بيانات أمريكية تتراجع بالنفط 3 % .. مخاوف من مسار تشديد السياسة النقدية
تراجعت أسعار النفط بنحو 3 في المائة أمس بعد تراجع أسواق الأسهم الأمريكية على أثر بيانات قطاع الخدمات الأمريكي، التي أثارت مخاوف من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يواصل مسار تشديد سياسته النقدية الصارم.
واستمرت السوق في حالة ترقب لآلية تطبيق حظر الاتحاد الأوروبي على إنتاج النفط الروسي، في حين بقيت تداعيات سقف مجموعة السبع غير مؤكدة.
وأشار لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إلى أن "أوبك +" - بحسب بيانها الختامي - فضلت المحافظة على حصص إنتاج المجموعة في الوقت الحالي، حيث تبنت المجموعة موقف الانتظار والترقب وسط توقعات تواصل ضبابية سوق النفط.
وفسر المحللون القرار بأن خفض الحصص بمقدار مليوني برميل يوميا عن مستويات أكتوبر الماضي سيظل ساريا حتى تتضح تداعيات عقوبات الاتحاد الأوروبي على واردات الخام الروسية ويصبح سقف سعر مجموعة السبع أكثر وضوحا.
وذكروا أنه بحسب تأكيدات ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي، فإن روسيا ستعيد توجيه إمداداتها النفطية إلى "شركاء موالين وموضع ثقة وغير مشاركين في السقف السعري" أو ستخفض إنتاجها.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية "إن السوق النفطية تستمد بعض التفاؤل من توقعات تخفيف الصين بعض قيود الإغلاق في الأيام الأخيرة بعد الاحتجاجات على مستوى البلاد، ما سيؤدي إلى تعزيز الطلب على النفط والوقود قريبا".
ولفت إلى أن "أوبك +" واثقة بنجاح سياستها، ولذا "وجدناها لأول مرة تؤجل الاجتماع التالي إلى ما بعد ستة أشهر لاحقة وتحديدا في 4 يونيو المقبل"، لكنها لم تلغ حالة الجاهزية لعقد اجتماعات طارئة في حال الضرورة، إضافة إلى الحفاظ على اجتماع لجنة المراقبة الوزارية التي تشارك في رئاستها السعودية وروسيا، حيث تنعقد في أول فبراير المقبل لمراجعة أوضاع السوق وربما التوصية باجتماع طارئ لـ"أوبك +".
من جانبه أكد ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة أن مجموعة "أوبك +" قامت بتأجيل الاجتماع الوزاري إلى يونيو المقبل، لكنها في الوقت نفسه طمأنت السوق إلى استعدادها لاتخاذ إجراءات إضافية فورية لمعالجة تطورات السوق ودعم توازن سوق النفط واستقرارها، وذلك إذا لزم الأمر.
وأشار إلى تقرير وكالة "بلاتس" الذي يعد صورة الإمدادات النفطية غامضة بشكل متزايد مع تصعيد الغرب إجراءاته العقابية ضد موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، مبينا أنه مع وجود سقف سعر يبلغ 60 دولارا للبرميل أعلى من أسعار الخام الروسي "الأورال" الحالية يتوقع بعض مراقبي السوق أن تستمر الصادرات الروسية في التدفق على نطاق واسع كما كان من قبل مع تأثير ضئيل في عائدات موسكو النفطية، لكن السقف السعري يحقق هدف مجموعة السبع، الذين يرغبون في الحفاظ على السوق العالمية جيدة الإمداد.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، "إن قرار أوبك + أخذ في الحسبان الانخفاض المتوقع في الطلب الصيني والعلامات على الركود المحتمل في الدول المستهلكة الرئيسة"، موضحا أن روسيا لن تقبل قرار تحديد سقف سعري للنفط الروسي والسوق في حالة ترقب للإجراءات المقابلة من الحكومة الروسية التي تتجه إلى حظر بيع نفطها لأي جهة تشارك في تطبيق السقف السعري.
وذكر أن فرض هذا السقف سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار ونقص موارد الطاقة وانخفاض الاستثمار بسبب ما سمته روسيا "مخالفة شروط السوق".
وأشار إلى وجود بوادر إيجابية داعمة لنمو الطلب خاصة مع بدء السلطات الصينية تخفيف بعض ضوابط إغلاق فيروس كورونا بعد أسابيع من احتجاجات المواطنين المتزايدة، لكن مراقبي السوق يرون أن الطريق ما زال طويلا على الأرجح حتى تحقيق انتعاش اقتصادي كامل. بدورها، أوضحت ليزا إكسوي المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة أن القرار باستمرار خفض الإنتاج هو الأنسب للمرحلة الراهنة، حيث إن معظم أعضاء "أوبك +" يقفون بالفعل عند حد أقل بشكل كبير من أهدافهم الإنتاجية بسبب العقوبات أو نقص الاستثمار أو الاضطرابات الداخلية.
وأشارت إلى تأكيد "أوبك +" أن قرار فرض سقف أسعار النفط الروسي لم يناقش في الاجتماع الوزاري، لافتة إلى أن قرار تمديد الخفض يعكس صعوبة التنبؤ بمتغيرات العرض والطلب في الأشهر المقبلة، مبينة أن اجتماعات "أوبك +" ستتقلص من الآن فصاعدا، ما يشير إلى أن السياسة الحالية ستظل ثابتة. وفيما يخص الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 2.18 دولار، أي 2.6 في المائة، إلى 83.39 دولار للبرميل بحلول الساعة 18:23 بتوقيت جرينتش، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.28 دولار، أي 2.9 في المائة، إلى 77.70 دولار للبرميل.
وقبل خسائرهما، ارتفع الخامان القياسيان في وقت سابق بما يزيد على دولارين للبرميل.
وتعافى نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة على نحو غير متوقع في نوفمبر مع زيادة فرص العمل، وفر مزيدا من الدلائل على الزخم الأساس في الاقتصاد، بينما يستعد لركود متوقع في العام المقبل.
وتسببت هذه الأنباء في تراجع أسواق النفط والأسهم. وخيبت تلك البيانات الآمال في أن يبطئ البنك المركزي الأمريكي وتيرة وشدة ارتفاع أسعار الفائدة وسط إشارات في الآونة الأخيرة على انحسار التضخم.
وفي دعم للسوق، اتفقت "أوبك +"، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء من بينهم روسيا، الأحد على التمسك بالاتفاق الذي توصلت إليه في أكتوبر، المتمثل في خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا بداية من نوفمبر 2022 وحتى نهاية 2023.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 83.97 دولار للبرميل الجمعة مقابل 84.39 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق، وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 81.52 دولار للبرميل.