مقاطع الفيديو الأداة الأسرع نموا في عالم الإعلان الرقمي

مقاطع الفيديو الأداة الأسرع نموا في عالم الإعلان الرقمي

مقاطع الفيديو على الإنترنت منتشرة في كل مكان، على بعد بضع نقرات فقط على هاتفك الذكي، وتصعب مقاومتها. لا ينطبق هذا على المستهلكين فحسب، بل حتى على الشركات التي ترغب في بيع منتجاتها لهم. النتيجة هي أن مزيدا من أموال الدعاية ينفق على مقاطع الفيديو على الإنترنت، ويتدافع مسؤولو التلفزيون والسينما والترفيه ليأخذوا حصتهم من الحدث.
بحسب شركة أومديا لأبحاث التكنولوجيا، شركات التكنولوجيا الأربع الكبرى، "ألفابت" و"أمازون" و"ميتا" و"أبل"، ستستولي هذا العام على 68 في المائة من الإيرادات التي تبلغ نحو 500 مليار دولار التي يتوقع أن تحققها الشركات، باستثناء الموجودة في الصين، من الإعلانات على شبكة الإنترنت.
التسويق بالفيديو هو القطاع الأسرع نموا في عالم الإعلان الرقمي المزدهر، وتقدر "أومديا" أن مزيدا من الأموال سينفق على حملات التسويق بالفيديو، أكثر من تلك التي تظهر مع المقالات النصية أو في نتائج البحث بحلول 2025.
قالت ماريا ماسالسكيس، كبيرة المحللين للتلفزيون والفيديو والإعلان في "أومديا"، "على مر التاريخ، حين كنت تفكر في شركات الإعلام الكبرى القائمة على الفيديو، فإنك تفكر في محطات البث".
وأضافت "لكنها الآن صغيرة مقارنة بشركات مثل يوتيوب وفيسبوك، والجزء الأكثر أهمية في هذه القصة هو مدى ضخامة (الشركتين الأم) جوجل وميتا مقارنة بالشركات التلفزيونية الكبيرة".
تشتهر شركات الإنترنت الأربع الكبرى بما يسمى حدائق البيانات المسورة، وهي نظمها البيئية الواسعة لكن المغلقة على الخدمات التي غالبا ما تتاح مجانا. تتيح لها هذه الحدائق إنشاء ملفات تعريف فريدة لأنماط حياة المستخدمين وعاداتهم، يمكنها بيعها للمعلنين.
لم تتعزز هيمنتها في هذا المجال إلا من خلال التحول الأخير لكل من الهيئات التنظيمية ونظرائها من الشركات إلى سياسات تراعي الخصوصية أكثر. من ضمن هذه الإجراءات صدور القانون الأوروبي العام لحماية البيانات "جي دي بي آر" ومنع ملفات تعريف الارتباط، حزم البيانات التي تمكن المعلنين وغيرهم من تتبع المستخدمين عبر مواقع الويب، على المتصفحات بما في ذلك "سفاري" من "أبل" و"جوجل كروم".
مثال واضح على اعتماد المعلنين سابقا على ملفات تعريف الارتباط يأتي من "فيسبوك" نفسها، التي قالت في تموز (يوليو)، "إنها لا تزال في المراحل الأولى من اكتشاف كيفية مواجهة تغيير الخصوصية التي أجرتها (أبل)، التي بدورها كلفت (فيسبوك) منذ العام الماضي أكثر من عشرة مليارات دولار على شكل خسائر في الإيرادات".
تقول كيلي باريت، نائبة الرئيس الأولى لإدارة المنتجات في شركة كومسكور للتحليلات "نعيش بالفعل في خضم عالم خال من ملفات تعريف الارتباط الآن"، مضيفة أنها "تنصح العملاء بجمع ما يسمى بيانات الطرف الأول دون تأخير".
تشرح باريت "في المصادقة، مثلا ـ مرحبا، قبل أن نعرض لك هذا المحتوى، هل تمانع أن تخبرنا عن هويتك قليلا؟ ـ وعند زيارته موقع الويب مرة أخرى، تعرف من يكونون مسبقا".
في الولايات المتحدة، أكبر سوق للإعلانات في العالم، تستثمر شركات الإعلام التقليدية الآن مبالغ طائلة في توطيد علاقات أوثق مع عملائها، كما ذكرت باريت، وهو تحول على الجهات الصغرى أن تحسن إدارته.
تحذر ماسالسكيس من أن "شركات الإنترنت والتلفزيون تتنافس الآن على دولارات الإعلانات نفسها"، حيث تجني "فيسبوك" الآن أموالا من إعلانات الفيديو أكثر من أي جهة بث، ما يدل على قيمة بيانات الطرف الأول عندما يتعلق الأمر بالتسويق.
بيد أن ماسالسكيس تلاحظ أن "فيسبوك" و"يوتيوب" تواجهان منافسة شديدة من منصة الفيديو سريعة النمو "تيك توك". في الشهر الماضي، أبلغت "ميتا"، الشركة الأم لـ"فيسبوك"، عن انخفاض في الإيرادات في الربع الثالث، في حين أعلنت "يوتيوب" عن انخفاض إيرادات الإعلانات. وفقا لتوقعات "أومديا"، بحلول 2027 ستتجاوز إيرادات "تيك توك" من الإعلان إيرادات "ميتا" و"يوتيوب" مجتمعة.
تضيف ماسالسكيس "ليس الأمر وكأن محطات البث مكتوفة الأيدي ولا تفعل شيئا". سارعت جهات البث مثل "ديزني" و"إن بي سي" و"آي تي في" في المملكة المتحدة إلى إطلاق كل من مواقع البث ومنصات شراء الإعلانات التي تسهل على الشركات الصغيرة والمتوسطة الوصول إلى مشاهديها.
تحاول "بلانت في"، مركز إعلانات "آي تي في" الذي تم إطلاقه في 2020، التنافس مع "جوجل" و"فيسبوك" من خلال استهداف الشركات الصغيرة التي تشكل جزءا كبيرا من المعلنين الجدد، التي تنجذب عادة إلى منصات التكنولوجيا الكبيرة.
"ما يعني أنه أصبح بإمكان الشركات الصغيرة شراء الإعلانات بسهولة على آي تي في، دون الحاجة إلى مقابلة مندوب مبيعات"، كما يقول ماثيو بيلي، المحلل في "أومديا".
لكن لا يزال المفتاح للنجاح في قطاع الإعلان على الإنترنت هو بناء نظام كبير ومغلق. "ديزني"، مثلا، تجمع بيانات عن عملائها أثناء تنقلهم بين خدمات البث والمنتجعات والرحلات البحرية. تقول ماسالسكيس "إن ديزني لديها معلومات كثيرة عن مستخدميها، لذلك هي في موقف قوي".
بيل ستراتون، رئيس قسم الترفيه والإعلان الإعلامي في شركة سنوفليك للتكنولوجيا الإعلانية، يشير إلى أن محطات البث التقليدية لا تزال تتمتع بنفوذ "مثلا إتش بي أو وديزني لديهما جوائز إيمي وجوائز أوسكار وملكية فكرية قوية، هذا أمر جذاب للغاية للعملاء والمعلنين".
بدأت "سنوفليك"، التي تأسست قبل عشرة أعوام ـ من بين عملائها "ديزني" و"إن بي سي يونيفرسال" ـ في الأعوام الأخيرة في تشغيل ما يسمى غرف البيانات النظيفة، وهي نوع من منصات التكنولوجيا الإعلانية التي ازدهرت منذ بدء الإزالة التدريجية لملفات تعريف الارتباط. فهي تسمح للشركة بتحميل بيانات الطرف الأول ومطابقتها مع البيانات من مصادر أخرى، ما يتيح استهدافا أفضل للمستهلكين بطريقة تعدها الصناعة متوافقة مع الخصوصية.
وفقا لستراتون، النظام الجديد أفضل للمعلنين، يقول "كانت مشكلة ملفات تعريف الارتباط تتمثل في فقدان الإشارة دائما، لأن المستخدم سيمسح ذاكرة التخزين المؤقت على جهازه، في حين بيانات الطرف الأول تبقى أطول".

الأكثر قراءة