الحرس القديم يتنفس الصعداء .. سعيد بانهيار «إف تي إكس»
طغى حضور سام بانكمان فرايد وبورصته، إف تي إكس للعملات المشفرة، على التجمعين الرئيسيين هذا العام لرابطة صناعة العقود الآجلة "إف آي أيه" في الولايات المتحدة.
ففي آذار (مارس)، سرق بانكمان فرايد الأضواء في مدينة بوكا راتون في فلوريدا المشمسة، أثناء تبادله أطراف الحديث مع نجوم البيسبول، واعدا إياهم بأنه سيحدث ثورة لن تغير العملات المشفرة فحسب، ولكن أيضا الأسس التي بنيت عليها الأسواق المالية العالمية.
ومع أول تساقط للثلج في فصل الشتاء، خلال معرض إف آي أيه إكسبو في شيكاغو الشهر الماضي، تم على عجل تغطية اسم بورصة إف تي إكس الذي كان مكتوبا على لوحات تضم أسماء الجهات الراعية للمعرض ـ كانت مطبوعة قبل أن تنهار المجموعة وتعلن إفلاسها.
انهيار البورصة السريع أحرج كثيرا من المديرين التنفيذيين الذين كانوا بحسب وصف أحد وسطاء العقود الآجلة، "مفتونين" بهذه الشركة الناشئة. لكن من الناحية العملية قد يكون فشل البورصة مفيدا للعديد من الأعضاء في صناعة العقود الآجلة.
هذا الخبر هو الأحدث في سلسلة من الأخبار التي وصفت بالإيجابية لمصلحة مزيد من البورصات التقليدية والوسطاء ومجموعات التكنولوجيا التي تعمل معها، حتى أن بعضهم قال إن الصناعة الآن في أفضل حال منذ عقود.
خطط بانكمان فرايد كانت تهدد بالتخلص من الوسطاء - المعروفين باسم "تجار العمولات الآجلة" - الذين يضمنون أن المستثمرين يملكون ما يكفي من الضمانات لدعم مراكزهم، كما أن دورهم أساسي لنماذج الأعمال في البورصات مثل "سي إم إي" وبورصة مجلس شيكاغو للخيارات "سي بي أوه إي".
ومع تداعيات انهيار بورصة إف تي إكس، سيكون من الصعب على أي شخص آخر أن يحدث تغييرا في هذه التركيبة. قال جيري كوركوران، الرئيس التنفيذي لشركة آر جيه أوه برايان: "ما جرى دليل على أن المقترحات لم تكن مدروسة جيدا. النموذج الحالي قوي للغاية (...) بحيث يمنع العدوى من الانتشار".
وبصفته رئيسا لأكبر شركة مستقلة لتجارة العمولات الآجلة، لكوركوران مصلحة في انتقاد خطط بورصة إف تي إكس، غير أن التعليقات الصادرة عن كبار المنظمين المشاركين في المؤتمر تشير إلى أنهم يميلون إلى الموافقة على انتقاداته.
كريستي جولدسميث روميرو، من لجنة تجارة السلع الآجلة، قالت إن "كثيرا من المخاوف الكبيرة" كانت تساورها حتى قبل انهيار البورصة، وحذرت من أنه "في حال ظهور (شركات أخرى تحاول التغيير) في المستقبل، فأنا لا أؤيد هذا التنظيم المصمم حسب الطلب".
ويعتقد مسؤولون تنفيذيون في البورصات القائمة أن الدعوات إلى تنظيم أكثر وضوحا للعملات المشفرة سيجلب النفع للشركات التي تتمتع بخبرة أكبر ـ مثل شركاتهم ـ في التعامل مع الهيئات الرقابية أكثر من الشركات الناشئة في مجال العملات المشفرة.
كانت البورصات القائمة مزدهرة حيث أدى تقلب السوق إلى زيادة الأحجام. وتفوقت كل من "سي بي أوه" و"إي وسي إم إي" وإنترناشونال إكستشينج وناسداك على توقعات المحللين في الربع الثالث.
وتسعى لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى إجراء إصلاحات شاملة في أسواق الأسهم لتسهيل تنافس البورصات مع مجموعات التداول خارج البورصة، مثل سيتاديل سيكيوريتيز وفيرتشيو فاينانشال. وستكون التفاصيل النهائية عرضة للتغيير، لكن "الفكرة الرئيسية تناسب البورصات كثيرا"، كما قال أحد كبار التنفيذيين.
هذه الإيجابية ستنعكس على شركات تجارة العمولات الآجلة والموردين، مثل مجموعة ترايدنج تكنولوجيز للتكنولوجيا المالية، التي قال رئيسها التنفيذي، كيث تود: "خلال أكثر من 20 عاما أمضيتها في الصناعة، لا أعتقد أننا كنا في وضع أفضل من هذا – من حيث تقلب السوق، وارتفاع أسعار الفائدة، وكل تلك الديناميكيات تعني أن جميع عملائنا يجنون كثيرا من المال (...) الأرباح الوفيرة تعني زيادة الاستثمار".
لكن ينبغي للتنفيذيين ألا يجرفهم الحماس. فالصناعة لا تزال تواجه تحديات، وكان أداء أسعار الأسهم هذا العام في أحسن الأحوال متفاوتا. ففي حين انخفض مؤشر ناسداك و"سي بي أوه إي" دون مستوى عموم السوق، تراجعت كل من "سي إم إي" وإنترناشونال إكستشينج نحو 20 في المائة.
حقيقة أن هيئة الأوراق المالية والبورصات تحاول جعل الفرص متكافئة للجميع، تؤكد المعاناة التي مرت بها البورصات للاحتفاظ بحصتها في السوق في الأعوام الأخيرة. فعديد منها اتجه إلى التنويع في شركات جديدة أكثر عرضة للانكماش الاقتصادي، مثل تحول شركة آي سي إي نحو تكنولوجيا الرهن العقاري. وعلى الرغم من أن ذلك كان مفيدا لها إلى حد كبير حتى الآن، إلا أن التقلبات الكبيرة مفيدة للتداول إلى أن يحدث العكس.
مثلا، تسبب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في صدمة دراماتيكية لأسواق السلع الأساسية، ما جعل البورصات تزيد متطلبات الهامش بشكل متكرر. ولا يتوقع المحللون في سيتي بنك أن يتعافى النشاط بسرعة.
كذلك أثارت أزمة الطاقة تساؤلات حول التوازن بين إدارة المخاطر وخسارة تحول الشركات إلى منافذ تداول أخرى.
قال أحد تجار العمولات الآجلة في بنك كبير: "زيادة الهوامش 17 مرة تجعلك تتساءل عما إذا كانت المستويات صحيحة في المقام الأول. إذا لم تأخذ (البورصات) الصفقات، فسيتم إنجازها بشكل أقل شفافية في مكان آخر (...) ما يقلقني هو الموقف الذي يتنافس فيه الناس من خلال تحمل المخاطر، بدلا من التنافس على التسعير أو المنتج".
بعد هيمنتها على أجواء المؤتمرات القليلة التي انعقدت في الآونة الأخيرة، قد يكون في انهيار بورصة إف تي إكس فائدة مضافة لبقية القطاع.
قال تاجر العمولات الآجلة: "العملات المشفرة في الواقع صغيرة جدا ضمن المشتقات. أنا سعيد لأننا نستطيع البدء بالحديث عن الصناعة مرة أخرى (...) ربما في المؤتمر المقبل على الأقل".