رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


رحلة التحول .. زادها النفط «2»

عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق، أن رحلة تحول الطاقة هي رحلة طويلة وشاقة لا تحفها الورود للوصول إلى الأهداف المرجوة المتعلقة بالاستدامة والتغير المناخي، وأضفت أنه من غير الموضوعية وليس من الحكمة وضع وصفة موحدة لتحول الطاقة لجميع الدول، لكون إمكانات هذه الدول متباينة، ولكل دولة من هذه الدول ظروفها الخاصة الاقتصادية والتقنية والبيئية والسياسية.
تحول الطاقة الحقيقي والموضوعي - في اعتقادي - لا يعني أبدا تقويض صناعة النفط والاستثمار فيها من تنقيب واستكشاف وتطوير، بل يجب أن يحقق التكامل الفاعل بين جميع مصادر الطاقة المختلفة دون استثناء، برفع كفاءة إنتاجها واستهلاكها، ما سينعكس إيجابا على الإنسان والبيئة بتوازن وبلا تطرف، فالعلاقة ليست تفاضلية إذا ما نظرنا إلى الموضوع بصورة شمولية لا تغفل البعد الاستراتيجي لأهمية هذه المصادر في أمن الطاقة العالمي.
في اعتقادي، أن النموذج السعودي في التعاطي مع ملف الطاقة وأمنها وكذلك ما يخص البيئة والمناخ، هو النموذج الأجدى والأكثر موضوعية. وفي هذا المقال، سأسلط الضوء على أهم الإجراءات المتخذة والخطط المرسومة للتعامل مع استدامة الطاقة ومع قضية المناخ. فيما يخص الطاقة واستدامتها وأمنها، فالسعودية مصدر موثوق لها وكانت وما زالت تلعب دورا رئيسا، بل تحمل راية استقرار أسواقها. ولا يسع المقال لسرد بعض من مواقفها التاريخية التي حافظت على استقرار أسواق النفط، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الاتفاق التاريخي مع المنتجين المؤثرين خارج إطار "أوبك" الذي حصد العالم بعض ثماره خلال جائحة كورونا التي هوت فيها الأسعار إلى مستويات تاريخية، حيث هوت أسعار خام برنت إلى نحو 30 دولارا للبرميل، وهبط سعر الخام الأمريكي إلى ما دون الصفر! تستشرف السعودية مستقبل الطاقة بموضوعية وتتعامل مع واقعها بحكمة، فهي تعي يقينا أن إقصاء أو تهميش أحد مصادر الطاقة، والمبالغة في فاعلية بعض المصادر الأخرى ليس حلا، بل تسخر مواردها وخبراتها للوصول إلى المزيج الأمثل من مصادر الطاقة المتعددة مع مراعاة الجانب البيئي بلا شك! ترفع كفاءة استخراج النفط، وتستثمر في العقول والتقنيات لرفع كفاءة استهلاكه، وتسابق الزمن في قطاع الطاقة المتجددة عبر نقل التقنيات والاستثمار فيها، وتنفيذ مشاريع ضخمة ونوعية على أرضها وخارجها.
كما تتحرك بفاعلية لاستغلال مصادر الطاقة الأخرى، وعلى رأسها الطاقة النووية، للأغراض السلمية، وكل ذلك للوصول إلى المزيج الأمثل للطاقة الذي يلبي الطلب المطرد عليها، ويصب في نهضتها وتقدمها الصناعي والمدني. تستشرف السعودية أيضا الدور الحيوي للهيدروجين، حيث تسعى لكي تصبح أكبر مصدر للهيدروجين في العالم، ولديها خطط واعدة في هذا الصدد، وواقع ملموس من خلال الاتفاقيات الدولية مع بعض الدول لنقل التقنيات لهذه الصناعة التي تصب مع غيرها من مصادر الطاقة، لتحقيق أحد أهم أهداف رؤية السعودية 2030، لتشكل الطاقة المتجددة 50 في المائة من مصادر الطاقة فيها. رغم هذا الإرادة السعودية اللافتة التي تصب في مصلحة استدامة الطاقة وأمنها، واستقرار أسواق الطاقة العالمية وعلى رأسها النفط، إلا أنها لم تغفل الجانب البيئي وحمايته، حيث تتعامل مع هذا الملف بجدية وعملية يشار إليها بالبنان، وسيكون المقال المقبل عما تم تحقيقه في هذا الصدد، وعن الخطط والبرامج المستقبلية لذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي