لماذا قد لا تدرج اللحوم المستزرعة على قائمة الطعام؟
حققت اللحوم المصنعة مخبريا تقدما كبيرا منذ 2013، عندما مول المؤسس المشارك لشركة جوجل، سيرجي برين، إنتاج أول لحم برجر مصنوع من خلايا اللحوم المستزرعة خارج الحيوانات. كانت قطعة البرجر هذه، التي كلف صنعها نحو 330 ألف دولار، قد أثارت شهية المستثمرين للحوم المستزرعة وأكدت التصورات أن إمكانات التكنولوجيا ستوفر طرقا لإنتاج الطعام للعالم بطريقة أكثر ملاءمة للمناخ.
بعد ذلك بسبعة أعوام، أصبحت سنغافورة أول دولة تبيع اللحوم المصنعة مخبريا - وهي قطع الناجتس المكونة من مزيج من الدجاج والبروتينات النباتية - لرواد المطاعم والمتسوقين. بعد ذلك بعام، استطاع القطاع أن يجذب 1.9 مليار دولار من رأس المال المغامر. الآن تم تجاوز عقبة أخرى، وهذه المرة في الولايات المتحدة. أعلنت إدارة الغذاء والدواء الشهر الماضي أنها انتهت من "الاستشارات قبل الطرح في السوق" بشأن الدجاج المصنع مخبريا، ولم تثر أي مخاوف تتعلق بالسلامة مع شركة أبسايد فودز المصنعة لها. لكن لا تزال وزارة الزراعة الأمريكية بحاجة إلى إجراء عمليات تفتيش قبل منح الموافقة، لكن الطريق إلى تقديم السلعة تجاريا يبدو أكثر وضوحا الآن.
مع ذلك، ما زالت الأسئلة الرئيسة حول جدوى التكنولوجيا قائمة، بما في ذلك تقبل المستهلكين لها والتكلفة والجوانب العملية لتوسيع نطاق الإنتاج المخبري. كما أن المراقبين أيضا غير متأكدين إلى أي مدى ستصبح البروتينات من غير اللحوم، مثل التوفو، عرفا غذائيا جديدا.
يقول البروفيسور توم ماكميلان من الجامعة الزراعية الملكية في سايرنسيستر في إنجلترا، الذي يقود مشروعا لتقييم النتائج عن تأثر المزارعين البريطانيين إذا تمت الموافقة على اللحوم المصنعة مخبريا، "لقد رأينا بالفعل تحولا كبيرا بعيدا عن لحوم الأبقار والضأن إلى الدجاج". كما يتوقع ماكميلان أن تستمر حالة الابتعاد عن اللحوم، لكن "الإشكال الأكبر هو إلى أي مدى سيكون هذا التحول نحو الأطعمة النباتية وكم ستلعب اللحوم المستزرعة دورا في ذلك". باختصار، قد تكون هذه الصناعة المستقبلية متجهة نحو اختبار واقعي غير مستساغ.
إن اللحوم المزروعة في المختبرات هي مثال على "الزراعة الخلوية" التي يمكن استخدامها لإنتاج بروتينات اللحوم والحليب والبيض، وكذلك العسل والجلود. في حالة اللحوم، تتضمن العملية أخذ الخلايا الجذعية عن طريق خزعة من حيوان متبرع وتغذيتها في "مفاعل حيوي" لتنمو بعدها وتصبح خلايا عضلية ودهنية. يحاكي المفاعل الحيوي الظروف التي تنمو فيها الخلايا بشكل طبيعي، ما يوفر سائلا من المغذيات يتم التحكم في درجة حرارته و"سقالة" لتمكين الخلايا المتكاثرة من استنساخ نسيج طبيعي. بهذا يصبح الشكل النهائي للمنتج ورائحته وطريقة طهيه ومذاقه مشابها للحم الحقيقي. في حقيقة الأمر، تعد هذه اللحوم حقيقية، حيث تختلف عن المنتجات النباتية المصممة لتبدو مثل اللحوم.
من مزايا اللحوم المصنعة مخبريا هي الميزة البيئية، على الرغم من أن المقارنات محل خلاف لأن زيادة الإنتاج تعني استهلاكا كثيفا للطاقة. تقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن نحو 15 في المائة من مجمل انبعاثات غازات الدفيئة التي يتسبب بها البشر ناتجة عن الماشية العالمية، ومعظم ذلك تتسبب به الماشية التي تتم تربيتها من أجل اللحم البقري ومنتجات الألبان. تتطرق مسألة اللحوم المستزرعة أيضا إلى رعاية الحيوان والمخاوف الصحية، فغالبا ما توصف بأنها دون ذبح وغير ملوثة بالمضادات الحيوية والهرمونات والأمراض مثل السالمونيلا وأي كولاي.
لكنها ليست رخيصة الثمن. يشير تحليل نشر هذا الشهر في مجلة "الزراعة وبحوث الغذاء" إلى أنه، حتى مع زيادة حجم الإنتاج، سيكلف إنتاج اللحوم المستزرعة نحو 63 دولارا للكيلو الواحد. لاحظ القائمون على التحليل، في جامعة ولاية أوكلاهوما، أن أسعار الجملة للكيلوجرام الواحد من لحم الخنزير لـ2021 كانت أقل من أربعة دولارات وكانت أكثر بقليل من ستة دولارات للحم البقري. خلصوا إلى أن هذه الصناعة الناشئة "أمامها طريق طويل قبل أن تعمل وتحقق عائدا مقبولا على الاستثمار".
كما أنها تجرب حظها في وقت تحوم حول اللحوم سمعة سيئة. نصحت لجنة إيت-لانسيت لـ2019 بتقليص الإنتاج حتى من الدجاج والأسماك. نحو 4 في المائة من المستهلكين في المملكة المتحدة نباتيون تماما، بينما يتبع 7 في المائة منهم نظاما شبه نباتي. إذا كان اللحم المنتج تقليديا يفقد جاذبيته، فإن البدائل التي يتم إنتاجها في المختبر تواجه عائقا إضافيا يتمثل في اعتبار أنها غير طبيعية.
ليس هناك شك في أن مستقبل الغذاء يمر بإعادة صياغة من قبل قوى كبيرة، من خلال الديموغرافيا، مع توقعات بأن يبلغ تعداد سكان العالم عشرة مليارات نسمة بحلول 2050 وزيادة الطلب من الطبقة الوسطى الآخذة في الازدياد في مناطق مثل أمريكا اللاتينية، وعن طريق اعتبارات استخدام الأراضي والمناخ والتنوع البيولوجي، وعن طريق تغيير النصائح الغذائية، ومن خلال ظهور المستهلكين المهتمين بالصحة والمراعين للبيئة.
إن حصة اللحوم المستزرعة أو الأطباق الهجينة على مائدة العالم هي محل جدل إلى حد كبير.