أسواق النفط في مواجهة عوامل متشابكة .. اجتماع «أوبك +» والحظر الأوروبي و«صفر كوفيد»
تواجه أسواق النفط عوامل متشابكة خلال الأيام المقبلة، تحدد اتجاه الأسعار حتى نهاية العام الجاري وما بعده، وفي مقدمتها اجتماع وزراء الطاقة في تحالف "أوبك +" الأحد المقبل لتحديد مستوى الإنتاج، ويليه في اليوم التالي بدء قرار الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على إمدادات الخام الروسية المنقولة بحرا، إضافة إلى تطورات سياسة "صفر كوفيد" الصينية التي تعزز حالة عدم اليقين، وتؤثر سلبا في المعنويات وتؤجج مزيدا من التقلبات.
وتتمكن الصين والهند حاليا من شراء الخام الروسي بخصم يصل إلى 40 في المائة بينما فشل الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في ختام الأسبوع الماضي في الاتفاق على حد أقصى لسعر النفط الخام الروسي، حيث عد عديد من الأعضاء، أن النطاق المقترح بين 60 و70 دولارا للبرميل مرتفع للغاية، بينما تستعد روسيا للعمل على صياغة مرسوم رئاسي من شأنه أن يمنع شركاتها وأي متداولين من بيع النفط لأي جهة تشارك في تحديد سقف للأسعار.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، إن حالة من النفور من المخاطرة في أسواق السلع الأساسية سادت وسط احتجاجات في الصين على سياسة القيود الصارمة التي تنتهجها السلطات بشأن قيود كوفيد، مشيرين إلى أن خام برنت خسر نحو 10 في المائة من قيمته خلال أسبوع واحد.
وأشاروا إلى تزايد التكهنات في السوق بأن وزراء الطاقة في تحالف "أوبك +" قد يفكرون في خفض آخر للإنتاج عندما يجتمعون الأحد المقبل، بينما يستمر الجدل حول السقف السعري للنفط والغاز الروسيين الذي لم يتم الاتفاق عليه والإعلان عنه من جانب الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع.
وفي هذا الإطار، يوضح الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن مجموعة عوامل متشابكة ستحدد وضع السوق في الأسبوع المقبل وأبرزها ما سيتمخض عنه اجتماع وزراء الطاقة في "أوبك +" وكيفية تطبيق الحظر الأوروبي وسقف أسعار النفط الروسي ورد فعل موسكو عليهما، إضافة إلى تطورات الوضع الوبائي في الصين وارتباطه الوثيق بمخاوف ضعف الطلب على الأقل في المدى القصير.
وأشار إلى التزام "أوبك +" بتحقيق التوازن في سوق النفط، وتوقعات خفض الإنتاج التي تتصدر المشهد مجددا بسبب معاناة الطلب على النفط في ظل الاحتجاجات الصينية وتباطؤ الاقتصادات في أماكن أخرى.
أما جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا فيرى، أن تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ كانون الأول (ديسمبر) 2021، قد يدفع إلى تقليص جديد في المعروض النفطي لدعم الأسعار ومن ثم دعم الاستثمارات النفطية، مشيرا إلى أن الجميع يترقب حاليا كيف سيؤثر الحظر المفروض في الخام الروسي في التدفقات التجارية والأسعار.
وأوضح أن إضافة خفض جديد إلى خفض مليوني برميل يوميا، قد يكون ضرورة من وجهة نظر المنتجين في ظل اتساع مخاوف الركود والتباطؤ في الطلب العالمي على النفط، مشيرا إلى أن تحالف "أوبك +" ينظر دائما إلى أنسب آليات دعم أساسيات السوق.
من جانبه، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، إن الطلب العالمي رغم الرياح الدولية العكسية، ما زال صامدا، مشيرا إلى تأكيد شركة "ريستاد إنرجي"، أن تأثير عمليات الإغلاق الأخيرة المحتمل في طلب الصين للنفط قصير الأجل ولا سيما في مجال النقل من المرجح أن يكون طفيفا.
وأشار إلى أنه في المقابل يتوقع بنك "ستاندرد تشارترد" تباطؤ نمو الطلب على النفط في 2023 وازدياد مخاطر هبوط النمو في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حتى في حالة إعادة فتح الصين.
وتضيف، مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، أن حظر النفط الروسي المنقول بحرا إلى أوروبا سيبدأ الإثنين المقبل، بينما حظر المنتجات النفطية، خاصة الديزل، سيبدأ ابتداء من 5 شباط (فبراير) المقبل مشيرة إلى بقاء روسيا إلى حد بعيد أكبر مورد خارجي منفرد للاتحاد الأوروبي، ما يعني أن المشترين يواجهون أزمة حادة ما لم يتمكنوا من الحصول على مزيد من البراميل من أماكن أخرى لسد الفجوة.
وأكدت أن أبرز المستوردين لشحنات الديزل من روسيا: فرنسا وألمانيا وبولندا، وذلك يدفع أوروبا إلى مواجهة ضغوطا واسعة للتوصل إلى إمدادات بديلة، في المقابل نجحت روسيا في التوصل إلى أسواق جديدة لصادراتها خاصة في آسيا، مشيرة إلى أن إجمالي شحنات المنتجات النفطية الروسية في تشرين الثاني (نوفمبر)، في طريقها لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ بدء التدخل في أوكرانيا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أكثر من دولارين خلال تعاملات أمس، وسط مؤشرات على نقص المعروض وتراجع الدولار والتفاؤل بانتعاش الطلب الصيني.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 2.34 دولار أو 2.82 في المائة إلى 85.37 دولار للبرميل بحلول الساعة 14:55 بتوقيت جرينتش. وزاد أكثر عقود خام برنت نشاطا لشباط (فبراير) 3.04 في المائة إلى 86.81 دولار.
كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي زيادة 2.43 دولار، أو 3.11 في المائة لتصل إلى 80.63 دولار.
وتلقت أسعار النفط الخام الدعم من مؤشرات بانخفاض مخزونات النفط الخام الأمريكية بنحو 7.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 25 نوفمبر، وفقا لمصادر السوق نقلا عن أرقام معهد النفط الأمريكي. وزادت مخزونات البنزين بنحو 2.9 مليون برميل، في حين ارتفعت مخزونات نواتج التقطير بنحو 4.0 مليون برميل، بحسب المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 83.42 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 79.93 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق وأن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 86.2 دولار للبرميل.