قادة الشركات الأوروبية ينظرون إلى النصف الممتلئ من الكأس

قادة الشركات الأوروبية ينظرون إلى النصف الممتلئ من الكأس

أثارت أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية، إلى جانب ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، مخاوف من حدوث تراجع اقتصادي في منطقة اليورو هذا الشتاء. لكن توني رويز، الرئيس التنفيذي لشركة الأزياء الإسبانية مانجو، قال "إن المبيعات تثبت أن المتشائمين على خطأ".
"بعد شهور وأعوام من كوفيد، يريد الناس ملابس جميلة وأنيقة. لقد سئم الناس الملابس الكلاسيكية. لذا ما رأيناه هو إقبال كبير"، كما قال رويز لـ"فاينانشيال تايمز".
انتعشت المعنويات في جميع أنحاء المنطقة. انخفاض معدلات البطالة، وزيادة الدعم المالي من الحكومات، وانخفاض أسعار الطاقة عن ذروتها في آب (أغسطس)، وخريف معتدل ساعد على إبقاء مرافق تخزين الغاز ممتلئة خلال الصيف قريبا من طاقتها الاستيعابية، كلها عوامل حسنت التوقعات.
قال أنطونيو سيميس، رئيس قسم أعمال أوروبا في بنك سانتاندر في إسبانيا، في مؤتمر الأسبوع الماضي "أنا قلق كأي شخص آخر، لكن أنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس بشكل أكثر".
حتى في ألمانيا، حيث تضررت المصانع بشدة جراء ارتفاع تكاليف الطاقة بسبب انخفاض الإمدادات من روسيا، هناك دلائل على وجود مزاج أكثر تفاؤلا بحذر بين الشركات.
قال كلاوس دويتش، رئيس قسم الأبحاث والسياسات الاقتصادية والصناعية في اتحاد الأعمال الألماني بي دي آي، "لقد صمد الإنتاج في معظم القطاعات الصناعية وقطاعات الخدمات بشكل جيد للغاية على الرغم من صدمة أسعار الطاقة. هناك تأخير كبير في الطلبيات، لذلك لا يزال هناك بعض العمل الذي يتعين فعله حتى إذا انخفض الطلب".
من جهته، قال اتحاد بي دي آي لـ"فاينانشيال تايمز"، "إنه كان متشائما للغاية"، ومن المرجح في كانون الثاني (يناير) أن يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد الألماني 0.9 في المائة هذا العام من أيلول (سبتمبر). انتعش مؤشر مؤسسة ايفو لثقة الشركات الألمانية من 84.5 في تشرين الأول (أكتوبر) إلى 86.3 في تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما وجد مركز الأبحاث، مقره ميونيخ، أيضا أن ثلاثة أرباع الشركات التي تستخدم الغاز في الإنتاج قد خفضت استهلاكها دون خفض الإنتاج.
لا يزال معظم الاقتصاديين يتوقعون أن تنزلق منطقة اليورو إلى ركود معتدل - يعرف بأنه ربعان متتاليان من انخفاض الإنتاج - ويحذر محافظو البنوك المركزية من أنه سيتعين عليهم رفع تكاليف الاقتراض مرة أخرى في كانون الأول (ديسمبر).
لكن بعد النمو المرن في الربع الثالث 0.2 في المائة في الكتلة المكونة من 19 دولة، هناك دلائل على أن كثيرين ربما بالغوا في تقدير العبء على الإنفاق الاستهلاكي والإنتاج الصناعي جراء التضخم المرتفع وقللوا من شأن التحفيز من رفع قيود كوفيد - 19.
ارتفع الإنفاق على البيع بالتجزئة 0.4 في المائة في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي الأوسع بين أغسطس وسبتمبر، بينما ارتفع الإنتاج الصناعي 0.9 في المائة في الفترة نفسها، رافعا كلا المقياسين أعلى من مستويات ما قبل الجائحة.
أظهر مسح الاتحاد الأوروبي الشهري للشركات والأسر، الذي نشر الأسبوع الماضي، أن المعنويات الاقتصادية ارتفعت أكثر من المتوقع إلى أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر. ارتفعت ثقة المستهلكين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، حيث أصبح الناس أكثر استعدادا لإجراء عمليات شراء كبيرة، بينما توقعت شركات الخدمات ارتفاع الطلب وأصبحت المجموعات الصناعية أكثر تفاؤلا بشأن توقعات الإنتاج.
كما أن أعضاء مؤشر داكس الألماني للشركات الكبرى في طريقهم لدفع توزيعات أرباح قياسية في الربيع المقبل، وفقا لبحث نشرته صحيفة الأعمال "هاندلسبلات" الأسبوع الماضي.
لم تخرج القوة الصناعية في منطقة اليورو من الحرب الروسية - الأوكرانية سالمة. انخفض الإنتاج في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والمعرضة بشكل خاص لارتفاع أسعار الغاز والطاقة، كالكيماويات والورق والزجاج. لكن هذه القطاعات لا تمثل سوى 4 في المائة من الناتج الاقتصادي الألماني، وتمكن كثير من الشركات من تعويض الضربة عبر رفع الأسعار.
على الرغم من انخفاض تكاليف المواد الخام لشركة مانجو أخيرا، قال رويز "إنه يتوقع أن يظل التضخم مشكلة لسلسلة الأزياء لمدة عامين أو ثلاثة أعوام أخرى"، مشيرا إلى أنها تشهد ارتفاعات حادة في تكاليف الموظفين والإيجار والكهرباء في متاجرها البالغ عددها 1700 متجر حول أوروبا.
حذر مسؤول تنفيذي في مجموعة ألمانية كبيرة من أن الأسر ما زالت لم تشهد التأثير الكامل للزيادة في تكاليف الطاقة. كما أشار إلى أن المستهلكين سيشترون المنتجات التي تم إنتاجها في سبتمبر، عندما كانت تكاليف الطاقة لا تزال قريبة من مستويات قياسية عالية، في آذار (مارس) 2023.
لكن حتى فيما يتعلق بالتضخم، كانت هناك بعض الأخبار السارة. يبدو أن نمو الأسعار الاستهلاكية قد بلغ ذروته، مع انخفاض التضخم من مستوى قياسي مرتفع بلغ 10.6 في المائة من بداية العام حتى أكتوبر إلى 10 في المائة في نوفمبر.
في فرنسا، خفت المخاوف بشأن أسعار الطاقة، التي تفاقمت خلال أزمة الوقود في أكتوبر عندما أضرب عمال المصافي. أصبح قادة الشركات أكثر تفاؤلا بشأن التوقعات للمرة الأولى منذ تموز (يوليو)، وفقا لمسح شمل أكثر من 600 رئيس شركة نشره اتحاد غرفة التجارة في البلاد "سي سي آي فرانس" الأسبوع الماضي.
وجد "سي سي آي فرانس" أن سجلات الطلبات الجيدة في قطاع البناء وفي صناعات أخرى، إلى جانب تخفيف الاختناقات في بعض سلاسل التوريد للمكونات وخفض تكاليف المواد الخام للمدخلات كالفولاذ، كل ذلك أدى إلى إثارة التحول.
من جانبه، قال اتحاد التجارة الصناعية الإيطالي كونفيندستريا "إن الإنتاج قد صمد بشكل جيد في قطاعي التصنيع والخدمات، رغم توقف قطاع البناء". لكن جزءا من نظرة الاتحاد التشاؤمية تم تأجيله حتى العام المقبل. من المرجح أن يكون التباطؤ الناجم عن "ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض السيولة بسبب ارتفاع فواتير الخدمات" في 2023.
اتفق آخرون على أن الشتاء المقبل سيكون قاسيا. قال رولف هيلرمان، رئيس قسم المالية في شركة النشر الألمانية بيرتلسمان "إننا نشهد مؤشرات على التحسن التدريجي. لكن إمدادات الغاز في ألمانيا وزيادة المخزون قد تكونان أكثر صعوبة العام المقبل مما كان في 2022، بالنظر إلى تدفقات أقل بكثير من روسيا".

الأكثر قراءة