التقلبات السعرية تلقي بظلالها على السوق النفطية .. ترقب لاجتماع "أوبك +" وحظر الخام الروسي
توقع محللون نفطيون، استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد خسائر قياسية لثلاثة أسابيع على التوالي، نتيجة تجدد قيود الإغلاق في الصين لتكثيف جهود مكافحة الجائحة بالتزامن مع تعثر اتفاق الاتحاد الأوروبي على فرض سقف سعري على مبيعات النفط الخام الروسي.
ويستعد وزراء الطاقة في تحالف "أوبك +" لعقد اجتماع حاسم جديد الإثنين المقبل لتدارس خطة خفض الإنتاج المطبقة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري التي تقضي بتقليص المعروض النفطي بنحو مليوني برميل يوميا، كما يترقب السوق بدء تطبيق الحظر الأوروبي على الواردات النفطية الروسية المنقولة بحرا يوم 5 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وخفض بنك "جولدمان ساكس" الدولي توقعات الطلب الصيني بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا لهذا الربع مع عودة ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا وتجدد الإغلاق لعدد من المدن الحيوية، بينما ذكر بنك ستاندرد تشارترد أنه إذا رأى وزراء "أوبك" صعوبات الإمدادات الروسية في الاتجاه الصعودي وتعثر الطلب العالمي فقد تكون هناك حاجة لخفض إنتاجي استباقي جديد.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، إن تحالف "أوبك +" أمام اتخاذ قرار صعب في الاجتماع المقبل وسط الوضع المتقلب والمتوتر في السوق النفطية، مشيرين إلى افتراض شركة "كوميدتي أنسيتس"، أن الحصص سيتم تغييرها في الاجتماع المقبل، كما لا يمكن استبعاد خفض آخر في مستوى الإنتاج الجماعي للتحالف.
وأضاف المحللون أن الاستراتيجية المثلى لوزراء طاقة تحالف "أوبك +" قد تكون هي الاستمرار في الأهداف الحالية في الاجتماع المقبل وانتظار معلومات أكثر ثباتا عن الإمدادات الروسية.
ويقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة، إن حالة عدم اليقين والتقلبات السعرية تلقيان بظلالهما بشكل مستمر على السوق النفطية، خاصة بعدما أشارت أحدث بيانات كل من وكالة الطاقة الدولية و"أوبك" عن العرض والطلب على النفط إلى بقاء إنتاج "أوبك" على الوضع الراهن.
ولفت إلى حيرة مراقبي سوق النفط بشأن الإشارات، فيما يخص الخطوة التالية لسياسة "أوبك +" وسط تباين في وجهات النظر بين كل من وكالة الطاقة الدولية ومنظمة "أوبك" وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية حول مستوى الإمدادات النفطية الملائم للربع الأول من العام المقبل.
من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، إن أسعار النفط الخام أقرب إلى عودة الارتفاع، خاصة بعدما استبعدت "أوبك" الموافقة على أي زيادة محتملة في الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا، ما أدى إلى انخفاض العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 5 في المائة إلى أدنى مستوى في عشرة أشهر.
وأوضح أن مطالبات المستهلكين بزيادة الإنتاج ما زالت مستمرة وتسبق كل اجتماع وزاري لتحالف "أوبك +"، لافتا إلى دعوة إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية "أوبك" لضخ مزيد من النفط في النصف الأول من العام المقبل، كما اقترحت وكالة الطاقة الدولية زيادة محدودة، مشيرا إلى أن الضغط الدولي يعد التحدي الأكبر أمام خفض إنتاج "أوبك +"، لافتا إلى أن الحفاظ على الوضع الراهن في الوقت الحالي قد يكون المسار المفضل لعمل التحالف.
من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن "أوبك +" تواجه تحديات واسعة في الاجتماع الوزاري الأسبوع المقبل، ويجب أن تواصل مهمتها المستمرة في تقدير حجم الإنتاج المطلوب من دول التحالف لموازنة العرض والطلب العالميين على النفط الخام في الربع الأول من العام المقبل، مستبعدا قيام المنظمة وحلفائها بتغيير سياسات الإنتاج السابقة بعد أن بدأوا في خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا في نوفمبر الجاري.
وأضاف أن بيانات وكالة الطاقة الدولية و"أوبك" لا تريان مجالا كبيرا لتعديل سياسات الإنتاج، مع ظهور تغير طفيف في الطلب على النفط الخام على أساس ربع سنوي، لافتا إلى تقديرات وكالة بلاتس الدولية التى تشير إلى أن العرض يفوق الطلب بنحو 2.5 مليون برميل يوميا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى توقعات ضعف الطلب الناتج عن الانكماش الاقتصادي العالمي وإغلاق الصين لفيروس كورونا.
بدورها، تقول أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، إن التقلبات السعرية هي نتاج عدم وضوح الرؤية في السوق بسبب عدم معرفة الدرجة التي سيصل إليها العرض الروسي من السوق، بعد بدء العقوبات في 5 ديسمبر المقبل، وتأثير سقف السعر الذي تفرضه مجموعة السبع، إضافة إلى مراقبة ومتابعة توقيت ومدى سرعة تعافي الطلب الصيني.
وأشارت إلى توقعات صادرة عن "ستاندرد آند بورز جلوبال" تنبه إلى توقف الإنتاج الروسي نتيجة معوقات التصدير الجديدة ليبلغ ذروته عند 1.5 مليون برميل يوميا في الربع الأول من العام المقبل، لافتة إلى أن الصين تواصل إرباك حسابات المضاربين على ارتفاع أسعار النفط الذين يتوقعون انتعاش الطلب على النفط.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، استقرت العقود الآجلة للنفط على انخفاض الجمعة 25 نوفمبر متخلية عن المكاسب المتواضعة التي احتفظت بها معظم اليوم، واختتمت الأسبوع بانخفاض بنحو 5 في المائة، وهو ثالث انخفاض أسبوعي على التوالي.
وتراجعت أسعار النفط الخام بشكل حاد في نوفمبر، ويعزى الضعف جزئيا إلى خيبة الأمل بشأن استمرار قيود الصين بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث واصلت الدولة وهي واحدة من أكبر مستهلكي الطاقة في العالم فرض قيود تهدف إلى احتواء انتشار الفيروس.
وانخفض سعر النفط الخام في الشهر الأول لثلاثة أسابيع متتالية، متراجعا أكثر من 17.6 في المائة في هذه الفترة، ويعد هذا أكبر انخفاض صاف لمدة ثلاثة أسابيع منذ الأسبوع المنتهي في 27 آذار (مارس) 2020، وفقا لبيانات السوق من "داو جونز".
وقال كريج إيرلام كبير محللي السوق في شركة Craig Erlam، "يبدو أن عمليات الإغلاق في جميع المدن الصينية الكبرى باستثناء الاسم تظهر في محاولة للسيطرة على الحالات القياسية، التي ستؤثر بشكل كبير في النشاط الاقتصادي مرة أخرى وبالتالي على الطلب.
وقال، "المسألة الآن تتعلق بمدة استمرارها، لكن من الواضح أن حماس المستثمرين تجاه تخفيف قيود فيروس كورونا كان سابقا لأوانه بعض الشيء".
وتحرك البنك المركزي الصيني الجمعة لتقديم بعض التحفيز للاقتصاد، وخفض كمية الودائع التي يتعين على البنوك وضعها جانبا ووفر الإجراء 500 مليار يوان (69.91 مليار دولار) من السيولة.