أسئلة شائكة تواجه ثاني أكبر اقتصاد حضري في العالم
إيريك آدامز، عمدة نيويورك البارع في التعاطي مع الإعلام، أثار عاصفة الأسبوع الماضي بتعهده نقل المرضى النفسيين من شوارع المدينة إلى المشافي، على أساس غير طوعي.
يثير التشرد والجريمة قلقا متزايدا في "التفاحة الكبيرة - نيويورك"، ويمكن ربط كلاهما بمشكلات الصحة العقلية غير المعالجة. إذا كانت خطوة آدمز الجديدة هذه ستجعل الشوارع أكثر أمنا – مع التشديد على كلمة "إذا" – سينقل التحدي لمدن مثل سان فرانسيسكو وسياتل، حيث المشكلات أشد سوءا.
لكن بينما تكون هذه المشكلات الظاهرة مثل التشرد هي محط تركيز العمدة، توجد مشكلات أخرى أقل ظهورا، وهو سؤال لا بد أن يقلق آدمز. خاصة مستقبل اقتصاد نيويورك – وقوتها العاملة.
أثناء إغلاقات كوفيد - 19 رحل كثير من السكان الأثرياء والأعمال التجارية إلى مواقع منخفضة الضرائب مثل فلوريدا المشمسة، ما أضعف قاعدة الضرائب المحلية تماما في الوقت الذي ارتفعت فيه متطلبات الإنفاق. تم سد الفجوة المالية جزئيا – أو، بدقة أكبر، إخفاؤها – بمساعدة فيدرالية. منذ ذلك الحين، عادت بعض (ليس كل) الطيور المهاجرة، أعيد فتح المكاتب، وانتعشت الإيجارات السكنية، واكتظت الفنادق.
لكن إشغال المكاتب ظل أقل مما كان عليه قبل الجائحة ويبدو من غير المحتمل أن يصعد إلى مستويات ما قبل كوفيد. يقدر أكاديميون في كليتي الأعمال في جامعتي نيويورك من قيمة عقارات مكاتب نيويورك تقلصت بواقع 50 مليار دولار.
واجه آدمز بالتالي المشكلات نفسها كأي قائد مدينة آخر منذ بدأت الجائحة، هل يمكن لنيويورك أن تصبح مستدامة ماليا بمكاتب نصف مملوءة؟ وماذا عن قوتها العاملة؟
الأخبار الجيدة هي أن المدينة تبدأ بالمزايا الكبيرة (بعيدا عن أنها تعرف بالتهور والصخب). يطرح ذلك تقرير أخير من شركة ماكينزي أعدته لمكتب العمدة، تملك المنطقة ثاني أعلى اقتصاد لمنطقة حضرية في العالم، تسبقها طوكيو فقط. بلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد أكثر من 150 ألف دولار – أعلى من أي مدينة أخرى في أمريكا باستثناء لوس أنجلوس.
كما أن عدد السكان الذين يحملون شهادات علمية أكبر من مدن الولايات المتحدة الأخرى، ولدى نيويورك تقليد قديم بجذب حشود من المهاجرين الطموحين – ثلث القوة العاملة مولود في الخارج. بينما يغلب المهاجرون على الخدمات الطبية، فهم يشكلون أيضا ما يقارب نصف العاملين في قطاع العقارات وثلث الموظفين الماليين.
الأهم من ذلك، المدينة معتادة على إعادة تشكيل قاعدتها الاقتصادية. في بداية القرن، كانت أعلى الوظائف أجرا هي التي في مجال المالية. اليوم، وفقا لتقرير حديث من مكتب العمدة، يعد قطاع التكنولوجيا أكبر محرك لنمو الوظائف مرتفعة الأجر، ونيويورك هي الثانية من حيث الحجم بعد وادي السيليكون. لم تعد "وول ستريت" هي السائدة.
لكن الأخبار السيئة هي أن المناخ الأوسع يتحول الآن. انخفضت القوة العاملة منذ 2019 بنسبة 4 في المائة ـ تناقض شديد مع العقود السابقة. يعود سبب ذلك جزئيا إلى النزوح بسبب الجائحة، لكن مشاركة القوة العاملة كانت تنخفض حتى قبل كوفيد.
علاوة على ذلك، تحسب شركة ماكينزي أن هناك 900 ألف شخص تدفقوا على المدينة بين 1991 و2011، بينما كان هناك 52 ألفا قد تدفقوا خارجها منذ ذلك الحين. نعم، لقد قلت ذلك بشكل صحيح، في المدينة التي كتب فيها لين مانويل ميراندا "المهاجرون – نحن ننجز المهمة"، انعكس تيار المهاجرين. أشار ميراندا الأسبوع الماضي إلى أن هذا الأمر أحزنه، كونه يعد الهجرة مصدرا للقوة حقا.
لكن مشكلات العمل الأوسع تثير القلق بالقدر نفسه. تتوقع ماكينزي أنه بحلول 2030، ستكون الأتمتة دمرت 350 ألف وظيفة في نيويورك، في قطاعات دعم المكاتب والمطاعم. كما تتوقع موجة أكبر من إيجاد الوظائف في مجال الصحة، والتكنولوجيا، والقانون، والأعمال. لكن المشكلة تكمن في أن الفئة الثانية من الوظائف الجديدة المحتملة تتطلب تدريبا وتعليما – بينما لا تتطلب السابقة ذلك. لذا يبدو مستقبل "التفاحة الكبيرة" منقسما بشكل خطير، سيكون هناك قريبا فائض من الوظائف ذات الأجور الكبيرة لأصحاب المهارات العالية (كثيري التنقل)، بينما يعاني أصحاب الوظائف منخفضة الأجر وذوو المهارات المتواضعة.
يشير هذا إلى أن المدينة تحتاج إلى إعادة تدريب قوتها العاملة بالمال العام أو من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص، أو كلاهما. بدأت المشاريع لكنها لا تزال صغيرة. وبينما كان مايكل بلومبيرج، العمدة السابق، بارعا في بناء الشراكات مع الأعمال، وماهرا في الإنجاز، يبدو آدمز أضعف في هذا الصدد حتى الآن.
إضافة إلى ذلك، تواجه نيويورك أزمة مالية متضخمة. أعلن فريق آدمز أخيرا أنه سيكون هناك عجز في الميزانية يتجاوز 13 مليار دولار في الأعوام الثلاثة المقبلة، وسط انخفاض 7.7 في المائة في إيرادات الضرائب من الدخل الشخصي والضرائب ذات الصلة هذا العام. إنهم على حق في خفض الإنفاق استجابة لذلك، لكنهم لا يستطيعون التخفيض كثيرا دون التأثير في البنية التحتية – ولا يمكنهم الضغط على السكان الأثرياء أو الأعمال لزيادة الضرائب دون إثارة نزوح أكبر إلى أماكن مثل فلوريدا.
لذلك تمثل نيويورك – كما في كثير من الأحيان من قبل – ليس واجهة أمريكا فحسب، بل نموذج مصغر لتحدياتها. بعد الإغلاقات، قد ينمو اقتصادها وتزداد الروح الريادية، لكن يبدو من المرجح أن تزداد الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية سوءا.
إذا استطاع آدمز تحسين هذا، سيرتقي على المسرح السياسي القومي لأمريكا، وإن لم يفعل، ستواجه "التفاحة الكبيرة" مزيدا من المحن.