على بانكمان فرايد أن يشعر بالخجل

على بانكمان فرايد أن يشعر بالخجل

بدا سام بانكمان فرايد حريصا جدا على إيصال رسالة واحدة لنا في الحملة الإعلامية التي بدأها الأسبوع الماضي. مفادها لا يتعلق كثيرا بالاعتراف بفعله أمرا غير أخلاقي أو غير قانوني (أو "دون علم" أساسا)، بل يريدنا أن نعرف أنه يجد نفسه في حالة عاطفية غير مريحة على وجه الخصوص، الإحراج.
قال الرئيس التنفيذي السابق لبورصة العملات المشفرة المنهارة إف تي إكس للصحافي أندرو روس سوركين في مقابلة تم بثها مباشرة من جزر البهاما، "الخطأ الذي أشعر بالحرج الشديد من ارتكابه هو أني استهنت بالحجم الذي يمكن أن يبدو عليه انهيار السوق". كما قال لبودكاست التشفير ذا بلوك، "كنت لا أعلم سوى القليل، بشكل محرج، حول ما كان يحدث". وقال لتيفاني فونج، صانعة محتوى على يوتيوب، "لقد كنت مخطئا في تحويل أرصدة "إف تي إكس" إلى شركة ألاميدا بكميات ضخمة وكبيرة بشكل محرج".
الآن، إن كان على أحد أن يكون لئيما، فلربما أشار إلى أنه أمر مستغرب بالأحرى لشخص يشعر بالحرج الشديد أن يقرر الذهاب في مثل هذه الجولة الإعلامية المكثفة، خاصة وأن محاميه قد نصحوه بعدم الخوض في ذلك. لكن خسارة مثل هذا الجاه قد تؤذي الأنا. بعد كل شيء، هذا رجل كان يقف بسعادة على أغلفة المجلات في حين يطلق عليه لقب "وارن بافيت التالي" منذ وقت قريب في آب (أغسطس).
مع ذلك، لست متأكدة ما إذا كان الشعور بالحرج يقلل من وطأة ما حدث حين نتحدث عن خسارة ما يصل إلى ثمانية مليارات دولار، خسارة ما يصل إلى مليون دائن لأموالهم، وإمبراطورية تشفير منهارة بقيمة 32 مليار دولار يحقق فيها المدعون الجنائيون بتهمة الاحتيال المزعوم على نطاق واسع (وهو ما ينفيه بانكمان فرايد).
أحد المشاعر التي لم أر بانكمان فرايد يتحدث عنها هي الخجل. هناك فرق كبير بين الحالتين العاطفيتين، الشعور بالحرج يعني القلق من أننا كشفنا خطأ عن بعض الجوانب غير الجذابة أو السلبية من أنفسنا للعالم الخارجي. الشعور بالخجل، من ناحية أخرى، يتضمن الإدراك غير المستحب بأننا فعلنا شيئا خاطئا أو يستحق اللوم من الناحية الأخلاقية.
إن مشاعر الإحراج لدى بانكمان فرايد هي مخاوف بشأن صورته وليست بشأن تصرفاته الخاطئة، وبالتالي فهي محايدة من الناحية الأخلاقية. إذا كان يتحدث عن شعوره بالخجل، فهذا يدل على أنه كان يتحمل نوعا من المسؤولية الأخلاقية عما بدر منه. بدلا من ذلك، فإن ادعاءاته بالإحراج هي ببساطة نوع من ادعاء الفضيلة العاطفي، دون أي نوع من العبء الأخلاقي الثقيل الذي يأتي مع تحمل المسؤولية.
"يرتبط الخجل بشعور أن ما يفعله المرء، أو فعله، أو ذاته يهدد القيم التي يتبناها"، حسبما قال لي فابريس تيروني، أستاذ الفلسفة في جامعة جنيف. "الإحراج يظهر بشكل مشاعر أكثر سطحية، وبالتأكيد ليست مشاعر أخلاقية".
لا يبدو أن بانكمان فرايد يفتقر إلى الشعور بالخجل فحسب، بل يكاد يبدو مزدريا للذين يشعرون بمشاعر أخلاقية معقدة. في بعض الرسائل المسربة على "تويتر" بينه وبين كيلسي بايبر الصحافية من "فوكس"، انتقد زملاءه السابقين قائلا، "جاري خائف، نيشاد يشعر بالخجل والذنب". كما أخبر بايبر أن الذين يشرفون على إجراءات إفلاس "إف تي إكس"، "يحاولون حرق كل شيء وتدميره بدافع الخزي". لحسن حظ ضميره، يقول بانكمان فرايد "العالم ليس أبيض وأسود دائما".
لحق بالخجل سمعة سيئة في الأعوام الأخيرة - مثلا، جادلت الفيلسوفة مارثا نوسباوم بأنه شعور "بدائي" يعني "الرغبة في الاختباء من إنسانيتنا"، وأنه "يعيق التقدم الأخلاقي للمجتمع". بالفعل، فإن نوع الخجل الذي نشعر به تجاه الأمور الخارجة عن إرادتنا لا يبدو صحيا أو مفيدا.
لكن تيروني يجادل بأنه حتى عندما نشعر بالخجل مما لسنا مسؤولين عنه، فهذا لا يعني أن المشاعر نفسها سلبية. بدلا من ذلك، ربما تساعدنا في التركيز على أنواع القيم التي يجب أن نتبناها.
يبدو أن الافتقار التام للشعور بالخجل هو ما أدى إلى انهيار "إف تي إكس" الفظيع. لو أحس بانكمان فرايد بأن هناك ما هو أكثر من صورته على المحك، فهل كان ليتصرف بتهور إلى هذا الحد؟
في حين قد يكون عدم خجل عالم التشفير فظيع على وجه الخصوص، فإن المشكلة متجذرة أكثر من ذلك. مع غياب الوازع الديني، أصبح من الصعب الاتفاق على مجموعة من القيم المشتركة، وإيجاد الطريقة الصحيحة للتعامل مع الانتهاكات - سواء مع الآخرين أو مع أنفسنا. لكن يجب علينا فعل ذلك. إن الإحراج ضعيف للغاية ليصبح عاقبة عاطفية.

الأكثر قراءة