رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


السوق المالية وجاذبيتها للاستثمارات المتوافقة مع الشريعة

لا شك أن السوق المالية السعودية اليوم ضمن أهم الأسواق العالمية، ويأتي العمل على زيادة عمقها من خلال زيادة رؤوس أموال الشركات القائمة وتوسع أنشطتها ونمو عوائدها وقيمتها في السوق، ولعل أكثر ما سيؤدي إلى زيادة عمق السوق هي الطروحات الجديدة في السوق، سواء لشركات قائمة تستفيد من ميزة وجودها في السوق المالية "السوق الرئيسة أو الموازية"، أو كانت هذه شركات حكومية أو شبه حكومية أو شركات للقطاع الخاص التي أصبحت تسهم اليوم بصورة أكبر في الاقتصاد المحلي، سواء بنمو الناتج المحلي، أو بتوفير الوظائف في السوق السعودية، أو بتوفير السلع والخدمات والمنتجات الوطنية.
السوق المالية في المملكة خطت خطوات مميزة في مختلف المجالات بما في ذلك انضمامها إلى مؤشرات الأسواق الناشئة، وانضمام بعض الشركات السعودية إلى تلك المؤشرات بصورة مستمرة تنمو بشكل تدريجي مستفيدة من النمو في السوق، واهتمام جهات التصنيف العالمية بها، وهذا كله يصب في مصلحة السوق عموما وهذه الشركات خصوصا.
تتميز السوق المالية في المملكة بأنها أكثر الأسواق التي يمكن أن تكون جاذبة للاستثمارات المتوافقة مع الشريعة باعتبار أن معظم الأسهم، باستثناء عدد يسير جدا، مصنفة على أنها متوافقة مع الشريعة، كما أن البيئة العامة سواء التشريعية أو التنظيمية أو الخدمات عموما وطبيعة السوق وعمل الشركات، كل ذلك يدعم أن تكون هذه الشركات أكثر انضباطا بالمعايير الشرعية وسلامة أعمالها تأتي في الأساس من طبيعة السوق في المملكة والمعايير التنظيمية التي تجعل هذه الشركات أكثر انضباطا، ولذلك من خلال التمعن في المعايير العامة الخاصة بسلامة الشركات من الأعمال التي تؤدي إلى تصنيفها غير متوافقة مع الشريعة، نجد أنها جزء من المعايير التنظيمية والتشريعات الخاصة بالنظام العام في المملكة، ويبقى الاستثناء من ذلك محدودا جدا، ولذلك فإن المعايير الخاصة بالسلامة في الأغلب موجودة في معظم الشركات في السوق السعودية والاستثناء أقرب إلى النادر.
كما أن السوق المالية، ولتعظيم الاستفادة من تدفق الاستثمارات على المتوافق منها مع الشريعة، ولتحقيق الحوكمة والانضباط فيما يتعلق بالشركات في السوق، ولتوحيد الجهود في هذا المجال، وتعزيز الشفافية للسوق بما يعزز من تدفق الاستثمارات سواء من المستثمرين الأفراد أو الشركات والصناديق الاستثمارية والأوقاف والمؤسسات الخيرية، شكلت لجنة متخصصة فيما يتعلق بالمعايير الشرعية، ومن مهام اللجنة كما جاء في موقع تداول، "سيعمل أعضاء اللجنة على وضع ضوابط عامة موحدة لفحص الشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وسيتم اعتماد هذه الضوابط من قبل الهيئات الشرعية للمؤسسات الأعضاء في اللجنة. علاوة على ذلك، ستتولى اللجنة الإشراف والموافقة على قائمة الشركات المدرجة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية على أساس دوري. وكما يمكن أن تقوم شركة تداول السعودية باستشارة اللجنة من وقت إلى آخر بشأن بعض المنتجات والخدمات التي تقدمها شركة تداول السعودية". وهذا من شأنه الحد من تشتيت المستثمر بسبب تعدد الآراء واختلافها وصعوبة متابعة التحديثات لكل جهة تعمل على وضع معايير خاصة بها، كما أن أعضاء اللجنة من الخبرات الكبيرة في السوق المالية ولهم تجربة عمل في القطاعات المالية المختلفة وعملوا مع أبرز العلماء في الهيئات الشرعية، ما يجعل من نتائج عملهم وقراراتهم أكثر موثوقية، واجتهادهم أقرب إلى الدراسة والتمحيص وجمع لمختلف الآراء والوصول إلى أفضل النتائج.
هذا العمل الكبير سيجعل السوق المالية السعودية السوق الأهم فيما يتعلق بالاستثمارات المتوافقة مع الشريعة، ليس ذلك فقط فيما يتعلق بتدفق الاستثمارات، بل حتى في جذب الشركات المتوافقة مع الشريعة لطرح اكتتاباتها وتداولها في السوق، ولا شك أن هذا تطور كبير يعزز من الفرص لنشاط وحركة السوق بصورة كبيرة ويزيد من كفاءتها في ظل عدم الاعتماد على الفردية في القرارات والآراء رغم أهميتها وفائدتها، لكن وجود حوكمة فيما يتعلق بالمعايير والقرارات سيكون له أثر كبير فيما يتعلق بالموثوقية.
الخلاصة، إن السوق المالية السعودية ومع التطورات الكبيرة التي تحققت خلال الفترة الماضية بما في ذلك زيادة عمق السوق، وطرح الشركات الجديدة، وتنوع الخيارات في السوق، ووجود لجنة شرعية تشرف على المعايير الخاصة بالشركات وتقدم بشكل دوري ومحدث القوائم للشركات المتوافقة مع الشريعة، سيعزز من جاذبية السوق للاستثمارات المتوافقة مع الشريعة، بل ستكون شركات مهتمة بأن تكون طروحاتها متداولة في السوق المالية السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي