضا بدء حظر تصدير النفط الروسي المنقول بحرا إلى أوروبا بدءا من الأسبوع الجاري.
وعد أن عمليات البيع الأوسع في السوق والمخاوف بشأن مزيد من التضييق النقدي القوي من قبل الاحتياطي الفيدرالي تفوقت على أي تأثير إيجابي من الحد الأقصى للسعر الجديد في مبيعات النفط الروسية، مشيرا إلى أن تجار النفط كانوا في حالة ترقب ليروا كيف سيؤثر سقف سعر النفط الروسي في السوق لكن هذا الإجراء لم يؤثر في الأسعار بعد.
ويضيف أندريه جروسي مدير شركة "إم إم أيه سي" الألمانية، أن ضعف الطلب ومخاوف الركود عادا لتصدر المشهد في أسواق الطاقة، بينما نجد أن التوقعات تذهب إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول ما يزيد من احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة، وبالتالي استخدام أقل للطاقة، وبنسبة انكماش قد تصل إلى 50 في المائة.
وأوضح أن قراءات وضع السوق من قبل البنوك والمؤسسات المالية تشهد كثيرا من التفاوت، لافتا إلى تأكيد بنك ستاندرد تشارترد أن البيانات الاقتصادية الأمريكية السلبية أدت إلى عمليات بيع للنفط ومن ثم تراجع الأسعار بسبب مخاوف الركود بالتوازي مع البيانات الإيجابية الخاصة بتعزيز الدولار التي تضغط على أسعار النفط الخام، وفقا للعلاقة العكسية.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية، إن المعنويات الإيجابية تعززت في السوق النفطية بفعل الآمال في إعادة فتح الصين، مضيفة أن مستهلكي النفط الخام الروسي الرئيسين لم يقترح أي منهم حتى الآن الاشتراك في الحد الأقصى السعري المفروض من جانب مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي.
وذكرت أن السؤال الكبير المطروح في السوق حاليا هو ما إذا كان بإمكان روسيا نقل النفط إلى مستهلكيها الرئيسين - بما في ذلك توفير التأمين الكافي - دون استخدام خدمات الاتحاد الأوروبي أو خدمات مجموعة السبع الأخر، موضحة أن جانب التأمين من المحتمل أن يتسبب في مشكلات كبيرة، ومن المرجح أن ينخفض إنتاج الخام الروسي بمقدار 1.44 مليون برميل يوميا في 2023 بفضل النقص التدريجي في المعدات عالية الجودة، وعدم القدرة على الوصول إلى شركات الخدمات الدولية مع مرور الوقت – وذلك بحسب تقارير دولية.